لا يختلف اثنان على ذلك ولكن شكر النعم لا يكون فقط بللسان وإنما بالعمل الدؤوب للحفاظ على هذه النعم التي وهبها الله لنا حتى يديمها الله علينا وعلى أبنائنا وبناتنا من بعدنا ويعم بها بلادنا الحبيبة.
وقد حبانا الله بنعمة ظاهرة وباطنة فنعمة الأمن والأمان التي ينعم بها المواطنون والأجانب في بلادنا هي من النعم التي تفتقر اليها معظم شعوب العالم وتفتقدها فعلينا ان نحافظ عليها بأن نكون عيونا ساهرة لحمايتها ويداً تساعد ولاة الأمر في الحفاظ عليها ولسانا يلهج بالشكر للخالق سبحانه على ما أسبغه علينا من هذه النعمة التي لا يعرفها الا من يفتقدها، ولاشك ان الكثير منا ممن ذهب الى الخارج قد واجه السرقة أو التهديد وما الى ذلك من الأعمال الاجرامية فتاق شوقا للعودة الى المملكة وتذكر هذه النعمة الجليلة وشكر الله عليها.
وهناك نعمة الرفاهية التي أسبغها الله علينا من المسكن الواسع المشتمل على جميع وسائل الراحة والترفيه الى السيارة الفارهة الى المال الوفير، كل ذلك ينبغي شكره ليس فقط باللسان وإنما بالعمل على ألا يصيبنا الكبر، وعلى عدم الاسراف في استعمال الماء والكهرباء وعدم الركون الى السيارة والسير أحياناً حفاظا على اللياقة الجسمانية والمحافظة على المال وعدم الاسراف في الأفراح والولائم والملابس وقال الله تعالى: {(وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) } فإن خير الأمور أوسطها. ونرى كثيرا من الناس يقيم وليمة لخمسة أشخاص تكفي ثلاثين شخصا وما يتبقى إما ان يرمى او يعطى لمن لا يقدره فيهدره ايضا او يرميه والقليل منا يقوم بإعطائه للجمعيات الخيرية.
وكان الأولى ان يقدم لضيوفه ما يكفيهم ولا يزيد منه الكثير الذي يرمى ويهدر وبذلك يكون قد شكر النعمة التي أنعم الله بها عليه.
والبعض يسكن في فيللا كبيرة تحتاج لعدد كبير من الخادمات لتنظيفها بينما يعيش فيها هو وزوجته وطفل أو طفلين والأولى به ان ينتقي المسكن الملائم لعدد أفراد أسرته ويؤجر البيت الكبير لمن يحتاجه من الأسر الكبيرة فيفيد ويستفيد.
والبعض يشتري لنفسه اكثر من سيارة ولولده كذلك وربما كان استخدامه لا يتعدى الذهاب للعمل والعودة منه في أغلب أيام الأسبوع وينفق على ذلك مئات الآلاف بالاضافة الى استقدام السائقين والصرف على تلك السيارات، وكان الأفضل ان يقدر احتياجاته فلا يتخطاها الى البذخ الممقوت ويشكر الله بأن لا يسرف في ماله وبدلا من ذلك يوجهه الى من يحتاج فيديم الله عليه نعمة الرفاهية.
والبعض يسرف في الملابس والعطور حتى أن خزنة ملابسه تشكو من كثرة الثياب فشكر هذه النعمة يكون بالتبرع بالثياب القديمة التي لا يستعملها فكلما اشترى جديدا تبرع بالقديم حتى ينعم معه إخوانه من البشر الذين فاتتهم هذه النعم فيكون بذلك التكافل قد شكر نعمة الله سبحانه وأهدى أخاه من مال الله الذي أعطاه.
وأخيراً فإن بعض الفقراء يشكرون النعم فيغنيهم الله من فضله ويوسع عليهم، والبعض من الأغنياء لا يشكرون النعم فيأخذها الله منهم ويعيدهم فقراء معوزين، ولا يكفي الشكر باللسان وإنما الاعتراف والاقرار بالنعمة والتحدث بها وايضا عدم استخدامها في المعاصي أو فيما يغضب الله عز وجل نفعنا الله بنعمته.
|