* القاهرة مكتب الجزيرة محمد العجمي:
بعد مرور عامين على أحداث 11 سبتمبر ماذا حدث للاقتصاد العالمي وهل استطاع الخروج من تأثير الأزمة خاصة انه تعرض لكثير من الأزمات التي هزت الأسواق العالمية، و ألحقت خسائر كبيرة بالشركات واقتصاديات الدول.. ماذا حدث للاقتصاد الأمريكي الذي حقق خسائر مباشرة وقت الحادث قدرت بنحو 120 مليار دولار؟ وهل خرج الاقتصاد العالمي والأمريكي من حالة الركود؟ وكيف تغلب الاقتصاد الأمريكي على هذه الكارثة؟.... أسئلة عديدة أرادت «الجزيرة» الإجابة عليها في هذا التحقيق.
في البداية كان الاقتصاد الأمريكي يعاني من ركود نسبي قبل هجمات 11 سبتمبر فقد رصد المكتب القومي للأبحاث الاقتصادية بأمريكا هبوطا حادا في الإنتاج الصناعي منذ سبتمبر 2000 وركوداً اقتصادياً منذ عام 2001 أدى لهبوط في الأسهم وتقول د. زينب الاشوح أستاذ الاقتصاد بجامعة الازهر ان توقيت الهجوم كان قاتلا للاقتصاد الأمريكي والحق خسائر كبيرة فقد تكبد قطاع التأمين نحو 40 مليار دولار وهبط إجمالي حركة المبيعات بمقدار 6 مليارات دولار بنسبة 2 ،1% وزادت تعويضات البطالة 50 ألف طلب، وانخفضت الرحلات الجوية بنحو 30% وتم تسريح 1 ،1 مليون عامل، وهبط قطاع السفر والنقل بنحو 70% وقيمة شحنات السلع المعمرة المنقولة بمقدار 9 مليارات دولار وزادت تكاليف الحراسة وذلك غير الخسائر غير المباشرة من عدم الثقة في المناخ الاستثماري بأمريكا وإغلاق الأبراج الاقتصادية في انحاء أمريكا هذا بالتأكيد كما تقول د. زينب الاشوح اثر بالسلب على الحياة الاقتصادية وحتى الآن لم يخرج الاقتصاد الأمريكي من حالة الركود رغم النشاط الذي شهدته أسواق المال في الفترة الاخيرة وهو ما انعكس أيضا على الاقتصاد العالمي وخلق ولأول مرة نوعاً من الركود وضعفاً في مؤشرات النمو وحركة الاستثمار العالمي.
وأكد الدكتور حازم الببلاوي الخبير الاقتصادي العالمي ان ما حدث للاقتصاد العالمي على مدى عامين يحتاج الى مجلدات فهناك آثار اقتصادية مباشرة وأخرى غير مباشرة انعكست بالسلب على الاقتصاد العالمي فمن الآثار المباشرة حدوث هزة شديدة في نفسية المستهلكين والمستثمرين ونوع من الخوف لم يحدث منذ استقلال الولايات المتحدة الأمريكية مما زاد من ركود الاقتصاد العالمي الذي بدأ منذ فترة أواخر الرئيس الأمريكي كلينتون واستمر لاول مرة لفترة طويلة بالاضافة الى الإجراءات الامنية وسياسة محاربة الارهاب التي اتخذتها الادارة الأمريكية خلفت نوعاً من القلق والخوف، ففي الوقت الذي كان الاقتصاد العالمي يقوم على الثقة والانفتاح وحرية انتقال الاموال والاشخاص، وضعت الادارة الأمريكية القانون الوطني الذي شدد على حركة انتقال الأموال والأفراد واتجه الى مصادرة الاموال وتعقب بعضها كما تم اتخاذ إجراءات مشددة ضد القادمين الى أمريكا ومنهم رجال الاعمال وهو ما أدى الى ضعف الاستثمارات المباشرة والتي يعتمد عليها الاقتصاد الأمريكي كما أدت أحداث 11 سبتمبر على مدى عامين والحديث للدكتور الببلاوي الى الإنفاق الهائل على الأمن مما أدى الى خلل في الانفاق وكانت هذه الاموال تنفق في مجالات أخرى.. هذا بالاضافة الى الحروب التي خاضتها أمريكا من أفغانستان والعراق وهو ما كبد الميزانية الأمريكية خسائر كبيرة هذا الى جانب الآثار غير المباشرة المتمثلة في فجوة الثقة بين الأمريكيين وعدد كبير من الدول وبدأت الأموال العربية والإسلامية تشعر بالقلق وعادت بعضها الى بلادها والبعض الآخر انتقل الى أسواق أخرى كما لا يمكن الفصل بين ما يحدث في فلسطين والعراق والتحرش بسوريا وإيران عن أحداث 11 سبتمبر والذي أعطى حجة للإدارة الأمريكية والإسرائيلية في ردة فعل موجه ضد العرب والمسلمين.
انكماش عالمي
ويشير الاقتصادي المعروف الدكتور حازم الببلاوي الى ان الاقتصاد العالمي في حالة انكماش بدأت مظاهره منذ أحداث 11 سبتمبر وما لحق بالبورصة من تراجع شديد وقبلها كانت الأزمة الآسيوية فقد تعرض الاقتصاد العالمي لمجموعة من الهزات ترجع الى حدوث ثورة غير طبيعية ومبالغة في أسعار الأسهم والعقارات فنتج عن هذه الازمات ضعف الثقة في الأسواق المالية زادت من حدتها أحداث 11 سبتمبر.
أما السفير جمال بيومي أمين عام الاتحاد العام للمستثمرين العرب يرى ان حادث 11 سبتمبر مؤسف وأظهر بحدة ان الكل معرضون ليصبحوا ضحية للارهاب هذا العدو ذو الملامح المختفية والذي يهدد العالم وكان يجب تحديد معنى الإرهاب لان هناك خلطاً كبيراً بين حق الشعوب في الدفاع عن استقلالها فالإرهاب يهدد العالم وليس أمريكا فقط وهذا ما ظهر في الرياض والمغرب والنجف.. فيجب تحديد هذا العدو جيدا وقد أظهرت أحداث 11 سبتمبر ان الاقتصاد العالمي يعاني من ركود، وحدثت أزمة في اليابان وأمريكا لهذا يجب البحث عن جذور الأزمة الاقتصادية لانعاش الاقتصاد العالمي خاصة ان هناك ازمة ثقة دولية وكان من الافضل التركيز على انعاش الاقتصاد العالمي، ويضيف انه بسبب أحداث 11 سبتمبر والحروب التي قامت بها أمريكا انتعشت بعض الصناعات مثل صناعة السلاح والتي دفعت بصانع القرار للحروب لهذا نحذر من التحالف السلبي والخطير بين صناعة السلاح وصانع القرار في حدث في العراق يعبر عن ذلك.
ويشرح د. علي نجيب أستاذ الاقتصاد بجامعة الإسكندرية كيف تغلب الاقتصاد الأمريكي على هذه الكارثة بأن هناك بعض الإجراءات اتخذتها الإدارة الأمريكية تمثلت في تطبيق قانون خفض الضرائب الذي وقعه الرئيس الأمريكي بوش في مايو 2001 وهو الاول منذ عام 1986 وقيام بنك الاحتياط الفيدرالي بخفض معدلات الفائدة ثلاث مرات في أعقاب هجمات سبتمبر بالإضافة الى موافقة الكونجرس الأمريكي في بداية العام الماضي على قانون حوافز الاستثمار الذي تضمن خفض ضريبة الأعمال التجارية مما شجع المستثمرين وأصحاب رؤوس الاموال على دفع العمل في مؤسساتهم وفتح آفاق عمل جديدة الى جانب زيادة إنتاجية الانشطة الاقتصادية غير الزراعية بنسبة 4 ،8% مما ساعد على نمو الناتج المحلي الإجمالي وغيرها من الإجراءات التي اتخذتها الشركات الكبرى العاملة في أمريكا من اجل تنشيط مبيعاتها والخروج من الازمة بل ارتفع الناتج المحلي الاجمالي لأمريكا بمقدار 23 ،1 مليار دولار في عام 2001 مقارنة بالعام السابق.
|