Saturday 13th september,2003 11307العدد السبت 16 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

فقيد البيان والقرآن فقيد البيان والقرآن
عثمان بن ناصر العثمان(*)

بهذا العنوان نستطيع أن نودع فقيدنا الشيخ عبدالرحمن عبدالله الفريان فلقد كان خطيباً مفوهاً، إذا وعظ أنصت الحاضرون وأسمع القاصي والداني في المجلس، صافي العقيدة، طيب السريرة، نذر نفسه وماله وجاهه لخدمة كتاب الله، حتى ارتبط اسمه وصوته بدور التحفيظ وحلقاتها في ربوع المملكة تحت مسمى الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن في المملكة العربية السعودية آنذاك حتى إذا تفرعت وأورقت وحان فطامها استقلت بعد ان كتب لشيخنا الفقيد والداعمين معه أجرها وثوابها.. من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، والشيخ الفقيد رحمه الله استجمع قواه الحسيّة والمعنوية بما أتاه الله من مال وعلم بسطة في البيان والبنيان واستعداد خلقي وخلقي وبما حباه الله من جاه انبثق من عاصمة بلاد التوحيد وأسرته الرياضية المتألقة بالذكر العطر.. استجمع رحمه الله كل ذلك ثم بنى صرحاً مشيداً لكتاب الله بل صروحاً في كل بلد، بناه من خلال العزيمة القوية والسيرة الصالحة والسريرة الصافية التي استطاع من خلالها تذكير ولاة الأمر وفقهم الله في دعم وتأسيس حلقات القرآن دون استثناء ابتداء من الملك حفظه الله إلى آخر مسؤول في الدولة وإن كان الحضور المستمر لأمير الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز مع الفقيد رحمه الله فلقد كان سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله الرئيس الفعلي لعمل الشيخ في خدمة القرآن فكان سموه يكاتب ويحث ويوجه الأمراء والأثرياء ويرغبهم في دعم الحلقات ودور القرآن ولقد كان الشيخ رحمه الله على اتصال دائم بسموه ليخدما بذلك الهدف السامي النبيل الذي ينشدانه ويسعيان له وان كنا اليوم ودعنا الشيخ عبدالرحمن الفريان رحمه الله فان المسؤولية كبيرة على رفيق دربه سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله وبقية طلابه وتلامذته وان كان أولى الناس بالشيخ رحمه الله أهله وخاصته فان الأمل معقود على الأمين البار والعابد الزاهد فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الفريان الذي سينوب بإذن الله في المحراب الذي أمَّ فيه الشيخ والمنبر الذي اعتلاه.
وهذا مما يعزينا في شيخنا وأما عزاؤكم يا آل الفريان فان الشيخ الجليل يجمع الناس على محبته وفضله وديانته ويجمع الناس على الدعاء له والترضي عنه جزاء ما قدم للإسلام والمسلمين ولأنه من بقية السلف الذين نذروا أنفسهم لخدمة الدين والدعوة له وبسطت له المحبة والقبول في نفوس الناس لا لأنه يسايرهم ويجاملهم على حساب دينه ورضا ربه وإنما اشترى رضا الله بسخط الناس فرضي الله عنه وأرضى الناس عنه فقد عرف عنه انه لا تأخذه في الله لومة لائم حتى ان بعض محبيه يلومونه على قوته ومبادرته في الانكار الا أن الشيخ رحمه الله وضع لنفسه قاعدة عرف بها انه لا يسكت على ما يغضب الله غير انه صادق في غيرته ليس تنطعاً ولا رياءً ولا سمعة.
فلقد كان مرآة صادقة لأهل الحسبة يتواصلون معه ويتواصل معهم لعلمه رحمه الله ان شرّ الآفات انتشار المنكرات فلقد كان رحمه الله لا يتردد في إحالة كل ما يرده من بلاغات عن المنكرات إلى أهل الحسبة وحثّهم على العجالة وترغيبهم فيما عند الله. وأذكر في زيارتنا الأخيرة أنا والدكتور عبدالله بن محمد الشثري أبدى تأثره لبعض المنكرات وحثنا على المعالجة وأذكر من كلامه رحمه الله انه قال «إن الأمة متعلقة في رقابكم فولي الأمر أوكل الأمر إليكم فأنتم نواب السلطان فاللّه اللّه..» وقد كنا مشفقين عليه حيث كان متعباً وكانت شكواه تتعلق بالقلب فخشينا ان نستطرد معه في الحديث فينعكس ذلك على صحته.
ولقد كان رحمه الله أماناً من الفرقة واختلاف الكلمة لتعاهده الولاة والرعاة بالنصيحة ودلالتهم على كل خير وعلى الرغم من جرأته في الحق الا انه كان حريصاً على جمع الكلمة وتقريب الرعاة إلى الرعاة وحثهم على الدعاء لولي الأمر وان يرزقهم الله بالبطانة الصالحة.. وكان منهجه في الدعوة معلن يفيض بالصدق والولاء والدعاء.
ومن المواقف التي جمعتني بالشيخ رحمه الله مما يبين شيئاً من سر محبة الناس له أنه في عام 1409ه استدعى لديه بعض من يثق بهم فكنت أحدهم وحثّنا على التحري عن العوائل المحتاجة والأيتام والأرامل وكبار السن الذين ليس لهم دخل شهري. وأذكر انني أجريت هذا التحري في حدود معرفتي ورفعت له رحمه الله ثلاثة وأربعين اسماً فأرسل لهم إعانات مالية ورغم انه ممن رزقهم الله بسطة في المال إلا أنه إلى المساكين أقرب والى مجالسهم أحب، فكنت أبحث عنه في منزله فلا أجده ثم أذهب إليه في جامعه في شارع آل فريان فأجده بين الفقراء والمساكين حتى انه يذكرني برسول الله صلى الله عليه وسلم مع فقراء الصحابة من أهل الصفة وقد كان رحمه الله يؤثر المركب البسيط على المركب الوثير تواضعاً منه وخلقاً كريماً يصله بضعفاء الناس.
هذه خواطر ذكرتني ببعض خلال الشيخ «رحمه الله» اسأل الله العليّ القدير ان يجمعنا به وبوالدينا وبالصالحين من أمتنا في جنات الخلد وصلى الله على نبينا محمد.

*المدير العام المساعد لفرع الرئاسة العامة
لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
بمنطقة الرياض/055463282

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved