* جولة - عبدالله الملحم:
حقق سوق الأسهم السعودية قفزات متلاحقة في الآونة الأخير، وهذا لا يختلف عليه اثنان وقد ساهم ذلك في جذب الكثير والكثير ومن مختلف طبقات
المجتمع للدخول في معمعة سوق الأسهم في ظل تنامي الأرباح المحققة، فحتى من لا يملك أي خلفية عن شركات السوق فوجئ بأن محفظته آخذة في التضخم
من جراء الأرباح المتراكمة يوما بعد يوم.
للوقوف عما يحدث في سوق الأسهم قمنا بجولة سريعة وخاطفة لعدد من صالات تداول الأسهم المحلية في عدد من مدن المنطقة الشرقية فكانت هذه
الحصيلة.
الواقفون أكثر من الجالسين !!
فوجئنا حقيقة من خلال هذه الجولة من جراء الاقبال الكبير على صالات التداول. ولا أبالغ فإن بعض المتداولين لايجدون لهم مقاعد داخل تلك الصالات مما
يضطرهم للوقوف على مضض فالأعداد في تزايد مستمر وطاقة بعض الصالات لا تفي بتلك الأعداد المتزايدة حتى يخيل للزائر لإحدى الصالات أنها أشبه
بالبورصات الدولية التي تستخدم فيها الإشارات. وسط تعالي الأصوات مع كل قفزة يحققها سهم إحدى الشركات وما أكثرها.
هجرة لباعة الخضار والمواشي للحاق بالركب
ولست مبالغاً فقد وجدت من خلال هذه الجولة أن هناك أشخاصاً كانوا يمتهنون بيع المواشي والخضروات!! قد اجتذبتهم سوق الأسهم، حيث عمد بعض
هؤلاء لإيقاف نشاطهم السابق والاتجاه لبيع وشراء الأسهم.
وقد لمست ذلك جلياً من بائع خضروات في إحدى مدن الأحساء ويدعى محمد حبيب حسين. عندما سألته عن سبب تواجده هنا وإغلاق محله، فأجاب أبو
حبيب أنا انسان بسيط أبحث عن الرزق في أي مكان وقد أشار عليّ أحد الأصدقاء بالتوجه لسوق الأسهم، ولا أخفيك أنني كنت متردداً في البداية ولكن
أحببت الدخول في بداية الأمر من باب التجربة حيث قمت بشراء 1000 سهم في شركة المكليرش بسعر 25 ريالاً ولم يمض أسبوعان إلا والسهم يولع
!!! مرتفعاً إلى 41 ريالاً والحمد لله بعت كميتي وعلى الفور قمت بإغلاق محلي، لأنني وجدت أن في سوق الأسهم فرصاً أكثر من سوقنا!! بيع الخضار
والفواكه والذي يتسم بالركود بل إننا نتعرض في الكثير من الأحيان للبيع بخسارة!!.
والحمد لله قالها وهو يبتسم بأنني استطعت أن أضاعف رأس مالي في ظرف شهرين، ويتدخل في الحديث السيد راشد محمد الهوبي فعلاً سوق الأسهم سوق
خير فأنا كنت حتى وقت قريب أعمل في تجارة المواشي «على قد حالي» وعندما سمعت بأرباح سوق الأسهم قلت ماذا لو قمت من باب التجربة في شراء
الأسهم وبيعها، وهو ما حدث قبل شهر والحمد لله عينت خيراً قررت إيقاف نشاطي في سوق الأغنام مبتعداً عن الحر ومشاكل المواشي والخسائر التي تلحق
بي في نهاية كل شهر.
خذ على الماركت
وفي أثناء إحدى جولاتنا اقتربنا من أحد الوسطاء وكان يعاني حقيقة من كثرة أوامر الشراء المقدمة له، فصاح أحد المتداولين قائلاً للوسيط اسحب لي سهم
شركة ما على الماركت قبل افتتاح السوق وكان بالمقربة منه رجل كبير السن من أبناء البادية فسأل الشخص الذي طلب ماركت ماذا تعني كلمة ماركت
فرد عليه أي الشراء من العرض مباشرة وكم كانت المفاجأة عندما صاح الرجل المسن في الوسيط تكفي!! يا بو عبدالرحمن ألف سهم على الماركت وهو ما
اثار دهشة الوسيط وجميع الحضور.
الخطورة في انتظار هؤلاء
ويعلق الأستاذ عبدالرحمن الملا أحد المتعاملين في سوق الأسهم منذ سنوات قائلا لا شك أن سوق الأسهم في بلادنا ولله الحمد أكثر من واعد ولكن الذي
أخشاه على الكثير من المستجدين على السوق الاندفاع خلف شركات خاسرة ارتفعت أسهمها بشكل مبالغ فيه فهؤلاء قد يتعرضون لخسائر مريرة. من
هنا فإنني أوجه دعوة إلى جميع المتداولين ممن لهم خبرة وباع في تداول الأسهم بمد يد العون لهؤلاء ممن تنقصهم الخبرة وتقديم النصح لهم بدلا من تركهم
يواجهون مصيرهم المحتوم في نهاية المشوار.
ويتحدث الأستاذ مروان عبدالرحمن القاسم وسيط أسهم في البنك السعودي الهولندي بالهفوف قائلاً: الحمد لله سوق الأسهم السعودي يشهد طفرة
حقيقية، ولاغرو في ذلك في ظل قلة القنوات الاستثمارية إلى جانب أن السوق السعودي أكثر أمنا من الأسواق الدولية الأخرى ناهيك عن تنامي أرباح
الشركات القيادية. وأعتقد أن الشركات القيادية ينتظرها المزيد من الارتفاع ويدعم هذا التوقع النتائج المميزة لهذه الشركات.
ويضيف أبو عبدالرحمن طبعاً كوسيط لا أتدخل في قرار البيع والشراء فدورنا وسيط ليس إلا ولكن لو سألني بعض الإخوان من الجدد فلن أتردد في تقديم
النصيحة لهم إلا وهي التركيز على أسهم شركات العوائد. لأنها مصدر اطمئنان ولا خوف على أسعارها مستقبلا بمشيئة الله.
مع الخيل يا شقراء
ويعلق الأستاذ خالد بن عبدالله النعيم أحد المتداولين النشطين قائلاً خبرتي مع الأسهم المحلية تمتد إلى أكثر من عشر سنوات، ولكن من ملاحظتي على البعض
عند شراء الأسهم الممتازة أنهم يستعجلون في بيعها بمكسب بسيط قد تأكل العمولة نصفه فهؤلاء لو تريثوا لحققوا مكاسب كبيرة.
وهناك البعض لا يملكون أدنى خلفية عن شركات السوق فتراهم يندفعون للشراء على طريق سياسة القطيع ومرة تصيب ومرات تخيب.
وأضاف قائلا ومن خلال معايشتي لبعض المتداولين ترى البعض منهم يثور وتهتز أعصابه لو تعرضت الأسهم التي اشتراها للهبوط. دون إدراك منهم أن
الأسهم في حركة دائمة صعوداً وهبوطاً ويزعجني بعض هؤلاء عندما أراهم يندفعون للبيع بخسارة وماهي إلا سويعات ويرتد سعر الأسهم التي باعوها نحو
الصعود.
وما يحز في نفسي أن نصائحي تذهب سدى، في الوقت الذي كنت أتمنى لو تريث بعض الإخوان قليلا من الوقت فحتما فأنهم سيجنون الكثير من
المكاسب!!.
صغار الموظفين يقتحمون الصالات
وأثناء جولة في إحدى صالات التداول في مدينة الدمام لفت نظرنا تواجد عدد من الشباب حديثي التخرج، أحدهم ويدعى صالح سليم السلوم تحدث قائلاً:
إنني قدمت إلى هنا من خلال مشورة أحد زملائي في المدرسة، لاسيما أنه لم يمض على تخرجي سوى عام. وكنت أخطط للزواج إلا أنني فضلت تأخير
الفكرة لعام آخر على أمل أن استثمر أموالي رغم تواضعها والتي لاتتجاوز 50 ألف ريال في شراء الأسهم والحمد لله وفقت في بداية المشوار ولكن تلاشت
بل امتدت الخسارة برأس مالي عندما اندفعت مع بعض المتواجدين هنا للشراء في سهم شركة على وشك الأغلاق على النسبة صعود «شركة اللجين» وقد
طرت فرحاً في اليوم التالي لأن السهم افتتح على صعود كبير وهو في اغرائي على عدم البيع انتظار لأقفال على نسبة أخرى إلا إنني فوجئت بأن السهم يفتح
عرضاً بدون طلب وهو ما سبب لي نوعاً من القلق وأكاد أجزم أن أمثالي كثر ممن ركبوا الموجه خلف أسهم تلك الشركات.
التوعية مفقودة مفقودة!!
وطالب أحد المتداولين الجدد ويدعى عبدالله حمدكو قائلاً لا أدري لماذا يتم تركنا في معمعة هوامير السوق والذين يعرفون من أين تؤكل الكتف، حقيقة
أجد أن وسائل الإعلام وبالذات التلفاز والصحف المحلية، في غياب تام لما يجري في سوق الأسهم السعودية، وهو أمر محير.
نحن ننتظر أن تقوم تلك الوسائل ببث ونشر لقاءات مع عدد من خبراء الاقتصاد لدينا لإلقاء الضوء على مايجري داخل سوق أعتقد أنها تسابق الزمن بل إنها
تعد في مقدمة أسواق الدول الناشئة.
أين التلفزيون عن حقيقة ما يجري، أليس هذا أمر يدعو للاستغراب.
يا إخوان هناك شريحة كبيرة من المجتمع دخلت بقوة إلى سوق الأسهم مؤخراً، وهذا بلا شك مؤشر إيجابي للارتقاء بالسوق لاسيما وأننا على أبواب إعلان
إشهار سوق البورصة «الأوراق المالية».
التوعية مطلوبة يا إخوان حتى نتمكن من تدارك أي سلبيات قد تطرأ أو هي في الطريق وفي ظل هذا التجاهل الإعلامي لسوق الأسهم، فرأفة بهؤلاء قالها
وهو يشير إلى مجموعة ممن دخلوا لأول مرة في سوق الأسهم وهم يفتقرون لأبسط مبادئ الاستثمار في الأسهم!!
مهمتنا التنفيذ
وبسؤال لأحد الوسطاء ويدعى الأستاذ محمد أحمد العجيل بتقديم النصيحة للمتداولين الجدد، أجاب العجيل مهمتنا الأساسية كوسطاء هو تنفيذ طلبات
العميل شراء أو بيع قلت مخولاً بتقديم نصيحة لأحد فهذا سوق ماذا لو قلت لعميل مثلا دعك عن هذه الشركة سعرها مرتفع ونصحته بشراء شركة أخرى؟
ماذا سيحدث لو أن الشركة التي نصحته بالشراء لأسهمها هبطت؟.. نحن بشر نخطئ ونصيب، بعض العملاء يطلبون معرفة رأيي في شركة ما ولا شك أن
إجابتي على الفور لا أعلم، فدوري يقتصر على التنفيذ فقط وهذه مهمتي الأساسية.
تواجد مكثف للخبراء!!
ولن تندهش لو قمت بزيارة بعض صالات التداول من تواجد بعض من المتداولين ممن يعرفون بخبراء الصالات، فهؤلاء تجدهم لا يترددون في اسداء النصائح
لمن هم داخل تلك الصالات وهم في حقيقة الواقع في واد والأسهم في واد آخر، وكل مافي الأمر إن هؤلاء أشبه بالمحرجين على الأسهم التي بحوزتهم، وما
أكثرهم، وضحايا الخبراء في ازدياد.
الجولة مستمرة ولنا عودة!!
|