الانتقادات التي وجهها الأمريكيون والأوروبيون وحتى بعض الساسة الإسرائيليين لحكومة أرييل شارون لاتخاذها قرار ابعاد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات من فلسطين ليست دفاعاً عن الزعيم الفلسطيني، وطبعاً ليست حباً فيه، فالأمريكيون قطعوا علاقتهم مع عرفات منذ أن طرحوا فكرة رئيس الحكومة الفلسطينية بديلاً عنه، والأوروبيون وإن أبقوا على علاقات بسيطة مع الرئيس عرفات إلا أنهم مع الأمريكيين يضعون مصلحة إسرائيل أولاً وهي مقدمة حتى على مصالحهم وهذا ما أكده أكثر من مرة المسؤولون الأمريكيون.. لذلك فإن رفض الغربيين عموماً وبعض الإسرائيليين لقرار الحكومة الإسرائيلية ابعاد الرئيس الفلسطيني يأتي في سياق الدفاع عن «مصالح» إسرائيل، بل وحتى بقائها.
ولقد أوضح الساسة الغربيون ونفر غير قليل من ساسة الكيان الصهيوني بأن القرار ب(طرد) ياسر عرفات وهو الزعيم الشعبي الذي لا يدانيه أي زعيم فلسطيني في شعبيته والرئيس المنتخب هذا القرار سيؤلب كل الفلسطينيين ويوحد كل الفصائل الفلسطينية خلف ياسر عرفات مما يقضي على كل المحاولات والخطط التي تضعها إسرائيل ويتبناها الغرب لتمرير تسوية منقوصة على حساب الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني، ومن هذا المنطلق فإن الإقدام على مثل هذه الخطوة وإعلان قرار استفزازي للفلسطينيين يعد حماقة وتخريباً للخطط السرية والمعلنة معاً، والإسرائيليون يعرفون أكثر من غيرهم أن لا القوة العسكرية ولا الدبابات ولا الصواريخ قادرة على اطفاء جذوة الثورة والتصدي للاحتلال الإسرائيلي من قبل الفلسطينيين الذين أثبتوا بأن ارادتهم وعزيمتهم وإصرارهم على تحرير أرضهم وتحقيق الاستقلال لفلسطين أقوى من الصواريخ والدبابات، والإرادة والعزيمة الفلسطينيتان تفعلان أكثر من ذلك وتجسد هذا في الانتفاضتين الأولى والثانية، وكل أصدقاء إسرائيل الذين عارضوا قرار شارون بإبعاد عرفات يتخوفون أن تؤدي حماقات شارون إلى تصعيد الانتفاضة الفلسطينية من جديد للتخلص من شارون وجنوده وكل مظاهر الاحتلال الإسرائيلي البغيض.
|