لا تخفى أعمال الخير الظاهرة التي كان يقوم بها الشيخ القدير عبدالرحمن الفريان على كثير من الناس لأن أخبارها تسري بينهم من خلال آثارها الواضحة في مجالات تحفيظ القرآن وجمعياته المباركة، ومن خلال دروسه ومواعظه، وكلماته عبر الإذاعة، ورحلاته في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، والإرشاد إلى جميع مناطق المملكة بصورة متواصلة، فقد كان رحمه الله يقسم العام قسمين، يزور في كل قسم منه منطقة من المناطق داعياً إلى الله ومرشداً، وفاعلاً للخير، داعماً لمشروعاته في كل منطقة، مساعداً للمحتاجين بالبذل، والشفاعة الحسنة والتوجيه، وفي طيَّات هذه الرَّحلات يقوم الشيخ عبدالرحمن الفريان رحمه الله بأعمال خيرية كثيرة لايعرفها معظم الناس، من إدخال السرور على قلب مسلم بالزيارة، والمواساة، والابتسام، والسؤال عن الحال، والدعم المادي على حسب الاستطاعة، أو بذل الشفاعة عند أهل الخير لقضاء حاجة المحتاج، ورفع ظلامة المظلوم، وإبلاغ صوت الضعيف إلى ولاة الأمر، والدعم المتواصل لبناء المساجد في المناطق المختلفة، ولقد تسبَّب (رحمه الله) في بناء سبعة عشر مسجداً مختلفة الأحجام في منطقة نجران التي زارها العام الماضي قبل مرضه ووفاته، حيث رأى من خلال جولاته في المنطقة حاجة بعض القرى والهجر إلى مساجد لتباعدها عن بعضها، ولوجود مشقة على أهلها في الذهاب الى مسجد بعيد وتمَّ للشيخ ما أراد من بناء تلك المساجد حيث حثَّ أهل المقدرة على بنائها، وحرص على ذلك حرصاً شديداً.
وإني لأعرف من آثار الشيخ الخيرة في منطقة الباحة ما يشرح الصدر من أعمال البر الخفيَّة، وزيارات الناس، وقضاء ما استطاع من حاجاتهم، ولقد حدثني أحد الذين نشأت لهم علاقة مع الشيخ حين زيارته للباحة عن حسن خلقه، وعطفه وتواضعه، وكان يقرن كل قصة يرويها بالدُّعاء الذي أرجو أن ينفع الله بن شيخنا الفقيد عند ربه وتحدث لي ذلك الرجل عن شعوره بالهيبة حينما تحدَّث الشيخ في المسجد بصوت جهوري وكلمات قوية في الترغيب والترهيب، وإحساسه بصعوبة مخاطبة الشيخ أو الجلوس معه، ثم عن شعوره بلين جانبه وتواضعه بعد ان جلس معه، وكيف نشأت بينه وبين الشيخ علاقة مودة، استمرت بعد ذلك، كان الشيخ دائم السؤال عنه وعن أحواله أداءً لحق الأخوة والمحبة في الله مع ان ذلك الرجل يعد من عامة الناس.
وبمناسبة الإشارة إلى الاتصال بالناس للسؤال عن أحوالهم، فإنني أعرف من مواقف الشيخ عبدالرحمن الفريان رحمه الله في هذا الجانب ما يدلنا على معدن هؤلاء العلماء الفضلاء، فالشيخ كان كثير المتابعة لإذاعة القرآن الكريم وبرامجها. وكان إذا أعجب ببرنامج يتصل بالإذاعة ويسأل عن صاحبه ويتصل به يشكره على برنامجه ويحثه على الاستمرار، ويدعو له، وكان يفعل مثل ذلك إذا سمع في برنامج خطأ من الاخطاء يتصل بصاحبه شاكراً وداعيا له بالخير، وموجِّها له ومنبهاً على الخطأ الذي وقع فيه، وقد اخبرني ابنه الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بتفاصيل جميلة في هذا الجانب تدل على متابعة الشيخ وحرصه.
وقد اتصل بي الشيخ رحمه الله مرَّات ومرَّات بعد استماعه الى بعض قصائدي أو قراءته لها مشجعاً، ومنبها الى مسؤولية الكلمة عند الله عز وجل، وحاثَّاً على العطاء الشعري الإسلامي لما له من أثر في نشر الخير ودعم مسيرة الدعوة.
لقد كانت الدعوة الى الله عز وجلَّ همَّ الشيخ عبدالرحمن الفريان الأول، فكان ينظر إلى الأشخاص والموضوعات والأعمال من خلالها، وكان متابعاً عن طريق الأخبار في إذاعة القرآن الكريم، وعن طريق طلاَّبه ومحبيه لأخبار العالم الإسلامي، في كل مكان، وكان يستقبل من الدعاة، والعلماء، وطلاب العلم من أنحاء العالم أعداداً غير قليلة كل عام ويقدِّم لهم من الدعم والمساعدة ما يستطيع.
ومن خصائص الشيخ عبدالرحمن حرصه على الاتصال بولاة الأمر والمسؤولين موجهاً وناصحاً، وحاثاً على صالح الأعمال، ومبلِّغاً عما يصل إليه من بعض الأخطاء والملحوظات، وشاكراً لما يعرفه من الإيجابيات، وكان شديد العناية بهذا الجانب مستمراً فيه إلى أن أقعده المرض رحمه الله وتقبَّله في الصالحين.
حياةٌ حافلةٌ بعطاء الخير أسأل الله عز وجل أن يتغمد صاحبها برحمته، وأن يوفق ابناءه الكرام من بعده، وفي مقدمتهم فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الفريان الذي يقوم بدور مشكور في الدعوة إلى الله عز وجل:
إشارة:
رضيت بما قضى المولى فإنا
نلاقي ما يُقدِّر باليقين
|
|