ترفع الولايات المتحدة الأمريكية شعار الحرب على الإرهاب على كافة الأصعدة دون أن يكون هناك تعريف محدد ودقيق متفق عليه لما تعنيه كلمة الإرهاب. وأصبح وصف مسؤول أمريكي لأحد أو تنظيم ما بالإرهاب كافياً لملاحقته ومطاردته والتضييق عليه.
ومن ميادين الحرب على الإرهاب الأمريكية ميدان المال والاقتصاد، فهي تشن حرباً اقتصادية ومالية على كل من تصفهم بالإرهاب سواء أكانوا دولاً أم منظمات أم أفراداً، حتى ليظن الشخص من شدة ضراوة الحرب وشراستها ان الإرهاب ما هو إلا مطية للوصول إلى غايات أخرى، وتأخذ الحرب الاقتصادية أشكالاً متعددة مثل المقاطعة الاقتصادية والحظر الاقتصادي التام، ووضع القيود والعراقيل التجارية وغير التجارية أمام حركة التبادل التجاري من وإلى دول معينة، وتجميد الأرصدة في البنوك، ومطالبة وإلزام الآخرين بدفع تعويضات هائلة تحت تهم مختلفة، وفي الحالة الأخيرة حينما تكون الولايات المتحدة الأمريكية هي المتسبب في ايقاع الضرر على الآخرين لا نسمع حديثاً عن دفع تعويضات على الرغم من اعترافها الصريح بأنها من قام بالعمل.
والمتابع لما تسميه الولايات المتحدة الأمريكية الحرب على الإرهاب في شكلها الاقتصادي والمالي يرى ان العملية في جوهرها في أحيان كثيرة ما هي إلا للسيطرة على مقدرات الآخرين أو ابتزازهم مالياً، وإلا فما الذي يعنيه اتهام أفراد ومؤسسات وجمعيات خيرية واغاثية بالارهاب أو تمويله واتخاذ إجراءات قضائية تجاه البعض والتهديد باتخاذ إجراءات مماثلة تجاه البقية. وهي بعملها هذا تمارس الإرهاب بعينه، إذ انها لا تجفف مصادر تمويل الارهاب بل انها تقوم بتجفيف مصادر الحياة الكريمة لمئات الآلاف من الأشخاص الذين يستفيدون من الخدمات الاغاثية والتعليمية والخيرية التي يقدمها هؤلاء الأشخاص والهيئات دون أن تقوم بتوفير البديل الملائم.
وفي نفس الوقت تنفق الولايات المتحدة الأمريكية مئات المليارات من الدولارات على شن حروب إرهابية وفقاً للتعريف الأمريكي للإرهاب يذهب ضحيتها ملايين الأشخاص الأبرياء، ويستمر تأثيرها لأجيال قادمة عديدة، والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل ما يجري الآن القصد منه محاربة الإرهاب فعلاً والقضاء عليه، أم ان الإرهاب أصبح مطية لتوفير مصدر دخل مناسب للولايات المتحدة الأمريكية ولشعوبها، وكل ما على الحكومة الأمريكية عندما تجد صيداً ممتلئاً اتهامه بالإرهاب من قريب أو بعيد، وربما أصبح من المناسب تغيير الرمز الأمريكي من النسر إلى الذئب والجدي، وتطبيقاً للشعار الجديد فإن من مقتضياته افتعال بؤر للإرهاب بشكل دائم حتى تضمن موارد مالية تقتات عليها.
|