يا من تمنع مزهوا للقيانا
ما بال دنياك لا تدنو لدنيانا
قد كنت أحذر أن ألقاك يدفعني
بعد الوصال فماذا يحدث الآن
فقد تركت فؤادا قد مضى وعفا
فذاق من لوعة التبريح ألوانا
فاترك هواه فلن تلقى به رمقا
ودعه ينعم في ذكراه سلطانا
ان تهجريه فقد أمسى به ولع
أراه نحو جبال الريث قد رانا
يا ظاعنين إلى جازان معذرة
عوجوا إلى الريث وافوهم بشكوانا
عوجوا لعل نسيما من أحبتنا
يروي قلوبكم حبا وتحنانا
تروا ربوعا بها بالحب قد غرست
وأثمرت من رياض الود ريحانا
فيها الإخاء وفيها فتية جبلت
على كرامتها شيبا وشبانا
فيها رجال إذا ما خلة وصفت
تراهم في طلاب المجد فرسانا
من آل سلمى إذا وافيتهم نسبا
والريث منجعهم سرا وإعلانا
دنيا منازلهم عليا صنائعهم
لا يسألون لضيف حل من كانا
زيف الحضارة ما طالت نفوسهم
ولم يروها لهم في الكون تبيانا
إليك مني أبا يحيى مبجلةً
تحيةً عطرت نوراً وإيمانا
تحية الأرض وافى سهلها ديمٌ
فاستبشرت وزهت حزنا ووديانا
وغرد الطير في أفنانه طربا
يشدو لأترابه في لجب ألحانا
لا يطلب الغيث صداحا على فنن
فقد أبل على التغريد ريانا
فإن أخص «مغدي» فهو واحدهم
وإن تركت فقد أبقيت إخوانا
وما سواه بأدنى منه منزلة
فكلهم قد وفوا بالفضل ميزانا
أبا فراس لقد اهديتنا جللا
أهديتنا من صميم القلب خلانا
ملكت بالحب أرواحاً وأفئدة
وما غرمت وقد أبقيت عمرانا
بنيت جسراً فقربت البعيد به
من المحبة ما استوحيت ربانا
هي المحبة قد طافت على لجب
وسهلت لبرود الماء شطانا
أم الدماثة في أخلاقهم بسطت
جناحها وانحنت للقهر عرفانا
ففي عنيزة شوق لم يزل عطراً
يهفو «لنمنم» ما بانت وما بانا
منازل أيقظت في القلب كامنة
وأشعلت في فؤاد الشيخ نيرانا
سقيت من نعم الرحمن سارية
سحّا مسحِّا من الآفاق هتانا
يا ما أحيسن أياماً مررن بنا
والبشر مصبحنا والسعد ممسانا
في صحبة لا يمل المرء صحبتهم
ولا يرى فيهم عجزاً وخذلانا
أبو معاذ أمين القوم أولهم
تراه من تبعات الأنس جذلانا
وفي المعية من طابت مقالبه
حتى غدا لقباب القوم عنوانا
ذاك الضويحي أبو سعد ألا سلمت
عيناه حتى يرى للقوم قربانا
والدوسري أو اللغاز ثالثهم
ما لم تداعبه الأطياف أحيانا
ورابع الصحب من طابت سريرته
صدقا أبو هيثم والصدق مرمانا
وإن نسيت فلا أنساه رائدنا
أبا فراس فكم بالعلم أفتانا
له أياد فما مثلي يعددها
وليس ممن بفعل الخير منّانا
وفي الختام صلاة الله خالقنا
على النبي كما بالهدي وافانا