* الرياض - أحمد الحجيري:
عرفنا قبل عدة أيام بأن سوق الأسهم يتمتع بقوة شراء داعمة لمؤشر السوق ومصاحبة لتفاؤلات المتداولين .
عن نتائج الربع الثالث بعد التركيز الذي دام عدة أسابيع على أسهم العوائد حسب ما أعلن لها من نتائج جيدة في النصف الأول مما جعل رواد السوق في حالة من الرفه الفكري نتيجة الثقة العالية بالسوق، في الوقت الذي يصل المؤشر فيه إلى أعلى نقطة بلغت 4563 نقطة لم يسجلها، من قبل في تاريخه واستهل تعامله في بداية هذ الاسبوع بهبوط راكد يحسبه المتعاملون أمراً طبيعياً نتج عن عمليات جني أرباح صحية مساعدة لتعديل مساره واستمر الهبوط إلى تداولات أمس الأول ثم والتها كارثة هبوط أمس التي عصفت بأسهم السوق قويها ورؤيتها لتشمل الغالبية العظمى منها.
ونعلم تماماً بأن قوة السوق تعتمد على قوة المراكز المالية للشركات المساهمة وما تجنيه من أرباح عائدة على الأسهم بشكل دوري محدد ونستطيع من خلاله بأن نقول قوة السوق لا تزال موجودة نظراً لنتائج الشركات القائدة له علماً بأن هذه الشركات لم تصل إلى الحد الأقصى في اسعار اسهمها لو قورنت بنسبة العائد على السهم أي لم تبلغ مرحلة التضخم السعري.
أما فيما يتعلق بوضع التعامل ليلة البارحة فهو حالة خاصة لا تستمر بهذه الصورة حتى لو كان حجمها كبيراً لكن تعتبر صغيرة مقارنة بقوة الصعود التي تزيد على 300 مليار ريال.
ومن المهم جداً أن يكون المستثمر المالي على علم أكيد بعيداً عن الجهل المنحرف خلف تيار الإشاعة بخلاف الملاحظ بشكل يومي حيث يوجد عدد ليس بالقليل من رواد السوق.
هم غير قادرين في الواقع على تصنيف الشركات ومعرفة الخاسرة منها والرابحة وينحرف خلف كميات العرض أو قوة الطلب أو القيمة دون تفكير وليصبح ضحية سهلة في مثل هذا الوقت.
وفي هذا الخصوص التقت «الجزيرة» بعدد من الاقتصاديين حيث ذكر الاستاذ عبدالرحمن اليحيى رئيس قسم الاستثمارات في البنك السعودي للاستثمار بأن أغلب المضاربين في الواقع معتمدون على تسهيلات بنكية لايستطيع أن يتحمل فترة الانخفاض فيأخذ طريق الخلاص بعرض ما لديه حتى لا يقع في مأزق ويعتبر ذلك من ضمن الدوافع المبررة للهبوط الجماعي مؤكداً أن وضع السوق جيد ولا يزال هناك عمليات شد تقلص من حجم الهبوط.وذكر الاستاذ عبداللطيف بن سعد المقرن مستغرباً أحد المستثمرين عما حدث متسائلاً عن أجهزة الرقابة والاشراف المسؤولة عن السوق وعن الشفافية التي كانت غائبة طوال اليوم قائلاً لم نر أي إعلان تطميني على الشاشة يهدئ حالة الهلع التي يمر بها المضاربون لأنه في الواقع المعتمد على تسهيلات البنوك هم الأكثر ضرراً في مثل هذه الأوضاع خاصة أن معظم المتداولين الجدد يعتريهم الجهل وعلى غير دراية كافية فكان من المفترض أن يكون هناك حالة توقف ولو بشكل مؤقت لأنه ليس من السهل أن يتضرر شريحة كبيرة بهذا الشكل يؤدي إلى فقد عدد كبير ثقتهم بالسوق كما كان من المفترض وجود مراقبة متخصصة على الصفقات وعلى تدوير الكميات وعلى الأشخاص الداخلين في السوق وكذلك الخارجين منه حتى يرتفع حجم الضحية كما ان هذا الوضع غير طبيعي ومستحيل بأن أي سوق ينزل إلى هذه النسبة في يوم واحد حتى في أوضاع الحروب لم يصل إلى هذا المستوى ولكن الحالة السيئة هي صادرة من أشخاص معينين ليس من الصعب معرفتهم في السوق من خلال الاجهزة الرقابية لانهم معدودون ومعروفون.
ولكن المتابع للسوق حقيقة يرى أن السوق قائم على مزاد وليس على ارباح شركات وقوتها في الوقت الذي تنخفض فيه اسعار الفائدة وترتفع فيه أسعار النفط مما يدل على قوة الاقتصاد.
وأخيراً التقينا بالاستاذ علي السلوم مدير عام شركة دمستان للاستثمار وأفاد بأن الدور الاشرافي غائب مؤكداً أن أصحاب المحافظ الكبيرة هم الذين ضغطوا وحذر أصحاب المحافظ الصغيرة من الاستسلام لهذه الضغوط لأن السوق قوي والاقتصاد قوي والمدخرات قوية ولكن الحاصل هو مجرد مضاربة وعملية هز لا أكثر ولا أقل خصوصا انه يوجد مستثمرون يجهلون السوق لانهم حديثو الدخول لانه لا يوجد مبرر واضح للهبوط ولا أسباب يمكن أن تغير في مسار السوق وزيادة الشركات الرابحة جيدة ولكنه للأسف هناك مراكز ابحاث استشارية تبحث بطريقة غير صحيحة وتحلل بصورة غير واقعية.وجاء في تقرير لمركز بخيت للاستشارات المالية أن المتابع لسوق الأسهم السعودي يجد أن هناك فجوة معلوماتية عميقة بين المستثمرين وبين تقييم أسهم الشركات المتداولة. وفي الواقع فإن السوق يفتقر إلى توضيح الحقائق والتقارير التحليلية والبيانات والمؤشرات المالية عن الشركات المساهمة وعن آخر المستجدات حولها وهذا يعتبر من واجب البنوك الاستثمارية والوسطاء الماليين كما هي الحال في جميع أسواق المال العالمية الأخرى حيث نفتقد إليهم في سوقنا الحالي.
وقد برزت المنتديات الاقتصادية المختصة بسوق الأسهم السعودي لتغطية هذه الفجوة كتعويض عن النقص في التحاليل الاستثمارية عن السوق، وقد تعشمنا بأن تقوم هذه المنتديات بسد فجوة كبيرة في تثقيف المستثمر، إلا أنه وللأسف فقد كانت سيئات هذه المنتديات أكثر بكثير من حسناتها، وباتت تشكل خطراً على صحة المستثمرين في سوق الأسهم السعودي وذلك في ظل وجود جهل لدى معظم المستثمرين واستغلال هذه المنتديات لتضليلهم وتحقيق مطامع مباشرة للبعض، فالعديد من المستثمرين يتعاملون في عدد من أسهم الشركات السعودية دون أن يكون لديهم أدنى فكرة عن نشاط الشركة وإنما ينساق خلف عدد من «الهوامير» في صالات التداول وبعض المشرفين والعمداء في هذه المنتديات، ولا شك أن في ذلك خطراً كبيراً على مدخرات هؤلاء المستثمرين.
وننصح جميع الاخوة المستثمرين عندما يطلبون المشورة من أي طرف في هذه المنتديات أن يسألوا بتعمق شديد لماذا هذا الرأي؟ وسيتبين لهم بعد ذلك الهشاشة التي بنيت عليها هذه التوصيات.
وهنا نتساءل عن أهمية مدخراتنا واتخاذ القرارات الاستثمارية بشأنها!، فهل يقبل أحدنا عندما يمرض - لا قدر الله - أن يستشفي عند طبيب اسمه «سندباد» لا يعرف من هو وما هي مصداقيته ولا ما هي خبرته ويأتي ليطلب منه العلاج بسبب أن «سندباد» قام بإعطاء أكثر من 23 ألف وصفة «مشاركة» خلال ثلاث سنوات «أي وصفة كل 30 دقيقة على أساس أنه ينام 8 ساعات في اليوم ويأخذ يوم عطلة في الأسبوع»!كلنا نؤكد على مدى أهمية الشفافية والإفصاح عن المعلومات لجميع المستثمرين، ومن هذا المنطلق فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو من يقف خلف هذه المنتديات؟ وهل أصبحت مشاركاتها للتمويه وللمصالح الفردية والإشاعات؟، وكيف للمستثمر إذاً أن يعرف الصالح منها من الطالح؟، وأين الشفافية والمصداقية التي يطالبون بها؟ ومن هم هؤلاء الأشخاص الذين يكتبون فيها وما هي أهدافهم من هذه المنتديات؟ ومن يعين المشرفين عليها؟ ومن يدفع التكلفة المالية لها من أين يتم تمويلها؟ فلا نعرف عنهم سوى هذه الألقاب العجيبة.ولربما الاستثناء الوحيد الذي يمكن التعرف عليه من بين مشرفي المنتديات «الأشباح» كاتب في عدد من الصحف المحلية أعلن عن اسمه صراحة وله منتدى يشرف عليه ويكتب فيه دروباً «لربما يكون الشخص الذي يدير المنتدى ينتحل اسمه ولكن حيث تتم المراسلة معه في الموقع على البريد الإلكتروني نفسه الذي يعلنه في مقالاته الصحفية فهما إذاً الشخص ذاته».إلا أن كتاباته لا يمكن تصنيفها بأنها مقبولة كنصيحة استثمارية، ولا نعرف ما الهدف منها!، وقد دهشنا عندما قرأنا له مقالاً يوم 12 سبتمبر في نحو 30 سطراً بتوقعاته للاتجاه الذي سيسلكه أكثر من 20 سهماً في السوق السعودية للأسبوع التالي!!وأخيراً أعتقد أنه من الواضح أن الضرر الحاصل من هذه المنتديات يمثل أضعافاً مضاعفة من الفائدة المرجوة منها.
|