Wednesday 10th september,2003 11304العدد الاربعاء 13 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أضواء أضواء
كيف يتجنب أبوعلاء مصير سلفه؟!!
جاسر عبدالعزيز الجاسر

لم يكن أحمد قريع بعيداً عن الحقيقة، حينما اشترط دعماً علنياً من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي حتى يوافق على القبول برئاسة الحكومة الفلسطينية الجديدة، فالرجل أمامه تجربة لا تزال فصولها ماثله أمام الجميع، فالذي اسقط حكومة محمود عباس «أبومازن» هو تخلي أمريكا وأوروبا عن دعمهما الذي وعدا به رئيس الحكومة السابق، فقد ترك بوش وكل رؤساء أوروبا ومفوضهم سولانا أبومازن يواجه مصيره وحده، فالولايات المتحدة رغم أنها الراعي الأساسي لعملية السلام وصاحبة خطة الطريق والمسؤولة فعلياً عن تطبيقها إلا أنها واصلت انحيازها السافر إلى إسرائيل، بل كانت مشاركة فيما ارتكبته من تجاوزات واعتداءات ابان فترة المائة واثني عشر يوماً عمر وزارة «أبومازن» بالتحريض على تصفية ما تسميه بالحركات الإرهابية وبالصمت عن الجرائم الإسرائيلية التي لا تُحتَمل والتي تمثلت في هدم المنازل على رؤوس سكانها من العوائل الفلسطينية والقتل اليومي وسط الأماكن المزدحمة بالسكان، ولذلك فإن الضغوطات الأمريكية والإسرائيلية والصمت واللامبالاة الأوروبية ومن الشريكين الآخرين في اللجنة الرباعية الداعمة لخطة الطريق - ونعني روسيا والأمم المتحدة - مسؤولون مسئولية مباشرة عن سقوط حكومة أبومازن.
كما أن التباينات والخلل بالعلاقة ما بين الرئاسة ورئاسة مجلس الوزراء قد أوجبت الأزمة التي على أبي علاء وعرفات إن أرادا نجاح حكومته العمل على معالجة آثارها لأن استمرارها سيعمق الخلافات ويفتح الأبواب لمزيد من التدخلات الإسرائيلية والأمريكية في الشأن الداخلي الفلسطيني ويهدد القرار الوطني الفلسطيني المستقل ويضعه تحت وطأة الضغوط الخارجية والاستجابة لها، ويفتح المجال أمام الولايات المتحدة الأمريكية للتنصل من التزاماتها وإعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل للمعالجة الأمنية على حساب تطبيق قرارات الشرعية الدولية.
وقد وضعت العديد من الفصائل الفلسطينية عدة ضوابط لتجاوز هذا المأزق منها:
1 التمسك الحازم بالوحدة الوطنية الفلسطينية وسد المنافذ أمام محاولات استثمار الخلافات الداخلية الفلسطينية لتخفيض سقف التوقعات السياسية من قبل أمريكا وإسرائيل.
2 التمسك بالثوابت الوطنية بما فيها حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
3 - التمسك بدور المؤسسات الشرعية الفلسطينية، مؤسسات م.ت.ف والمجلس التشريعي والاحتكام إليها لحل التعارضات الداخلية.
4 المضي قدما في خطة الإصلاحات الإدارية وفي تجديد وتطوير بنية مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية وعدم التراجع عما تم إنجازه.
5 التمسك بالحوار الوطني الفلسطيني كخيار لابد منه لمعالجة الشأن الداخلي ومواجهة كل الدعوات للاقتتال الداخلي ورفض المطالب الأمريكية الإسرائيلية بالمداخل الأمنية لحل التناقضات والتباينات الداخلية.
6 رفض كافة أشكال التدخلات الخارجية لتحديد خيارات شعبنا، والدعوة لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في أقرب وقت ممكن على قاعدة قانون انتخابات عصري وديمقراطي يقوم على أساس النظام المختلط.
فإن أمكن للمؤسسات الفلسطينية ورئاسة مؤسسة الرئاسة ورئاسة الحكومة التمسك بهذه الضوابط، وأبدى الأمريكيون والأوروبيون والروس والأمم المتحدة ضغطاً جدياً على الإسرائيليين لتمكين أبي علاء وحكومته من أداء دورها، فإن ذلك كفيل بنجاحه، أما اذا أصرت الأطراف الفلسطينية على مواقفها السابقة ومواصلة ارتكاب الأخطاء وتضييع الفرص، وواصلت واشنطن انقيادها الاعمى خلف خطط شارون في ظل صمت الأوروبيين والروس وغياب الأمم المتحدة، فإن مصير حكومة أبي علاء لن يكون بأفضل من حكومة سلفه أبومازن.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved