لفقد العلماء ورجال الأمة المخلصين أثر بالغ على البلاد والعباد قال بعض السلف: فقد العالم ثلمة لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار فالعلماء هم ورثة الأنبياء ومصابيح الدجى وشموس الهداية ومشاعل النور والعلم والدعوة والهداية رفع الله شأنهم وأعلى في العالمين قدرهم قال تعالى: { قٍلً هّلً يّسًتّوٌي الّذٌينّ يّعًلّمٍونّ وّالَّذٌينّ لا يّعًلّمٍونّ إنَّمّا يّتّذّكَّرٍ أٍوًلٍوا الأّلًبّابٌ} ، وقال سبحانه: {إنَّمّا يّخًشّى اللهّ مٌنً عٌبّادٌهٌ العٍلّمّاءٍ } ، وقد جعل الله سبحانه لكل اجل كتاباً.
وإن المملكة العربية السعودية بصفة خاصة والأمة الاسلامية بصفة عامة قد فقدت عالماً ربانياً مخلصاً نذر نفسه وفرغ حياته وجهده وصرف وقته لخدمة كتاب الله تعالى والعلم والدعوة والاحتساب إنه فضيلة الشيخ / عبد الرحمن بن عبد الله آل فريان رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، فقد كان حريصاً على تعليم كتاب الله تعالى وتحفيظه من خلال إشرافه سنوات طويلة على جمعية تحفيظ القرآن الكريم بمنطقة الرياض خاصة، ومساهمته في تعليم وحفظ كتاب الله بصفة عامة حيث كان مؤسساً لها وداعماً لها مادياً ومعنوياً، منذ انشائها حتى آتت ثمارها وقام كيانها وأصبحت شامة في جبين هذا البلد المعطاء تسر الناظرين وتبهج المسلمين بحفاظ كتاب الله من بنين وبنات رجالاً ونساء صغاراً وكباراً وشيباً وشباباً.
كما عرف الشيخ رحمه الله بخدمته للدعوة فله باع طويل في التوعية والتوجيه حيث كان رحمه الله يجوب جميع مناطق المملكة مدنها ومحافظاتها ومراكزها برحلات دعوية وتوجيهية طوال العام صيفاً وشتاء احتساباً للأجر من الله تعالى.
وكان من المهتمين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبذل النصيحة للمسلمين رعاة ورعية غيوراً على محارم الله، علاوة على قيامه بالامامة والخطابة في الجمع والأعياد بجامع آل فريان بالرياض منذ أكثر من أربعين سنة.
وقد يسر الله لي معرفته من شهر رجب عام 1389هـ وهو في جد وجهاد على المنبر وفي خدمة القرآن والدعوة والحسبة حتى اقعده المرض الأخير فقد كان يسافر في السنتين الاخيرتين من حياته للدعوة رغم مرضه ونصحه الأطباء بالراحة وعدم السفر والعمل المرهق.. إلا انه قدم مصلحة الدعوة والخير والاحتساب على صحته رحمه الله تعالى، لقد كان الراحل الفقيد مثالا للعالم الرباني في بذل علمه ونصحه لولاة الأمور وللناس كافة.
وكان رحمه الله تعالى على خلق جم وأدب رفيع ومثالاً في الزهد والتواضع والاعراض عن الدنيا ناهيك عن حبه للخير للجميع ومساعدة الفقراء والمساكين والعناية بهم وصبره على طلباتهم محباً للشفاعة الحسنة وبفقده فقدت الأمة عالماً ومربياً وناصحاً ومحتسباً وداعياً الى الله بعلم وبصيرة.
أسأل الله للفقيد المغفرة والرحمة وان يجمعنا به ووالدينا وسائر المسلمين في جنات النعيم وان يخلف امة الاسلام خيراً وان يجعل ما قدمه من علم وعمل ودعوة وحسبة وتحفيظ قرآن في موازين حسناته، وان يرزق اهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان، وان يرفع درجاته في المهديين ويخلفه في عقبه في الغابرين انه على كل شيء قدير وبالاجابة جدير.
كما أسأله جل وعلا ان يحفظ لنا ديننا وأمننا وولاة أمرنا ومملكتنا الغالية من كل سوء ومكروه وشر وان يوفق ولاة أمرنا لكل خير إنه سمع مجيب الدعاء، وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
|