اللافت للنظر حقاً أننا عندما ننظر في التفكك الأسري وأسبابه، تحكم رؤيتنا خارطة مسبقة لا تزال تتكرر وتذكر من عقود طويلة، دون ان تسهم في وضع حد أو علاج للمشكلة ودون أن تدعونا لإعادة النظر، مع ان التفكك يزداد اتساعاً، ورسالة الأسرة ودورها يزداد انكماشاً، والإقدام على بناء الأسرة بدأ يتضاءل.
فهل المشكلة حقاً في غياب الأب أم في أهلية الأب وإدراكه لمهامه؟؟ إذ قد يعيش الأب في غيبوبة أسرية وهو حاضر يعيش بين أفراد الأسرة.أم هل المشكلة في غياب الأم لساعات طويلة عن البيت، أو عمل الأم، وعدم تفرغها للتربية؟؟ وهل وجود المرأة غير المؤهلة للتربية يحول دون التفكك الأسري؟؟ وهل الطلاق الذي شرع حلاً وعلاجاً يتحول عند التعسف في استعماله ليصبح مشكلة وسبباً في التفكك؟
الحقيقة، ان الموضوع عميق وخطير، ولا ينفع معه التبسيط والاقتصار على ذكر الأسباب التقليدية دون سبر غور المشكلة والتعرف على جميع وجوهها، مع الأخذ بعين الاعتبار ان اسباب التفكك الأسري ليست ثابتة ولا جامدة، وإنما متحركة في أثرها وتأثيرها حسب الظروف والتطورات، لذلك لا بد لها من عين فاحصة تلمح أبعادها وتدرك دور الأسباب الجديدة والمتجددة.
إن التقنيات الحديثة من فضائيات وحاسوب وإنترنت، أوجدت لكل فرد في الأسرة جوه الخاص، والمناخ البديل عن مناخ الأسرة، والأسرة بدأت تتحول شيئاً فشيئاً الى مجمع سكني أو مبنى فندقي او مطعم متعدد الوجبات والزبائن، اضافة الى التقاليد والعادات والمسلسلات التي تحمل معها نماذج رديئة للعلاقات الزوجية والتربية الوالدية والتنشئة الاسرية.
لذلك، فإن ملف التفكك الأسري ملف كبير يتطلب مجموعة تخصصات ومجموعة جهود، فقد أصبح لا مندوحة من التعامل معه من خلال وضعه ضمن السياق الثقافي والتربوي، انطلاقاً من القيم الإسلامية وامتلاك القدرة على توليد رؤى لكيفية العمل والتعامل، ذلك ان إغلاق الأبواب والنوافذ لم يعد بمقدورنا؟؟
والله من وراء القصد.
|