* القدس بلال أبو دقة:
يقول محللون سياسيون إسرائيليون: من السهل إلقاء القبض على عرفات وحراسه وإرسالهم على متن طائرة مدنية وتحت حراسة مشددة إلى القاهرة، وبعد يومين يمضيهما في القاهرة بضيافة الرئيس مبارك، يقرر عرفات الحصول على اللجوء السياسي وتشكيل حكومة بقيادته في المنفى.. وفي الضفة الغربية وقطاع غزة تجري تظاهرات حاشدة احتجاجاً على الطرد.. مئات الآلاف يرفعون لافتات علقت عليها صور الرئيس عرفات، وسرعان ما تتدهور تلك التظاهرات لتتحول إلى مواجهات دامية مع الجيش الإسرائيلي.. ومن طهران يوجه عرفات عبر شاشات التلفزة نداء إلى إخوته في المناطق المحتلة يدعوهم فيها إلى مواصلة مقاومة الاحتلال بكل قوة.. سيتحدث الرجل بحماس فلقد عاد الدم ليجري في عروقه وبات يبدو أصغر من سنه الحقيقية.. ويذهب كُتاب إسرائيليون إلى القول: بطرد عرفات ستزداد العمليات داخل إسرائيل.. وعدد القتلى في الجانبين يرتفع بنسب حادة، ليدعو عرفات الذي تلامس شعبيته في المناطق عنان السماء السكان الفلسطينيين إلى الصمود حتى تحويل القدس إلى عاصمة لفلسطين.
إن ساسة اليمين الإسرائيلي الذين دعوا إلى طرد عرفات لم يفكروا بتدهور من هذا النوع، إنهم وبصفتهم تعودوا على إجراء المفاوضات مع أنفسهم فقط يؤمنون بالحلول العاجلة، وهي إضافة إلى الطرد تفكيك السلطة الفلسطينية وإفناء قيادة حماس وتصفية قواعد الإرهاب. إنهم يرفضون الاعتراف بأي زعيم فلسطيني خاصة المعتدلين.. بادعاء أنهم من المخربين.
إنهم يحبون العبارة الشهيرة التي أطلقتها «التوراة»: الشعب لوحده سيعيش ولن يؤخذ الأغيار في الاعتبار.. ويقول محللون سياسيون إسرائيليون: منذ بداية المشروع الصهيوني يتحتم علينا أخذ «الأغيار» في الاعتبار طوال الوقت فسوف يحدث الضر لنا، لقد جربنا خلال السنوات الأخيرة كل الأساليب.. قصفنا.. قتلنا.. طردنا.. وأفنينا، ولم ينفعنا ذلك أبداً فالوضع ازداد تدهوراً.. إن أعضاء اليمين الإسرائيلي يفضلون تجاهل المساحة الفاصلة بين السلام والأمن.. إنهم لا يملكون الصبر: فإما استسلام الفلسطينيين بشكل مطلق أو خوض حرب الفناء ضدهم.. إنه خيار قاس.. معناه واحد .. الدم والنار وأعمدة الدخان.
ويقول يمينيون متطرفون مقربون من رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون: إن مسألة طرد عرفات أصبحت فعلاً مطروحة على جدول أعمال الحكومة الاسرائيلية، وهي قريبة الحدوث أكثر من أي وقت مضى.. والظروف الآن مواتية لاتخاذ مثل هذه الخطوة أكثر مما كانت عليه قبل عدة شهور.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي سيلفان شالوم: يتوجب طرد الرئيس عرفات لأنه يشكل عقبة في طريق السلام.. فيما قال وزير الإسكان الإسرائيلي: إن خطوة إبعاد عرفات تسير باتجاه شن حرب شاملة ضد الإرهاب، فما دام عرفات في مقره لا يوجد أي احتمال لإحراز تقدم في عملية السلام..
وقال وزير الداخلية الاسرائيلي: لا يمكننا قتله كما لا يمكننا السماح له بالتجوال في أنحاء العالم كبطل سياسي قومي، من المفضل أن يبقى في المقاطعة لأننا على الأقل نسيطر على كل تحركاته ولقاءاته بينما سيفعل خارج البلاد ما يحلو له.. إن النتائج المترتبة على هذه الخطوة ستكون أضرارها أكثر من منافعها بالنسبة لإسرائيل.. وقدرت أوساط سياسية وأمنية إسرائيلية أنه لن يتم اتخاذ أي قرار بشأن إبعاد عرفات في هذه المرحلة خلال اجتماع لحكومة شارون بعد أن قطع زيارته للهند إثر عمليتي تل أبيب والقدس الفدائيتين، وبالرغم من موافقة الغالبية المتوقعة بين وزراء الحكومة على مثل هذا القرار.
وأوضحت تلك المصادر أن قراراً بمثل هذه الأهمية مع تداعيات هامة جداً على منطقة الشرق الأوسط لا يمكن أن يتخذ دون منح أبو علاء عدة أيام من الاختبار.
وأشارت هذه المصادر إلى أن قرارا كهذا يلزمه دعم دولي، وعلى اسرائيل أن تأخذ بالحسبان إمكانية أن يتحول عرفات إلى زعيم كبير منفي قد يصبح بطلاً قومياً.
|