* عفيف - خاص بـ «الجزيرة»:
تحتضن جمعية تحفيظ القرآن الكريم بمحافظة عفيف «1019» طالباً وطالبة يدرسون في «60» حلقة، منها «24» حلقة للبنات يدرس بها «367» طالبة، كما يتبع الجمعية مدرستان لتحفيظ القرآن للذكور، وثلاث دور للنساء، ويعمل بها 26 معلمة.
أوضح ذلك رئيس مجلس الجمعية الشيخ محمد بن عبدالله العويد، وقال: إن عدد حلقات التحفيظ في داخل عفيف 15 حلقة، اما حلقات الهجر، فتبلغ ثماني حلقات، وثلاث حلقات بالسجن، وحلقة واحدة في الدفاع المدني، وحلقة واحدة لكبار السن، وحلقة واحدة للناطقين بغير العربية.
ونفى فضيلته أن يكون لدى الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم استراتيجيات محددة مرسومة تنطلق منها جميعاً بآليات واضحة لجذب الناشئة والشباب لحفظ كتاب الله، وانما تعمل كل جمعية لتحقيق هذا الهدف العظيم، بما يتوافر لها من امكانات مادية وكوادر بشرية ومن منظارها الخاص حسب الظروف المحيطة بها، مبدياً رغبته في أن تتعاون جمعيات تحفيظ القرآن الكريم لوضع استراتيجيات واقتراح آليات يمكن أن يستخدمها الجميع للوصول إلى هذا الهدف.
وعزا فضيلته تركيز الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم على جانب التحفيظ أكبر من الجوانب العلمية الاخرى ذات العلاقة بكتاب الله الكريم الى عدة اسباب: منها ان الاسم الذي اطلق على هذه الجمعيات يوحي بأن التحفيظ هو الهدف الذي انشئت من اجله هذه الجمعيات ولذا يجري الاهتمام به كثيراً، وقلة الامكانات المادية والفنية اللازمة لتنشيط العمل في الجوانب العلمية الاخرى التي تتعلق بالقرآن الكريم كالتفسير، واسباب النزول والاحكام والقصص.. الخ، وضيق الوقت المتوفر لحلقات التحفيظ يمثل عائقاً في سبيل الاهتمام بالعلوم المهمة الاخرى التي نرى انها ضرورية جداً ضرورة توازي في اهميتها جانب التحفيظ، بل قد تزيد عليه، موصياً معلمي الحلق عدم اغفال هذه الجوانب، وانه لابد من العناية بها بقدر الاستطاعة حتى يأتي الوقت الذي تجد فيه العناية الكافية واللازمة بإذن الله.
وشدد الشيخ العويد - في حديث له - على اهمية دور جمعيات تحفيظ القرآن الكريم في مواجهة الحملات الاعلامية وغيرها التي يشنها اعداء الإسلام على القرآن الكريم باعتباره دستور الامة الاسلامية، واصفاً هذا الدور بأنه عظيم وفعال خاصة على المدى الطويل، حيث تقوم بطباعة وتثبيت كتاب الله في الصدور علاوة على تعليمه في السطور لابناء الاسلام ذكوراً واناثاً، صغاراً وكباراً، تلاوة وتجويداً وحفظاً، مع العلوم القرآنية ذات العلاقة، مما يؤصل الروح والعقيدة الإسلامية في النفوس، كما يؤصل الصفات والاخلاق السامية في طباع الافراد وسلوكهم، وهذا يؤهل المسلمين ويزودهم بامكانيات التصدي لهجمات الاعداء والصمود في وجهها وقلب السحر على الساحر - باذن الله -.
واكد العويد أن العنصر البشري هو اساس النجاح في تحقيق اهداف الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن، معرباً عن اعتقاده في أن المعلم المؤهل هو القادر على التعامل مع تحديات العصر، وهو الاساس لنجاح جمعيات تحفيظ القرآن الكريم في تحقيق اهدافها، وقال: ان هذا العنصر متوافر الى حد كبير، ولكن - وللاسف الشديد - فان نسبة العاملين في جمعيات التحفيظ من هذا النوع من المعلمين لا يتعدى «10%» ممن يعملون فيها حالياً، آملاً أن يستشعر امثال هؤلاء المؤهلين واجبهم تجاه دستورهم - القرآن الكريم - ويدركوا أن عليهم حمايته مما يتعرض له من هجمات شرسة ويقبلوا على جمعيات تحفيظ القرآن الكريم بكل امكاناتهم، ليؤدوا واجبهم في هذه الظروف الصعبة، مبدياً.
وفي الصدد نفسه، استبعد فضيلته ان يكون احجامهم وعدم اقبالهم علي التعليم في حلقات المساجد اعراضاً وعزوفاً عن تعليم كتاب الله، لان في ذلك ما يعلمونه من الخطر على دينهم، مشجعاً القادرين على تقديم الدعم المطلوب للعناية بكتاب الله العزيز الذي هو دستور الأمة الاسلامية.
ورأى رئيس جمعية تحفيظ عفيف انه يمكن لجمعيات التحفيظ الاستفادة من ثورة الاتصالات الحديثة وشبكة الانترنت في مجال تحفيظ القرآن الكريم، وان تستغلها لتحقيق اغراضها ليس على المستوى المحلي وانما على المستوى العالمي، موصياً بعدم اغفال واهمال استغلال وسائل الاتصالات الحديثة، وانما علينا تجييرها لصالح امتنا وديننا، بدلاً من ترك استغلالها في يد الاعداء لتكون وبالاً علينا، وان فوائدها ستكون عظيمة - باذن الله -.
واعرب فضيلته عن امله في ان تتمكن جمعيات تحفيظ القرآن الكريم من التعامل مع التقنيات الحديثة في مجال وسائل الاتصال، وقال: إن عدداً لا بأس به من جمعيات تحفيظ القرآن الكريم يتوافر لديها - حالياً - الإمكانات المادية والفنية التي تمكنها من التعامل مع التقنيات الحديثة بدرجة عالية، خاصة اذا اعادت برمجة اعمالها وجعلت لهذا المجال حيزاً واسعاً ينال الرعاية والاهتمام، مبيناً أن معظم الجمعيات الاخرى لديها من الامكانات ما يمكنها من التعامل مع هذه التقنيات ولو بدرجة اقل وبنسب متفاوتة، هذا اذا علمنا ان الوسائل الحديثة وخاصة الانترنت يمكن التعامل معها من قبل افراد عاديين من ذوي الامكانات المتواضعة جداً.
واوضح العويد انه يمكن عن طريق رصد حجم انجاز الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في علاج القضايا الاجتماعية - خاصة في محو الامية -، حيث يمكن أن تحتفظ كل جمعية بسجلات واحصائيات خاصة بكل مشكلة على حدة، ومجمل هذه الاحصائيات يمثل حجم الانجاز العام، مضيفاً انه في الوقت الحاضر ليس لمعظم الجمعيات اي دور في هذا المجال، وان كان هناك دور ما فهو ضئيل لا يكاد يذكر، والامل كبير في ان يتنامى هذا الدور، فالجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم هي أجدر من يقوم بعلاج الكثير من المشاكل الاجتماعية على النحو الشرعي الذي يرتكز الى العقيدة التي لا يمكن للقوى الشريرة ان تصمد في وجهها.
وحول الآثار الإيجابية التي احدثها القرآن الكريم في سلوكهم وتفكيرهم وتعاملهم واستقرارهم النفسي، أبان العويد انها كثيرة ولا تحتاج الى من يبرهن حدوثها، وهذه الآثار تتنامى مع مرور الزمن، وتزداد كلما ازدادت صحبة المرء لكلام الله سبحانه، منها ميل طلاب الحلق الى السلوك الإسلامي من حيث المظهر، حيث يلتزمون بالزي الإسلامي في لباسهم، وكذلك من حيث المخبر، إذ يلحظ السلوك الإسلامي في تصرفاتهم من حيث القاء تحية الإسلام، تشميت العاطس، السكون والإصغاء الجيد عند سماع القرآن الكريم، وغير ذلك مما لا يمكن حصره، كما أن الملاحظ على المنتسبين لحلقات التحفيظ، ان اغلبهم من المتميزين في دراستهم في المدارس، وليس لبرامج حفظ القرآن في الحلقات اي تأثير سلبي على تحصيلهم العلمي، بل ربما العكس هو الصحيح.
ومضى فضيلته يقول: انه لا توجد خطة محددة مقننة للاستفادة ممن حفظوا القرآن الكريم وتخرجوا في الجمعية، وذلك ان الخاتمين عندنا اربع فئات هي: فئة الطلبة الذين لا يزالوان على رأس الدراسة في مدارسهم، وفئة يذهبون لمتابعة دراستهم في الجامعات، وفئة الذين يحفظون في حلقات الكبار، وجلهم من الموظفين معلمين، واطباء، ومهندسين، وغيرهم وهؤلاء ملتزمون مع الجهات التي يعملون فيها، وفئة الابناء الوافدين الذين يعودون الى بلادهم بعد حفظهم لكتاب الله في هذه البلاد، فنحن نفتخر بهم، ونعتبرهم سفراء لنا ينقلون الى بلادهم ما اكتسبوه هنا من حفظ لكتاب الله ومن سلوك اسلامي سليم وعادات عربية اسلامية اصيلة.
واضاف الشيخ العويد قائلاً: نحن نبذل جهوداً متواضعة في الحقيقة للمحافظة على استمرار انتماء المتخرجين للجمعية، فنعمل على تعيين بعض المتواجدين منهم كمعلمين او مساعدي معلمين في الحلقات التابعة للجمعية، او ائمة في المساجد وخاصة في شهر رمضان المبارك، كما نبذل كل ما في وسعنا لمساعدتهم في مساعيهم الدراسية والمعيشية، والامل كبير في ان يكون هناك ناد خاص بهؤلاء الخاتمين، يمارسون فيه هواياتهم فيفيدون ويستفيدون.
ولاحظ رئيس جمعية تحفيظ عفيف ازدياد عدد الفتيات والنساء الراغبات في حفظ القرآن الكريم في السنوات الاخيرة ، وهذا مما يثلج الصدر، ولابد أن تكون جمعيات تحفيظ القرآن الكريم عند حسن الظن، فتبذل قصارى الجهد عاملة على تلبية هذه الرغبة الطيبة لفتيات ونساء المسلمين، ويكون ذلك بزيادة عدد الدور النسائية واعداد الحلقات فيها، وتشجيع معلمات التربية الإسلامية على العمل فيها مما يساعد على توفير معلمات حافظات يقمن مستقبلاً بواجب العمل في هذه الدور.
|