هذا لسان حال العقلاء وما أكثرهم في وطننا الغالي خاصة بعد ان داهمته رياح الارهاب مؤخراً، وتوالت عليه براكين العنف وهزت مدنه وقراه زلازل الحقد أياً كانت مراكز قواها وأياً كانت درجة ضررها، بعد هذه «الموجات العاصفة»، يحضرني بيت شاعرنا الوطني الدكتور ابراهيم العواجي:
وطني الذي اخاف عليه
من رياح الزمان والأطماع
|
ولكن لابد لنا من وقفة تأمل من اجل هذا الوطن لنسأل: في ضوء الاحداث الأخيرة ومن داخل رحم الأوجاع، لنرفع أصواتنا بالسؤال الفجيعة: مم نخاف على هذا الوطن المحسود؟
هذا السؤال طرحناه على ذواتنا قبل الآخرين وبتنا نحن المواطنين المسكونين بهذا الوطن الآمن، نطرحه - أيضاً - على اخواننا وأصدقائنا محبي وطننا من مختلف الجنسيات الذين يشاركوننا هذا «الوطن» أمناً وسكناً وشعوراً، نعم مم نخاف؟ وجاء الجواب مؤكداً اننا نخاف من انفسنا التي بين جوانحنا، فهل من وقفات مع الذات قبل الآخر من خلال طرح العديد من الأسئلة الايجابية الطامحة الى «الحل» والجامعة «للعلاج» والتي لا تكتفي برسم خريطة الألم قبل ان ترسم ملامح الأمل القادم على صهوة «التلاحم» الوطني عندما تهطل سحائب «الحوار» حباً ونقاء وصفاء بين ذواتنا، قبل الآخرين، لذا أجد أنها فرصة لفتح عدد من «الملفات» التي اختزنتها ذاكرتنا المفجوعة قبل ان ندفنها وتصبح اسيرة متاحف التاريخ.
* متى نستعرض شريط الفواجع التي مرت بنا في مدائن الخير والسلام «الرياض، مكة، المدينة، القصيم» استعراضاً يرصد ويجمع ويوثق هذه الحقبة المؤلمة..؟
* متى نراجع خطابنا الاعلامي والتربوي وقبله الديني لندخل في حوار من أجل الوطن وسلامة أهله؟
* متى نتصالح مع ذواتنا، ونؤسس بيئة نقية للحوار في ذواتنا قبل الآخرين..؟
ولاشك ان موافقة خادم الحرمين الشريفين فهد بن عبد العزيز حفظه الله على قيام مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني الذي اعلنه صاحب السمو الملكي الامير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد الفترة الماضية، لاشك ان تلك الموافقة تأتي اشارة صادقة في سبيل الاصلاح السياسي الذي تسعى اليه حكومة خادم الحرمين الشريفين، كما انها نافذة جديدة لمرحلة قادمة من الانفتاح الداخلي لمزيد من التواصل والتعانق بين مختلف شرائح مجتمعنا في ظل القواسم الرئيسية التي نشترك فيها جميعاً وعلى رأسها العقيدة السمحة.
كما أن تأسيس ذلك المركز، يأتي تناغماً مع المرحلة التاريخية التي تمر بها دول المنطقة ومواكباً للأحداث المؤلمة المتعاقبة في محيط خليجنا العربي، لمزيد من الوحدة والتلاحم في هذا الوطن الذي يعتبر انموذجاً وحدوياً رائعاً أسسه جلالة الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود والذي يتشرف هذا المركز الوليد بأن حمل اسمه، هذا القائد الصالح والمصلح المحنك الذي نجح في صهر مختلف فئات مجتمعنا السعودي حتى وصلنا الى ما نحن عليه من وحدة وطنية تعتبر - بكل صدق - نموذجاً يحتذى في المشهد السياسي العربي المعاصر.
ولعل هذا المركز يحرص على مد جسور التواصل بين اهل الرأي من مختلف التخصصات على امتداد خريطة الوطن من الجنسين، من اجل بناء مركز معلومات شامل عن القدرات الوطنية مما يمكنه من أن يؤسس بنك معلومات وطن يحوي مختلف الرؤى والافكار المستنيرة التي ستساهم - بحول الله - في رسم ملامح مستقبلنا الوطني، مما يحفظ لبلادنا استقرارها ووحدتها في ظل قيادة حكومتنا الرشيدة، ويفعل دور المؤسسات المدنية في مجتمعنا لنأخذ طريقنا الى القمة بروح المجموعة بعيداً عن «الأنا» من اجل مستقبل مشرق لأبنائنا في هذا الوطن المبارك.
*مدير مركز حمد الجاسر الثقافي
|