تفيض بلادنا بالخيرات ومصادر الرزق المتعددة حتى أصبح الوافدون إليها يجدون المنابع الثرة متوفرة في كل جانب من جوانبها في المدن والقرى اذ يجدون ميدانا فسيحا لاستغلال مواهبهم على اختلاف الطاقات التي يمكنهم توظيفها.. حتى أن الفلاح السعودي أصبح يعتمد في الدرجة الأولى في حرث مزرعته وتحصيل وتسويق انتاجه على هذه الفئة، ولا نرى ميدانا من ميادين الرزق إلا ونجد النصيب الأوفر لهؤلاء الوافدين حتى في مضارب البادية، فرعاة الغنم والابل والمزارعين والتجار والصناع من أبناء الدول العربية وغيرهم من أبناء بلاد يطيب لهم العيش ويتوفر لهم الرزق، أما هذا المواطن فقد ضعفت فيه روح المغامرة وأصبح يميل ميلا شديدا للوظيفة الحكومية يجد فيها الدعة وعدم المشقة مع الرضا بالقليل أو الكثير الذي يستوعبه راتبها ويعتبر المواطن الوظيفة ضماناً له في حاضره الوظيفي ومستقبله في التقاعد.
ولعل لذلك أسباباً تاريخية عميقة في نفس المواطن العزيز يمسك بها بما تراءى له أن ميدان العمل الحر خير وأبقى له في حاضره ومستقبله لما يغرسه في النفس أولاً: من ثقة والاعتماد بعد الله عليها.
وثانياً: لما يخلفه من نشاط وعزم متواليين بحافز من حب كسب المزيد من عائد العمل الذي يزداد ويتضاعف نموه كلما اندفع إليه في اخلاص ويقين فهل لي أن اقترح على المختصين اعادة النظر في بعض نصوص النظام الذي يحرم على الموظف مزاولة نشاط اضافي تجاري كان أو صناعي أو مهني لتوجد لهذا المواطن من خلال النصوص منفذا إلى الحياة العملية الواسعة والميدان الرحب للكسب واستغلال طاقات معطلة في كيانه ومقوماته الذهنية ليشارك بمساهمة جادة فعالة في خلق رخاء أكثر لبلده ومواطنيه كأن يعمل خارج دوامه الرسمي على بذل خدمات مختلفة ويهيئ فرصاً أوفر بالتالي لمن يقتفي أثره ولا يمنع مع هذا من أن تقيد حريته في العمل بشروط ومواصفات يتم على أساسها حصوله على ترخيص محدد لفرع الخدمات أو المجهودات وذلك من الجهة التي تملك حق التنظيم للمهن والخدمات المتعددة بالاتفاق مع مرجعه في الوزارة أو المصلحة الحكومية على أن لا يكون هناك - اضرار- بالمصلحة العامة لحساب المصالح الخاصة.
وبموجب شروط محددة تنحسر عنه مشروعية العمل المصرح له بمزاولته بمجرد الاخلال بواجباته.
اننا بذلك سندفع عجلة التقدم لكي تدور في سرعة متناهية وتسهم في خلق تسابق إلى أهداف مفيدة للمجموع.
والدليل على صدق ما أدعو له أن كثيراً من الشباب استطاعوا الخروج من الوظائف إلى الأعمال الحرة بعد أن مروا بمحاولات مستورة من خلال أعمالهم كموظفين أكسبتهم التجارب الناجحة خبرات عملية اتجهوا معها إلى افساح المجال لغيرهم ممن يقبلون على طلب التوظيف.
انه لو تحقق ذلك لعمل على تفتيق المواهب وتنشيط الأذهان وبالتالي أعطى هؤلاء قدرة على انتزاع الصدارة في المؤسسات الخاصة عموما والمهن الحرة الاخرى افضل من أن يسعد باقتناصها الوافدون.
|