* لقاء : أحمد الفهيد
شهدت سوق الأسهم المحلية خلال الأسبوعين الماضيين تسارعاً ملفتاً، تجاوز خلاله مؤشر السوق حاجز الأربعة آلاف نقطة.
هذه التطورات رافقها كثير من التفاؤل، وقليل من التشاؤم بين المتعاملين. إذ يبدو ان حدوث هذه التوسعات في السوق لم تكن بعيدة عن توقعات وحسابات البعض، والذين يرون انه تسارع منطقي له ما يبرره.
فقد ساعدت عودة كثير من الأموال المستثمرة في الخارج الى السوق المحلي، إضافة الى الأداء الجيد للشركات الموجودة على قائمة موشر السوق السعودي.
ولا يخفي البعض مخاوفهم من ان هذه التوسعات التي يشهدها السوق، مرهونة بظروف وقتية، على المدى القصير والمتوسط، كان لها دور فاعل في قيادة مؤشر السوق لتحقيق هذه الأرقام، إلا أنه لن يلبث ان يعود الى التراجع حتى يصل الى نقطة يمكنه الاستقرار عندها والمحافظة عليها.
هذه التطورات شغلت الصحافة الاقتصادية المحلية في محاولة لتشخيص هذا الوضع وشرح أبعاده ومسبباته والتوقعات التي قادت إليه.
في هذا السياق ولإلقاء الضوء على التطورات الأخيرة لسوق الأسهم المحلية، التقينا معالي الشيخ محمد أبا الخيل والذي حث الصفحات الاقتصادية على تحري الدقة والحيادية بعيداً عن التعابير اللغوية التي قد تشوش على السوق وتضفي مزيداً من الغموض على هذه التطورات، والتي رشح الضيف استخدام عبارة «نمو» لوصفها.
حديث عن سوق الأسهم، وأهمية تسارع التخصيص وتسهيم الشركات الخاصة، إضافة الى تطلعات الضيف في صحافتنا الاقتصادية، نطالعها في تفاصيل هذا الحوار القصير مع معاليه، فإلى التفاصيل:
* بداية، كيف ترون واقع سوق الأسهم السعودي خاصة خلال السنتين الأخيرتين؟
ـ سوق الأسهم المحلي مجال جديد نشأ منذ شنوات وأصبح الآن من قطاعات الاستثمار الرئيسية في المملكة وأصبح هناك أعداد كبيرة من الناس يستثمرون في السوق المالية، وفي الوقت الحاضر هناك 70 شركة مدرجة في السوق السعودي للأسهم. ورغم قلة عدد الشركات الا أن السوق السعودية تشكل أكثر من 60% من مجموع أسواق الدول العربية، سواء على مستوى القيمة السوقية للأسهم المتداولة أو بالنسبة لعدد العمليات.
في السنتين الأخيرتين أو السنة الأخيرة ونتيجة لعدة عوامل، زادت الأموال المستثمرة في السوق وزاد عدد المستثمرين فيه، وقيل ان هناك أموالاً كانت مستثمرة في الأسواق المالية في الخارج ثم جاءت السنة الماضية للعمل في السوق المحلية وبالرغم من صعوبة تقدير هذه الأموال، الا انه أمر منطقي صحيح، لأن الأسواق العالمية خلال السنتين الماضيتين كانت في وضع سيئ، وقد تكبد كثير من المستثمرين فيها خسائر نتيجة انخفاظ مستويات الأسعار فيها، وبالتالي من الطبيعي او من المنطقي ان يخرج الناس أو بعضهم من هذه الأسواق العالمية وان يجلبوا أموالهم للداخل، خصوصاً وان أسعار الفائدة البنكية منخفضة جدا في الوقت الحاضر ومنذ أكثر من عام، وبالتالي يجد المستثمر ان بإمكانه الحصول على عائد يتراوح بين 4-6% وأحياناً أكثر قليلاً، من استثماره وشرائه في الأسهم حتى لو اقتصر فقط على شراء الأسهم والاحتفاظ فيها وانتظار نسبة الأرباح السنوية التي توزع في آخر السنة. فهو يحصل على عائد أكثر مما لو انه أودع أمواله في البنك فقط!.. لذلك اجتمعت عدة أسباب جعلت الأموال تكثر وتزيد في السوق وتتنافس على الأسهم المعروضة.
التخصيص يدعم التسارع.. والعكس!
* هل ترون ان هذا الوقت قد يكون مناسباً لسرعة استكمال تخصيص بعض القطاعات، أو حتى استعجال بعض التحولات من شركات خاصة الى شركات مساهمة؟
ـ عندما تنظر الآن للعائد وبعد ان ارتفعت قيمة الأسهم تجد ان عائد السوق الذي يأتي للسوق من الأرباح السنوية بانه عائد مجزٍ كما ذكرت لك، وبالتالي يظل هناك احتمال بأن إقبال الناس على الاستثمار في السوق المالية سيستمر، ويستمر إقبالهم على شراء الأسهم.
وهذا يثير الانتباه إلى زيادة عدد الشركات المساهمة سواء نتيجة التخصيص الذي ذكرته، أو نتيجة تحول في شركات فردية قائمة في الوقت الحاضر في أي من قطاعات الإنتاج المختلفة لتكون شركة مساهمة ويكون لها أسهم في السوق.. وأعتقد ان العملية الآن سوف تتسارع لهذا السبب، لأن نشاط السوق المالية «سوق الأسهم الحالي» وعوائده المجزية ستشجع الحكومة على التخصيص وستشجع الأفراد الذين يملكون شركات قابلة للتحول إلى شركات مساهمة على الإسراع إلى تحويل شركاتهم لتكون شركات مساهمة.
ولكن لا تستطيع ان تفترض ان الشيئين يتمان في نفس السرعة!.
زيادة عدد الشركات في السوق، واتساع قاعدة الأسهم المتاحة للشراء وبين التدفق المالي إلى السوق المالية في الوقت الحاضر!.
فتدفق الأموال قد يحدث بسرعة!.
.. ممكن يدخل ملايين في يوم واحد!.
فيما ان زيادة عدد الشركات المساهمة في السوق يحتاج لبعض الوقت، وخلال هذه الفترة، ربما نشهد زيادات قد تستغربها ويستغربها غيرك!، وقد لا يستغربها البعض.
لكنها على المدى المتوسط ربما نرى بان السوق يتسع وبالتالي يكون أكثر قابلية لاستيعاب الأموال.
نمو مقلق
* بإشارتك إلى منطقية عودة الأموال هل تعني هذه الإشارة ان هذا النمو طبيعي ومتوقع له ان يستمر على نفس الوتيرة لسبب أو لآخر؟
ـ الذي أتوقعه بأن الأموال التي تستثمر في السوق المالية ستظل أو ربما تزداد، وكما أتوقع ان الشركات الحالية الأخرى والمملوكة جزئياً من قبل المساهمين أو الشركات المساهمة بشكل عام، ربما نجد الذين يحتفظون بحصص كبيرة من الأسهم ربما يقررون بيع جزء منها، فقد يغريهم الارتفاع الحالي في الأسعار ببيع جزء من ما يملكونه من أسهم وهذا سيؤدي أيضا إلى اتساع السوق وعامل جيد إذا حصل لكن إلى الآن من الصعب ان نقول ان السوق وصلت إلى مرحلة أو مراحل مقلقة.
تحسن السوق الدولي
لا يعني كساداً محلياً!
* هل تتوقعون استمرار السوق في المحافظة على هذا التساع؟ أم أن هناك مبرراً للقلق بتراجع السوق مرة أخرى؟
ـ بالنسبة للمال، فصاحب المال ينظر لفرص الاستثمار، سواء من حيث عائدها أو من حيث الموثوقية ويقرر!.
والمستثمر يستطيع ان يتخذ قراره في لحظة، سواء كان يستثمر في أقصى الأرض! أو يستثمر في السوق المالية التي على بعد أمتار من مكان إقامته!.
وأعتقد ان السوق أصبح أكثر جاذبية مما كان عليه! فلماذا نتوقع ان يخرج من دخل فيها واستفاد منها إذا لم تظهر أسباب تدفعه للخروج؟.
ثم ان الأسواق المالية الخارجية في أوروبا وفي أمريكا هناك بوادر انها قد تتحسن، لكن إلى الآن لم يثبت ذلك. وربما إذا ثبت سيكون هناك نمو اقتصادي جيد في أوروبا وفي أمريكا وينعكس على السوق المحلية.
ولا أجد مبرراً للاعتقاد بأن الأموال التي ستستثمر بالخارج، نتيجة لتحسن السوق الدولية، ستكون مأخوذة بالضرورة من الأموال المستمثرة بالداخل!!.
ربما هي أموال أخرى!!؟؟؟
ربما أي تحول لأي أحد من الاستثمار طويلة الأجل إلى استثمارات أخرى في الخارج كتنويع استثماري!؟
ربما يجد ان الفرصة جيدة هنا وجيدة هناك، ولذلك يقرر أن يعمل بهما معاً!.
النمو.. لا يعني انفجار الفقاعة
* كيف ترون تناول الصحافة للتطورات الأخيرة التي يشهدها السوق، واستخدام الصحافة لعبارات تشخيصية تصف السوق «بالانتفاخ»؟
ـ تسمية نمو!.. أو تسمية انتفاخ!.. فهذا مجرد تعبير!.
ولكن لا يصح استخدام كلمة انتفاخ الا إذا وصل الوضع إلى الدرجة التي يمكن ان تؤدي إلى الانفجار!.. أو انفجار «الفقاعة»!.
أما قبل ذلك، فيمكن استخدام كلمة «نمو» أو أي كلمة أخرى تكون أكثر دلالة وأكثر «حيادية» من عبارة الانتفاخ الذي من الطبيعي ان يرجع مرة أخرى.
وقد ذكرت قبل قليل.. اني لا أميل إلى اعتبار المرحلة التي وصلنا لها هي مرحلة انتفاخ يثير القلق.
فما دام هناك أموال تشتغل، وهناك أسهم تدر عائداً ـ إلى الآن ـ وهو معقول! فلا أجد مبرراً للقلق!.
فأنت الآن عندما تشتري في أغلب الأسهم.. و«ولست بصدد بحث الأسهم»، لكنك بالتأكيد ستجد عائد 4%، وحتى لو اعتبرت العائد 3 أو 5.3% فهو أكثر من العوائد على الودائع البنكية.
الصحافة تشكل نفسية السوق
أما بالنسبة للصحف فقد بدأت منذ فترة تهتم بمتابعة الأسواق المالية وتنشر جميع الصحف يومياً، مربع خاص لتحليل السوق عن اليوم السابق.
وهذا التحليل «إذا كان محايداً» فهو جيد. وربما ان هناك حاجة لزيادة مساحة هذه المربعات التحليلية ليتسع المجال لشرح أكثر.
فالناس يحتاجون! وطالما ان هناك مستثمرين في هذا السوق فلماذا لا تخدمهم الصحف!؟.
سواء بالبحث أو استخراج المعلومات فهذا مفيد! وهو خدمة جيدة.
* ألا ترى معي ان استخدام الصحافة لبعض العبارات التصنيفية أو ما شابهها قد يحمل إشارة ضمنية متشائمة، وقد يعني تدخل الصحافة في تشكيل نفسية السوق؟
ـ والله أعتقد ان إثارة المخاوف ما هي صحيحة، وأيضا السكوت عنها ليس صحيحاً! والتحليل المحايد هو المطلوب، لكن كما تعرف هناك فرق بين الإثارة الصحفية واستخدام كلمات يقصد بها جذب الانتباه وجذب القارئ، وبين الموضوعية!.
والمفروض ان إدارة تحرير الصحف تنتبه إلى أن المحررين يجب ان يستخدموا لغة معقولة تناسب المقام وليس لمجرد تحقيق «المهارة اللغوية».
|