Saturday 13th september,2003 11307العدد السبت 16 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مؤتمر كانكون بين النجاح والفشل وموقف المملكة من الانضمام مؤتمر كانكون بين النجاح والفشل وموقف المملكة من الانضمام
محمد بن علي المسلم *

يعقد هذه الأيام مؤتمر كانكون خلال الفترة من 10 - 14 سبتمبر في المكسيك وهو المؤتمر الوزاري الخامس لمنظمة التجارة العالمية WTO وهو مؤتمر يعقد كل سنتين وآخر اجتماع له كان مؤتمر الدوحة عام 2001م.
معروف ان الهدف من انشاء هذه المنظمة هو تحرير التجارة الدولية من جميع العوائق الجمركية وغير الجمركية وانها نتاج مفاوضات طويلة تسمى جولة الاورجواي والتي توجت باعلان قيام المنظمة الجديدة بمدينة مراكش عام 1995م وذلك باقرار وضع قواعد متعددة الاطراف لتجارة السلع والخدمات وخلق سوق تجاري حر وذلك من خلال عدد من الاتفاقيات المتعددة الاطراف تعتمد على ثلاثة مبادىء اساسية: الشفافية، ومعاملة الدولة الاكثر رعاية، وقاعدة المعاملة الوطنية.
فهذه المبادىء تتطلب من جميع الدول الاعضاء الشفافية في انظمتها وتعاملاتها عن طريق اقرار الدول انظمة واضحة لتجارتها الدولية مع الاطراف الاخرى مما يتيح دخول السلع والخدمات للأسواق دون اية عوائق.
كما تتطلب اعطاء الدول الاعضاء أية مزايا تجارية لأطراف اخرى تزيد عما هو متاح للدول الاعضاء مثل المعاملة الجمركية التي تلتزم الدول بسقف محدد لا يمكن تعديله الا بعد مفاوضات وقبول من الدول الاعضاء اضافة الى مبدأ المعاملة الوطنية لسلع وخدمات الدول الاعضاء بحيث تعامل كما تعامل السلع الوطنية بدون تمييز سواء من حيث الضرائب وغيرها. ويلاحظ ان هذه المبادىء الأساسية تتضمن تقييداً لسيادة الدول التي لا تستطيع احداث اية تغييرات في انظمتها التجارية بما يخالف انظمة المنظمة بما في ذلك تعديل رسومها الجمركية.
لقد بلغ عدد الدول الأعضاء في المنظمة حتى الآن 146 دولة يمثلون اكثر من 90% من حجم التجارة الدولية مما يجعل الانضمام للمنظمة ذا اهمية كبيرة وان كانت ما زالت تسيطر عليها الدول المتقدمة حيث كانت سابقتها «الجات» تسمى «نادي الاغنياء» ومازال دور الدول النامية تابعا وضعيفاً هناك من ينادي بتحويل شعار المنظمة من «تجارة حرة» الى «تجارة عادلة».
الجدير بالذكر ان جولة جديدة من المفاوضات التجارية بدأت بعد اعلان الدوحة عام 2001م ولم تنتهِ بعد هذه المفاوضات لوجود العديد من العقبات لأن الدول المتقدمة ما زالت تعمل على فرض القواعد والانظمة التي تتماشى مع مصالحها فقط دون الاخذ في الاعتبار مصالح الدول النامية والفقيرة.
سيطرح على مؤتمر كانكون مواضيع جديدة ولكنها ذات اهمية بالغة ومحل خلاف كبير ليس بين الدول المتقدمة والنامية فقط ولكن ايضا بين الدول المتقدمة نفسها وبالذات بين الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوروبي واليابان حيث سيتضمن جدول الاعمال مواضيع مهمة مثل سعي الدول المتقدمة اقرار اتفاقية تحكم الاستثمار الدولي وكذلك موضوع المنافسة التجارية والشفافية في المشتريات الحكومية والتسهيلات التجارية والاعانات والتي سوف تكون من اصعب مواضيع التفاوض لموقف الدول المتقدمة من الاعانات الزراعية واصرارها على الاستمرار في اعانة مزارعيها اضافة الى الخلافات مع الولايات المتحدة الامريكية حول اعانة صادراتها الاخرى واصرارها على ذلك.
ان نجاح المؤتمر سيقاس بما يحققه من تقدم في مجال التعاون بين الدول المتقدمة والدول النامية وما ستقدمه الدول المتقدمة من تسهيلات ودعم للتنمية في الدول النامية وتقديم التسهيلات للدول النامية حسب الوعود التي سبق اعلانها لتحقيق التوازن بين الدول المتقدمة من جهة والدول النامية والفقيرة من جهة اخرى لتتمكن الاخيرة من زيادة مساهمتها في التجارة الدولية وتحسين مستوى المعيشة لشعوب هذه الدول وان كانت البوادر هي عدم وفاء الدول المتقدمة بوعودها.
ان المنظمة تعاني من مشكلة سيطرة الدول المتقدمة وبالذات الولايات المتحدة الامريكية واستخدامها في كثير من الاحيان الدول النامية والضغط عليها «وجعلها تابعة» لاقرار بعض السياسات كما تعاني المنظمة من عدم الشفافية في اجراءات الانضمام وتأثير النواحي السياسية عليها ولعل استغراق مفاوضات انضمام الصين خمسة عشر عاما والتي تم قبولها كعضو العام الماضي وعدم عضوية روسيا حتى الآن في المنظمة خير مثال على ذلك.
فيما يتعلق بمفاوضات انضمام المملكة للمنظمة التي مضى عليها نحو سبع سنوات حتى الآن رغم انها كانت عضوا مراقبا في الجات منذ العام 1986م وتقدمت المملكة للانضمام كعضو منذ انشاء المنظمة عام 1995م ولعل من اهم العوائق التي اخّرت انضمام المملكة هو ما يتعلق بتجارة الخدمات ومتطلبات الانضمام بتعديل او اقرار العديد من الانظمة المتعلقة بهذا الجانب وان كانت المملكة قد حققت العديد من التعديلات المتوائمة مع انظمة الـWTO الا انه ما زال هناك تأخير في بعضها نظرا لتعدد الجهات المسؤولة في هذا القطاع.
ان توقيع المملكة الاتفاق الثنائي مع الاتحاد الاوروبي الذي تم مؤخرا يعتبر خطوة كبيرة حيث سبق ان وقعت المملكة اتفاقيات مع العديد من الدول اهمها كندا واليابان ولعل اهم الدول المتبقية للتوقيع هي الولايات المتحدة الامريكية وهناك كثير من الدول الراغبة بانضمام المملكة والتفاوض معها لاهميتها في التجارة الدولية تصديرا واستيرادا حيث تحتل المرتبة الـ23 عالمياً في الصادرات والمرتبة الـ38 في الواردات للعام 2001م ان الانضمام يتطلب التفاوض مع الدول الاعضاء «الراغبة في التفاوض» وهناك تفاؤل بالادارة الجديدة لفريق المفاوضات السعودية بقيادة معالي وزير التجارة والصناعة، ومن الجدير بالذكر ان انظمة المنظمة تضمن للدول الاعضاء الحفاظ على انظمتها المتعلقة بالنواحي الدينية والامنية.
ان انضمام المملكة اصبح ضرورة حتى تستطيع الدفاع عن حقوقها التجارية كدولة نامية وتسهيل دخول منتجاتها بالذات الصناعية كالبتروكيماويات للاسواق العالمية دون عوائق او تمييز.
كلمة أخيرة هي التمني بأن ينجح مؤتمر كانكون في الوصول الى اتفاق جاد من الدول المتقدمة لمساعدة الدول النامية في النفاذ للأسواق العالمية واعطائها المزيد من التسهيلات التي سبق ان اقرتها اتفاقيات المنظمة إلا أن معظمها اصبح حبراً على ورق.
والله الموفق.

* أمين عام منظمة الخليج للاستشارات الصناعية

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved