حفل عدد هذا الشهر من المجلة بعدد وافر من الموضوعات الأدبية والفنية والتاريخية والعلمية، بدأت بتحقيق عن «المساكن التقليدية في عمان» قدمه يحيى
وزيري القى فيه الضوء على أحد جوانب التراث المعماري العماني المتمثل بأساليب الاستيطان وعمارة المساكن التقليدية، موضحاً ان التراث العماني جزء لا يتجزأ من تراث الحضارة العربية الإسلامية، وله السمات والخصائص العامة نفسها التي تتميز بها سائر الفنون الإسلامية، كما ان له خصوصيات تميزه عن مختلف طرز العمارة الإسلامية، يدعمه إرث حضاري ضخم تمتد جذوره إلى ما قبل التاريخ الميلادي، وأثبت الكاتب في نهاية بحثه ان الخط العام الذي يربط التراث المعماري العماني يتجلى في كيفية الاستفادة القصوى من الموارد الطبيعية لخدمة التجمعات العمرانية والاستيطان البشري مهما كانت الظروف الطبيعية أو المناخية قاسية.
وفي قضايا معاصرة ترجم نعيم الغول مقالاً للدكتور محبوب الحق بعنوان «التنمية والأمن الإنساني العالمي» عرض فيه الكاتب مفهوماً جديداً تماماً هو مفهوم الأمن الإنساني من حيث تركيزه في الأفراد والشعوب لا في الدول والحدود، وبحث المقال كذلك كثيراً من الأمور ذات المساس الشديد بقضايانا بصفتنا من شعوب العالم الثالث، وتضمن كثيراً من القضايا التي هي أس المشكلات والحروب التي حلت وتوشك ان تحل من ارهاب واحتلال لأراضي الآخرين بالقوة وفقر ومخدرات، والسباق على شراء الأسلحة بدلاً من انفاق ثمنها على التنمية.
وتناول مازن مطبقاني «هوية الأمة الإسلامية بين الاستقلال والتبعية» موضحاً ان هوية الأمة الإسلامية قد تحددت منذ بدأت آيات القرآن الكريم تتنزل على سيد الخلق صلى الله عليه وسلم من قوله تعالى: {اقًرأً بٌاسًمٌ رّبٌَكّ الّذٌي خّلّقّ} إلى قوله تعالى: {(اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دِينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسلامَ دِيناً }، ودعا إلى غرس استقلالية الهوية في نفوس أبنائنا وبناتنا مع حليب أمهاتهم، بل قبل ذلك غرسها في نفوس الآباء والأمهات لينقلوها إلى الأبناء.
وفي مجال الأدب شرح شريف بموسى عبدالقادر «التفسير النفسي لقصة السندباد» وأثره في أجيال متعددة من البشر وفي فترات مختلفة من الزمن، وتناولت كذلك المناهج التي حاولت الكشف عن السر الذي يكفل لهذه الأعمال استمراريتها وشعبيتها ودوام حضورها بفاعلية في الوعي الفكري والوجود البشري، وتساءل في ختام المقال: ما المحتوى الرمزي لرسالة الجماعة التي أنشأت هذه القصة إلينا؟ لقد جعلت الذات المثالية ل«السندباد الحمّال» مرجع أحلامها وتخيلاتها ما هو موجود في القصر، وهذا يجعل الحكاية تعبر رمزياً، وتشير إلى اغتراب السلطة التي كانت تحكم الجماعة أو الجيل الذي أنشأ هذه الحكاية.
وتناول علي القاسمي في مجال اللغة موضوع «التداخل اللغوي والتحول اللغوي» شارحاً مصطلح التداخل اللغوي بأنه تأثير لغة «أو لهجة» في لغة أخرى حين يتكلمها الفرد، أما التحول اللغوي فهو انتقال الفرد في حديثه من لغة «أو لهجة» إلى أخرى، وتساءل: هل تؤثر العامية أو اللغة الأجنبية في العربية الفصيحة؟ موضحاً ان التداخل في المستوى الصوتي يؤدي إلى ظهور لهجة أجنبية في كلام المتعلم تبدو واضحة في اختلاف في النبر، والقافية، والتنغيم، وأصوات الكلام، واستنتج الكاتب أن دراسة هذه الظاهرة في البلاد العربية ومعرفة أسبابها ستساعد كثيراً على تحسين طرائق تدريس اللغة العربية الفصيحة لأبنائنا ولغير الناطقين بها، كما تساعدنا على تطوير طرائق تدريس اللغات الأجنبية لأبنائنا.
وفي صفحة تراث تناول عبدالواحد ذنون طه، تاريخ «البعثات العلمية من أوروبا إلى الأندلس» وكيف انعكس الحال الآن إذ صار طلاب العلم من بلادنا يسافرون إلى أوروبا طلاباً للعلم، فكيف كان الحال قبل ألف عام حين كانت أوروبا تعيش في ظلامات العصور الوسطى ويعمها الجهل، وقد بلغت الأمية نسبة 95% على الأقل من سكانها، وتعرض إلى البعثات الكثيرة التي بعثت بها أوروبا إلى الأندلس، بل إن بعض ملوك أوروبا عمد إلى استقدام علماء مسلمين من ضمنهم أساتذة وخبراء ومهندسون من الأندلس لتأسيس المدارس والمصانع ونشر ألوية العلم والعمران.
وجاء استطلاع العدد بعنوان «الكاف: مدينة عريقة لم تبح بكل أسرارها» قدمه عبدالحكيم مولهي متناولاً تاريخ هذه المدينة التونسية التي تقع في عمق بلاد البربر أو اللوبيين، وسكانها وحضارتها، وتحدث كذلك عن موقعها ومناخها وتاريخها.
وفي باب علوم جاء موضوع أمل الأحمد عن «المنحى النفسي لثقافة الطفل»، تناولت فيه نشأة مفهوم الذات وتطوره في الطفولة المبكرة، وسمات مفهوم الذات ودوره في تحقيق الذات وموقعه في هرم الحاجات الإنسانية، ثم تحدثت عن تقبل الذات وعلاقته بالقصور الجسدي، وعلاقته أيضاً بالبيئة غير المتسامحة والبيئة المجحفة. وتوصلت الكاتبة إلى ان ارتقاء مفهوم الذات ومفهوم الآخر عمليتان لا تتمان دفعة واحدة، بل تتحققان خطوة خطوة وبالتدريج، وعندما تكون الفرصة والظروف مهيأة لذلك، ولكي تنمو مشاعر الأطفال وأفكارهم، ولكي تتطور وترتقي، ينبغي ان تتاح لهم فرصة المحاولة والتجديد، وأن يهيأ لهم المناخ المناسب الذي يستوعب الطفل، ويفتح له ذراعيه ويحتضنه، بدلاً من ان يصده ويقيده.
وفي باب قصائد جاءت: «زفرة وطن» لعبدالله بن سليم الرشيد، و«عودة الحب» لذياب بن صخر العامري، و«خريف.. دون كلام» لألما عصام محمود و«قصائد قصيرة» لعبدالحميد أمين جاسم.
|