طالعتنا جريدة الجزيرة يوم الخميس 7 من رجب 1424هـ بمقال للدكتور هياف بن صالح العمري - جامعة الملك سعود، تناول فيه الزيارات المفاجئة التي يقوم بها معالي وزير الصحة الدكتور حمد المانع للمستشفيات والمراكز الصحية بانتقاد شديد وقال متهكما: والواقع ان الدكتور حمد المانع سجل الرقم القياسي في عدد الزيارات للمستشفيات والمراكز الصحية ليس فقط خلال الفترة القصيرة التي شغل فيها منصب وزير الصحة بل ايضا عندما كان يشغل منصب مدير عام الشؤون الصحية بمنطقة الرياض.
ثم بين الآثار الجانبية لتلك الزيارات على العاملين وعلى قطاع وزارة الصحة مدعيا انها تثير الرهبة والرعب بينهم على حد تعبير الدكتور هياف.
وبعد سرد طويل تراجع قليلا تاركاً لنفسه خط رجعة بعد ان اوغل في النقد اللاذع فقال: ودعونا لا نشك البتة ان الدافع الرئيسي لتبني هذا الأسلوب الإداري، الزيارات المفاجئة الذي تخلو أدبيات الإدارة من مراجع تدعمه يكمن في رغبة اكيدة لدي وزير الصحة بتحسين اوجه الاداء للمستشفيات والمراكز الصحية.
وخلص اخيرا الى نتيجة لخصها بقوله: في ظل ما تقدم، نتمنى ان يوفق معالي الوزير في استغلال وقته المتاح ويعمل كقائد يرسم الاستراتيجيات الصحية ويحدد المؤشرات التي يستطيع من خلالها وهو في مكتبه بالوزارة ان يقيم مدى تنفيذ تلك الاستراتيجيات المرسومة.
وأنا إذ اوافق سعادة الدكتور هياف في بعض ما ذهب اليه من ان العبرة في النتائج وما تحققه هذه الزيارات وان نجاح معالي الوزير يكمن في وجود تحسن في اوجه اداء المستشفيات كخفض نسبة الوفيات، وخفض معدل الانتظار بعيادات المستشفيات.. الخ.
إلا ان لي مع مقال الدكتور هياف وقفات اتمنى ان يتسع صدره لتقبلها فأقول مستعينا بالله ما هكذا تورد الابل يا دكتور هياف، أما الوقفة الأولى: اعتقد انه من السابق لاوانه تقييم تجربة الدكتور حمد المانع، واستعجال الحكم عليه وبأنه سجل الرقم القياسي في الزيارات المفاجئة، ويعلم الدكتور هياف ان من مسلمات الإدارة ان يعي القائد ما يدور حوله بالطرق الممكنة والمتاحة كالتقارير والزيارات كما يقرر المختصون في علم الإدارة «لعل أهم أولويات القائد، خصوصا اذا تولى منصبا جديدا هو ان يستكشف المتاح له فيما يتعلق بالأفراد والسياسات والمشكلات والفرص المتاحة، ومن الأساليب الممتازة لاستكشاف ذلك ان نتقابل إما مع كافة الأفراد، وإما في حالة المؤسسات الكبيرة مع الشخصيات المؤثرة».
فهل ما يقوم به الدكتور حمد سلوك مظهري ليس له أي مردود ايجابي على أي وجه من اوجه الأداء وهل ما قام به الدكتور من زيارات مفاجئة يخرج عن التعريف السابق للقائد الجديد!!.
أليس من الواجب على الدكتور حمد كقائد لوزارة الصحة جديد القيام بتلك الزيارات المفاجئة ليقف على متطلبات وزارته وقطاعاتها المختلفة ويستكشف المتاح له في هذه الوزارة يا دكتور هياف؟.
الوقفة الثانية: المهم في موضوع الزيارات النتائج المرجوة وتطوير الأداء ورفع الكفاءة وتطوير الأجهزة والمعدات اللازمة لعمل المستشفيات والمراكز الصحية، وتلمس مكامن النقص، وشد انتباه العاملين في القطاع الصحي ان الوزير بنفسه مهتم بالمريض والعاملين والمنشأة الصحية، وبنوعية الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين، ولعل من نافلة القول ان نذكر بعض نتائج تلك الزيارات المفاجئة لمعالي الوزير وخلال فترة وجيزة سجل فيها معالي الدكتور رقما قياسيا في تحقيق كم هائل من المنجزات ومنها على سبيل المثال إنجازات على مستوى الخدمات المقدمة ومن اهمها الاسراع في افتتاح مدينة الملك فهد الطبية وهذه بحد ذاتها اكبر انجاز، وذلك التطور الإداري والعمراني الذي يجري على قدم وساق في مجمع الرياض الطبي - الشميسي - ومنه الاهتمام بتطوير مهارات وقدرات العاملين بإعادة الابتعاث الى الحياة من جديد لتأخذ دورها الريادي المطلوب، وعلى مستوى الجمهور فأشير الى الانسيابية في سير المعاملات في كل قطاعات وزارة الصحة ومن الإنجازات المتابعة الحثيثة لكل ما يجري في مملكتنا الغالية ولعل آخر تلك الزيارات تلك التي قام بها الوزير على خلفية الفيضانات التي اجتاحات منطقة جازان ووقوف معالي الوزير عليها شخصيا والتي اثمرت عن توجيهات بزيادة المعدات الطبية والكوادر المدربة لمواجهة تلك الفيضانات.
ومن الإنجازات إعادة الشؤون الصحية بالقريات والتي تعتبر ثمرة من ثمار زيارات معالي الوزير الى غير ذلك من اللقاءات على المستوى العالمي والعربي والخليجي والمحلي مما لا يحصى ولا يعد وفي فترة وجيزة!.
والمقربون من الدكتور حمد يعرفون ان شخصيته لا تثير الرعب والرهبة بل معاليه يتمتع بدماثة خلق وحسن معشر هما محط اعجاب الجميع، ومبدأ العقاب والثواب مبدأ إلهي ومطلب للجميع {هّلً جّزّاءٍ الإحًسّانٌ إلاَّ الإحًسّانٍ}.
الثالثة: تعبنا يا دكتور من تلك التقارير المكتوبة من مديري القطاعات والمديرات للوزير التي لا تخفاك ومفادها غالبا يا معالي الوزير نفيديكم بأن الأمور في عهدكم الميمون تسير على ما يرام وان الجميع يدعون لكم بالصحة والدوام!! والزيارات المفاجئة تكسر هذه الحواجز وتقع على عين الحقيقة بمحاسنها ومساوئها ويبقى الأمر بين الوزير ومراقبته لله عز وجل.
الرابعة: لست خبيراً إدارياً ولا أدعي ذلك واعتقد ان الدكتور هياف ضليع في هذا المجال لكنني تعلمت ان الحكم على الشيء فرع من تصوره، وان العلوم والمعرفة انواع ثلاثة هي علم، وعلم يقين، وعلم عين اليقين، وهو القائم على المشاهدة والنظر والاطلاع وهو اشرفها وما يقوم به معالي الوزير في هذا المعنى فتكون أحكامه قائمة على علم عين اليقين فالنتائج بلا شك تكون بأفضل حالاتها وهذا ما ينادي به علماء الإدارة «تعتبر القدوة على الاتصال بالعاملين من العوامل الأساسية في القيادة».
الخامسة: للدكتور حمد ولنا في سلفنا الصالح اسوة حسنة، ألم يكن عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخليفة الثاني يتفقد أحوال الرعية بالليل ليصلح ما يراه من خطأ ويقف على تلك الأحوال بنفسه وهذا في تاريخه مشهور ووقائعه أكثر من ان تحصى ليس هذا مجال سردها.
أقلوا عليهم لا أبا لأبيكمو
من اللوم او سدوا المكان الذي سدوا
السادسة: نحن مع الوسطية، لا افراط ولا تفريط، نريد معالي الوزير ان يجلس في وزارته يدير شؤونها، ويطور عملها، ويواكب معطيات العصر الطبية، يفتح أبواب مكتبه، يستقبل الناس وهو كذلك وفي الجانب الآخر يعرف ما يدور حوله ويتفقد احوال وزارته والمؤسسات التابعة له ولا يترك الزيارات بدعوى ان أدبيات الإدارة تخلو من مراجع تدعمها.
السابعة: بلادنا مترامية الأطراف ولله الحمد ومشاكل القطاع الصحي كثيرة واحيانا لا تصل المشكلة الى أنظار معالي الوزير إلا وتكون قد انتهت بكل سلبياتها واستطيع ان ادعم ذلك بكثير من الشواهد فما الضرر إذاً من وقوف الوزير عليها شخصياً؟
الثامنة: الناس في الرياض تذمروا كثيرا من مجمع الرياض الطبي - الشميسي - ولسنوات عدةوكتبوا في ذلك مقالات كثيرة، لم نر التغيير يطرأ عليه إلا بعد الزيارات المفاجئة والمتكررة من الوزراء المتعاقبين والتوجيهات الراشدة للمسؤولين وهي محل نظر عند الدكتور هياف!!.
التاسعة: مازال الجميع الى يومنا هذا ينتدرون بزيارات الدكتور القصيبي ابان توليه وزارة الصحة وان تلك الزيارات المفاجئة كانت سببا في تطور الخدمات المقدمة والارتقاء بمستوى خدمات الوزارة فلم يأت الدكتور حمد ببدع من القول.
العاشرة: اعرف رحابة صدر الدكتور حمد وتقبله للنقد الهادف والعمل بما يقتضيه ذلك النقد وألمس من مقال الدكتور هياف حرصا واضحا على أداء معالي الوزير وتطوير الوزارة وان اختلافي معه من هذا الباب واختلافنا لا يفسد للود قضية وأهمس للدكتور هياف: اننا اليوم نحتاج لكل فكر هادف، وقلم متمكن ونظر ثاقب للارتقاء بمستوى الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين فلتكن أيدينا بيد معالي الوزير الدكتور حمد المانع نأخذ بيده وننصح له ونثمن له انشغاله بنا عن اولاده وبيته ليرعى بيت وزارة الصحة، فالتوسط مطلوب والزيارات في الوقت الراهن على الأقل مطلوبة، ونعم يا سعادة الدكتور هياف العبرة بالنتائج وقد رأيت.
وستبدي لك الأيام ما كنت «واهما»
ويأتيك بالأنباء من لم تزود
أخيراً: لا شك ان هذه الزيارات بما تشكله من ديناميكية وقدرة على التواصل لدليل على الإبداع والتميز يقول الدكتور محمد العتيبي في كتابه المانع «الطريق الى التميز» في حين نجد ان القادة المبدعين قليلون، لأنهم عملة نادرة، لا يقتنعون بما هو موجود بل دائمو الحركة والديناميكية لأحداث أساليب جديدة ومتطورة لإدارة الأفراد والمنظمات.
صيدلي / سلطان المطيري
شركة مخزن الأدوية العربي السعودية المحدودة
|