أذكر حينما كنت أعمل معلمة في احدى مدارس الرياض وحضرت احدى الطالبات (في المرحلة المتوسطة) إلى المدرسة وعلى وجهها حرق على شكل مكواة الثياب، كانت الفتاة سلوكياً مضطربة وتعاني بعض القلق وكثرة الحركة ولكن بعد التقرب منها ومحاولة معرفة أسباب الحرق على وجهها، اعترفت بأن زوج أمها من قام بهذا معاقبة لها على إيذاء إخوتها الصغار (أولاده).
طبعاً الهيئة التربوية في المدرسة ظلت عاجزة عن الفعل أو التدخل بما في ذلك إبلاغ الشرطة، أو أي جهة أخرى من الممكن أن تحمي تلك الفتاة، وبقي الوضع كما هو عليه لطبيعة الطوق المضروب بشدة حول العائلة لدينا، أياً كان شكلها أو سلوكها، ويوم الثلاثاء الماضي قرأت في جريدة عكاظ تغطية مروعة، عن أب وأم استطابوا تعذيب أطفالهم السبعة وربطهم بالسلاسل وهم عراة وحلق شعور البنات، إضافة إلى تسكينهم بمنزل غير لائق لا يحوي سقفاً أو دورات مياه. (إمارة منطقة مكة تحركت بشكل نبيل بعد أوامر من صاحب السمو أمير منطقة مكة).
بالطبع الأشخاص الذين يمتلكون هذه الصفات هم أشخاص يعانون من اختلال نفسي، واضطرابات سلوكية، ويفتقدون الاهلية للقيام بمسؤوليات الولاية الشرعية، لذا شرعياً تسقط عنهم الولاية وتنتقل إلى قريب لهم يستطيع القيام بهذه المهام، أو ولي أمر المسلمين.
الباقي هنا لا بد من تطوير آلية تنفيذ تتوافق مع الحكم الشرعي في هذا المجال، فنظراً لاتساع المدن وتشابكها وتعقد حالتها، وأسوار الأسمنت المضروبة حول المنازل بات من الصعب التعرف على حالات متعددة من الاضطهاد إلا عبر المدرسة أو لربما الجيران، أو مصادفة، وذلك بعد أن تتفاقم الحالة إلى شكل متطور ومرعب.
لا بد أن تكون هناك مرجعية معينة/ مكونة من أخصائيين وأخصائيات اجتماعيات قادرين على متابعة هذه الحالات، ومن ثم تحويلها الى سلطة تنفيذية لاتخاذ اللازم فيما يتعلق بالأطفال وإنقاذهم.
أما أن يترك الموضوع هكذا ويتنصل الجميع من المسؤولية تحت ذريعة أنه شأن عائلي بحت، ففي ذلك تنصل من مسؤولية دينية وإنسانية، ولا أعتقد بأن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية مهمتها هي إعطاء شرهات شهرية للمحتاجين، بقدر ما هي مسؤولية ملحة في تفقد أحوال المجتمع المدني ومتابعته، وترميم جوانب القصور والنقص فيه.
|