Monday 15th september,2003 11309العدد الأثنين 18 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أسير الموت ليس له فداء أسير الموت ليس له فداء
رحمك الله أيها الشيخ العابد
الشيخ/ عبدالإله بن عبدالعزيز آل فريان/رئيس محاكم الطائف

غيب الموت قبل فجر يوم الخميس 7/7/1424هـ شمساً من شموس الدعوة في هذا البلد الطيب وركنا من الأركان التي يأوي إليها المحتسبون في دولة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر {كٍلٍَ نّفًسُ ذّائٌقّةٍ المّوًتٌ} توفي فضيلة الشيخ العابد عبدالرحمن بن عبدالله بن عبدالرحمن بن صالح آل فريان.
وُلد الشيخ في مدينة الرياض وقبل بلوغه قدمه والده لسماحة الشيخ محمد بن ابراهيم رحمه الله ليدرس عليه فسأل الشيخ والده هل أتم حفظ القرآن؟ فقال لا.. فأوصاه بإكماله ليدرس عنده بعد ذلك فحفظ القرآن كاملاً وعمره ستة عشر عاماً.
قرأ على الشيخ محمد بن ابراهيم رحمه الله كتاب ثلاثة الأصول وكتاب التوحيد والأربعين النووية والآجرومية وقطر الندى وحفظ الألفية ثم بدأ في المطولات في صحيحي البخاري ومسلم واقتضاء الصراط المستقيم لشيخ الإسلام ابن تيمية والهدي النبوي لابن القيم وكان يتردد على الشيخ محمد بن عبداللطيف رحمه الله فيقرأ عليه في سنن الدارمي ومسند أبي داود والطيالسي وقرأ على الشيخ عبدالعزيز بن محمد الشثري رحمه الله والشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله.
وبدأ الشيخ عبدالرحمن آل فريان رحمه الله جولاته الدعوية بأمرٍ من الملك سعود وتوصية من الشيخ محمد بن ابراهيم رحمهما الله تعالى في الحدود الشمالية، من زملائه فضيلة الشيخ عبدالله بن جبرين والشيخ محمد بن عبدالرحمن القاسم رحمه الله والشيخ فهد بن حمين وغيرهم كثير.
تفرغ للدعوة وكان له بعض الدروس بجامع آل فريان في حي معكال في التفسير والحديث والعقيدة.
تولى رئاسة الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن بمنطقة الرياض وهي أول جمعية تنشأ بأمر من الشيخ محمد بن ابراهيم رحمه الله وذلك لعام 1378هـ.
قضى الشيخ عمره في أحضان التوحيد تعلمه فعلمه وعاش عليه ودعا إليه، وكان حريصاً على حماه وبقائه في قلوب الناس صافياً من الشوائب ولا شك ان الشيخ عبدالرحمن آل فريان رحمه الله أحد أئمة الدعوة في هذا البلد الباذلين في تصحيح المعتقد وسلامة المنهج هذا ما عرفناه عنه، ومما تميز به الشيخ رحمه الله عدم استكثار الجهد في سبيل الدين ونشر العلم الصحيح داعية يمارس الدعوة في بيته وشارعه ومسجده ومكتبه وسفره وإقامته اقتداءً بنبي الأمة صلى الله عليه وسلم، صحبه الكثير من الدعاة فأتعبهم بصبره وجلده، أدركته وقد شاب فرأيت فيه عزم الشباب، كانت له رحلات سنوية دعوية احتسابية في مناطق المملكة كلها لم يترك ذلك حتى رقد على فراش المرض، كان يزور فيها المدارس والمعاهد والجامعات ويشارك في الندوات والمحاضرات ويلقي الكلمات فيها وفي المساجد والمحافل، عرف رحمه الله بجرأته في الحق وصراحته في القول حتى انه لا يكاد يعرف في هذا السبيل في عصره من يجاريه، إذا نطق أفصح جهوري الصوت حاضر البينة حجته الكتاب والسنّة يواصل ويناصح الولاة والمسؤولين ويدعو لهم يوقر العلماء ويشجع الدعاة وطلبة العلم ويحب الضعفاء والمساكين ويواسيهم ويسعى في قضاء حوائجهم ولذلك أحبه الخاصة والعامة وعرفوا قدره ومنزلته ومع ذلك كان علماً في التواضع وترك المظاهر، مع ان شيئا من الدنيا كان في يده.
شهدت الصلاة عليه فما حضرت مثلها أقفلت أبواب الجامع على سعته قبل أن يؤذن لفريضة العصر لأنه ضاق بالمصلين فصلى الناس في الشوارع وترك بعض الحاضرين سياراتهم لشدة الزحام واستقلوا سيارات الأجرة ليتبعوه في المقبرة، وما حال المقبرة؟ صلى عليه فيها ست جماعات بكاه الجميع واحمرت المآقي لفراقه وحق لها، لأن موته نقص في الأمة، تنافس الحاضرون على إنزاله في قبره وازدحموا عليه حتى سمعنا المنادين بالسكينة والهدوء، ولم يسبق لي ان رأيت ميتاً يحثا على قبره التراب ويدفن بالكامل دون ان تستخدم آلة في ذلك وإنما كانت الآلة أيادي المحبين والمحتسبين، تذكرت حينها قول إمامنا أحمد بن حنبل رحمه الله: موعدكم يوم الجنائز.
غيبه الموت رحمه الله
ولو يفدى فديناه ولكن
أسير الموت ليس له فداءُ
فرحم الله شيخنا وغفر له وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء وجمعنا به في الفردوس من جنته. رضينا بقضاء الله وقدره ولا نقول في مصيبتنا الجلل إلا {انا لله وانا اليه راجعون}.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved