|
|
النجاح والفوز مطلبان مهمان يسعى لهما كل مدرب ولاعب وإداري وهما حق مشروع لكل مشارك في عملية التنافس الرياضي، ولكن للأسف يركز معظم المنتمين للمجتمع الرياضي كثيراً على تحقيق الفوز مع إهمال أو تجاهل أهمية الوصول للنجاح كهدف للفريق، وهم بذلك وبدون وعي منهم يضيقون دائرة المنافسة ويحدون من مستوى الدافعية الرياضية لدى اللاعبين، مما قد يؤدي إلى تسرب اليأس والاحباط إلى الكثير من الفرق المشاركة خلال فترة مبكرة من عمر الدوري، وزيادة الضغوط النفسية - من قلق واستثارة نفسية - للفرق الأخرى المنافسة على اللقب مع اقتراب نهاية الموسم ومراحل الحسم. أقول هذه الكلمات وأحذر من رفع شعار التركيز على الفوز والفوز فقط مع انطلاقة الموسم الرياضي لهذا العام وبداية رحلة جديدة لفرق الدوري الممتاز لكرة القدم نحو تحقيق أكبر وأهم المسابقات الرياضية محلياً: كأس خادم الحرمين الشريفين في دورتها الثامنة والعشرين، فالنجاح خلال هذه الرحلة يقاس غالباً بتحقيق الفوز على الرغم من اختلاف القدرات المهارية للاعبين والقدرة الفنية للجهازين التدريبي والإداري، ناهيك عن اختلافات الامكانيات المادية المتوفرة لهذه الفرق في ظل العجز المالي الذي تواجهه الأندية.. ونتيجة لهذا التوجه - التركيز على الفوز فقط - ومع ازدياد حدة المنافسة الرياضية واقتراب هذه الرحلة من نهايتها، يبدأ مسؤولو الأندية بالحكم على اخفاق فرقهم، والبحث عن أسباب قد تكون غير واقعية أو موضوعية ويبدأ مع هذا السخط تساقط المدربين والبحث عن مدرب منقذ أو لاعب أجنبي يحمل عصا سحرية، وتبدأ فترة تبريرات الاخفاق بتوجيه التهم للحكام وإلقاء اللوم على الإعلام عند ظهور أزمات الأندية، فلماذا هذا الفهم الخاطئ والممارسة غير المعقولة للتنافس الرياضي؟ فما يحتاجه المجتمع الرياضي في الحقيقة هو تصحيح فهم عملية التنافس الرياضي الشريف وحقيقة الفوز والخسارة وتكوين توجه صحيح نحو هذه المنافسة تركز أساساً على النجاح الرياضي كهدف وليس الفوز في حد ذاته، فعلماء النفس الرياضي يحذرون دائماً من هذه الظاهرة - التركيز على الفوز فقط - وينصحون بتوسيع دائرة الأهداف واعتبار الفوز جزءاً من دائرة تحقيق النجاح في الوصول للأهداف أثناء المشاركة الرياضية التي هي في حد ذاتها وسيلة وليست غاية، فكما أن الفوز مهم فإن هناك أهدافاً أخرى مهمة أيضاً، فعلى سبيل المثال: قد يكون هدف الفريق هو النجاح في التأهل للمربع الذهبي أو عدم الهبوط، أو التنافس الشريف والروح الرياضية بتحقيق جائزة اللعب النظيف، أو تقديم مستويات أفضل أو تحقيق مراكز متقدمة مقارنة بالمواسم السابقة، أو ابراز جيل شاب من النجوم لتمثيل المنتخب في المحافل الدولية أو زيادة عدد مرات الفوز على أرض الفريق أو خفض عدد مرات الخسارة خارج أرض الفريق.. وعلى المستوى الفردي «اللاعبين» قد تكون هذه الأهداف تسجيل أكبر عدد من الأهداف بالنسبة للمهاجمين وتلقي أقل عدد من الأهداف بالنسبة لحراس المرمى، أو عدم الحصول على أي أو أقل عدد من البطاقات الملونة، أو تجنب الاصابة المتعمدة للاعب المنافس.. فالحقيقة التي يجب أن يعيها ويؤمن بها المجتمع الرياضي هو أن هناك فائزاً واحداً فقط بالدوري خلال موسم واحد، ولكن قد يكون هناك الكثير من الفرق واللاعبين والمدربين الناجحين.. بمعنى آخر، فريق واحد فقط سيحقق الفوز في المنافسة الرياضية، ولكن النجاح باب مفتوح للجميع، وما يميز التركيز على النجاح منه على الفوز أيضاً، أن النجاح في تحقيق الأهداف قد لا يتطلب الفوز على فريق أو منافس آخر، ولكن قد يتطلب التغلب على الذات وهذا بدوره قد يؤدي إلى تبني اللاعبين أنماطاً ايجابية للدافعية الرياضية أو اعزاء الفوز أو الخسارة إلى عوامل داخلية تحت سيطرة اللاعب الذاتية وبالتي تزيد من إيمان اللاعب أو المدرب بالقدرة على التغيير في المستقبل. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |