Tuesday 9th september,2003 11303العدد الثلاثاء 12 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الأزمنة الأزمنة
الشيخ الفريان.. رفيق درب..
عبدالله بن إدريس

كانت وفاة الشيخ عبدالرحمن بن فريان ـ رحمه الله ـ كفيلة بأن تعيدني إلى أوليات وبدايات حياتي الجدية في طلب العلم؛ حينما قدمت من بلدتي حرمة بمنطقة سدير إلى الرياض عام 1367هـ مصمماً على مواصلة ما بدأته في بلدتي بمدرستها.. ثم على شيخ حرمة عثمان ابن سليمان ـ رحمه الله ـ.
إن الفريان من أوائل من التقيت بهم بمسجد الشيخ محمد بن إبراهيم في حي دخنة بالرياض وتعرفت عليهم وأنست لمجالستهم والمذاكرة معهم... مع فارق السن الذي كان يكبرني به هذا الرجل الصالح وزملاؤه الآخرون ـ ومع تقدمهم وسبقهم عليَّ في طلب العلم فإنهم لم يأنفوا أن يكون بينهم من لم يصل إلى ما وصلوا إليه.. بل كانت حفاوتهم به فوق ماكن يأمل ويتوقع. رحم الله الراحلين منهم، والأحياء.
وامتدت معرفتي وأُلٌفَتي لهذا الرجل الفاضل منذ ذلك العام أي 1367هـ وحتى رحيله الأسبوع الماضي.
جمعتني به حلقة العلامة شيخنا محمد بن إبراهيم آل الشيخ ـ رحمه الله ـ جثياً على الركب.. بعد صلاة الفجر وصلاة العصر.. في دروس العلوم الدينية.. واللغة العربية.. والتاريخ.. وفكر المذاهب الإسلامية.. إلى أن فرقتنا شؤون الحياة.. وكل ضرب طريقا لا يتنافى مع طريق الآخر.. إنما يختلف قليلاً في الاهتمامات وفروع المعرفة والثقافة العامة.
ولكننا كنا نلتقي.. أكثر ذلك مصادفة.. فيكون اللقاء حميماً بكل معنى كريم من معاني المحبة في الله.. وتجديد ما تسحب عليه الأيام ذُيُولَ نسيانها.
وكان ـ رحمة الله عليه ـ يهتم كثيراً بافتتاحياتي لصحيفة «الدعوة» خلال السنوات الثماني الأولى من عمرها حينما كنت رئيساً لتحريرها.
فحيناً يثني.. وحيناً يعتب.. حسب وجهتَيْ النظر بيني وبينه.. إلا ان ذلك لم يؤثر قط على علاقتنا الأخوية.. والتقائنا على هدف واحد، هو خدمة الدين وتوعية المجتمع، إسلامياً، بكل أطيافه ورؤاه.
عرف الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله الفريان.. بصلابته وقوته في الدعوة إلى الله.. ومحاربة كل أنواع المنكرات الفعلية والقولية.
فقد أخذ على نفسه ما يشبه العهد.. ألا يتوانى عن انكار أي منكر يراه أو يسمعه، أو يقرأه.. ولذلك كانت مشاركاته في الأجهزة الإعلامية من صحافة واذاعة وتلفزة.. مستمرة على مدى السنوات الماضية دون انقطاع.
إن الشيخ عبدالرحمن الفريان صاحب رسالة واضحة في حياته، لُحْمتُها وسُداها الحرص على استقامة الأمة والمجتمع.. بقدر المستطاع.. وقد أدى ما استطاع.. وقد أسهم في سبيل الهداية والتبصير ـ ولا نزكي على الله أحداً ـ ولكني أرجو له من الله الجزاء الأوفى.
* * *
عرف الناس فضيلة الشيخ عبدالرحمن الفريان ـ أسكنه الله بحبوح جنته ـ بخلال حميدة، وأعمال مجيدة.. ستُبقي ذكرة في الأذهان كأحد الرجال الاعلام الذين أثروا حياة المجتمع في الجوانب الدينية والخلقية والانسجام المجتمعي مع من عَرَف، ومن لم يعرَف.
* * *
من خلاله الحميدة وأعماله المجيدة ـ على سبيل المثال ـ:
ـ انه كان باراً بوالديه، واصلاً لرحمه.. ومواصلاً لمجتمعه دعوة وإرشاداً.
ـ كان عطوفا على الفقراء والمساكين.. بماله وبجاهه.. كتواصله مع الأثرياء الأخيار لصالح هؤلاء وأولئك. حسبما سمعت.
ـ أما عمله الخالد ـ ان شاء الله ـ وانجازه الأساسي في الحياة.. وريادته الخيرية الفاضلة فهو إنشاؤه أو تكوينه (جمعيات تحفيظ القرآن في المنطقة الوسطى) منذ عشرات السنين ومتابعته لأعمالها ونشاطاتها المتنوعة.. التي تصب كل أنهارها في خدمة كلام الله جل وعلا وتهيئة آلاف الشباب والشابات لحفظ القرآن وتجويده ومعرفة معانيه ودلالاته.
وقد عاونه في هذا العمل الجليل نخبة من الشباب.. تولوا إدارة هذه الجمعيات وتفعيل أدوارها الخيرة في المجتمع.
جزاهم الله جميعاً خير ما يجازي به عباده الصالحين المخلصين.
* * *
أَوّلَ لي هذه الرؤيا..
لا أدري هل الشيخ الفريان ـ رحمه الله ـ كان معروفاً بتأويل الأحلام أم لا؟
لكن بالنسبة لي فقد رأيت رؤيا أرعبتني خشية أن تكون نذيراً بموتي..!
وذلك بعد سنة من بداية دراستي على الشيخ محمد بن إبراهيم ـ رحمه الله ـ «رأيتني أحلق في سماء بلدتي ـ حَرْمَه - متجها الى نخلنا.. وأنا جالس على كرسي مريح بارتفاع مايقارب (200) مئتي متر تقريبا).
قصصت رؤياي هذه على أخي وزميلي عبدالرحمن.. فقال لي (أبشر، ستكون طالب علم وسيرفعك الله به) فانبلج شعوري وهدأ خوفي..
وما زلت أحفظ هذه الرؤيا وتأويلها منذ ذلك الحين وحتى اليوم.. فألاً حسناً.. إن شاء الله تعالى.
رحم الله الشيخ عبدالرحمن الفريان وجبر الله مصيبة أولاده وأسرته الكريمة، آل الفريان، وأحسن عزاءهم وعزاءنا فيه جميعاً..
{انا لله وانا اليه راجعون}.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved