Saturday 8th september,2003 11302العدد السبت 11 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الشيخ عبدالرحمن آل فريان الشيخ عبدالرحمن آل فريان
محمد بن علي بن إبراهيم العرفج/ عضو الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالرياض

من رحاب المسجد الحرام، عشية يوم الجمعة وقبيل الغروب، وهي ساعة حرية بالاجابة، جاشت نفسي بمشاعر الحزن والأسى لفقد علم من أعلام هذا الزمن ألا وهو فضيلة الشيخ عبدالرحمن آل فريان الذي وافته المنية فجر يوم الخميس 8/7/1424هـ، فأحببت تقييدها بهذه السطور، مشاركة في بيان بعض مناقبه، وأداء لبعض حقه علينا وعلى الأمة الإسلامية.
فأقول: صدق الله القائل {أّوّلّمً يّرّوًا أّنَّا نّأًتٌي الأّرًضّ نّنقٍصٍهّا مٌنً أّطًرّافٌهّا} قال ابن عباس في تفسيرها: خرابها بموت علمائها وفقهائها، وأهل الخير منها.
العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا على فراقك يا شيخنا عبدالرحمن آل فريان لمحزونون، ونعزي أهله وذويه ومحبيه، وجميع المسلمين، فلله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، {انا لله وانا اليه راجعون}.
لقد عشت سنوات عديدة مع الشيخ الفاضل عليه رحمه الله، حيث شرفني بعضوية جمعية تحفيظ القرآن الكريم بالرياض وتوابعها، واستفدنا كثيراً من توجيهاته ونصائحه القيمة خلال الاجتماعات.
ولقد كان رحمه الله رغم كبر سنه يتصف بحيوية الشباب في سبيل الدعوة إلى الله تعالى، فتراه يتحرك وينتقل يميناً وشمالاً، فلا يكسل ولا يعجز، وما ذاك إلا لأنه كان يحمل هم الدعوة - نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكي على الله أحداً -، فتارة تجده في الشمال، وتارة في الجنوب، وأخرى في الوسط، ينتقل داعياً إلى الله تعالى، مشجعاً لحفظة كتاب الله، هذه النبتة المباركة التي زرعها وأحاطها بعنايته ورعايته ودعمه وتأييده، حتى آتت أكلها وثمراتها الطيبة في جميع أنحاء المملكة، من خلال الأعداد الكبيرة لحفاظ كتاب الله تعالى، دعاة، وأئمة، وقضاة، وطلبة علم، وكلها بفضل الله وكرمه في صفحات حسناته، فبشرى له ولكل عامل في هذا المجال إذا صلحت النية؛ لأن هذا من العلم الذي نشره بين الناس فكل ما حصل الانتفاع بتعليمه مباشرة فإن أجره جارٍ عليه، فكم من علماء هداة ماتوا من مئات السنين وكتبهم مستعملة وتلاميذهم قد تسلسل خيرهم وأجرهم وذلك فضل الله.
قال صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له «قال الشيخ عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله تعالى على قوله «أو ولد صالح يدعو له» كلاماً جميلاً».
وجميع ما يصل إلى العبد من آثار عمله ثلاثة:
الأول: أمور عمل بها الغير بسببه وبدعايته وتوجيهه.
الثاني: أمور انتفع بها الغير أي نفع كان، على حسب ذلك النفع باقتدائه به في الخير.
الثالث: أمور عملها الغير وأهداها إليه، أو صدقة تصدق بها عنه أو دعا له، سواء أكان من أولاده الحسيين أو من أولاده الروحيين الذين تخرجوا بتعليمه، وهدايته وارشاده، أومن أقاربه وأصحابه المحبين، أو من عموم المسلمين، بحسب مقاماته في الدين، وبحسب ما أوصل إلى العباد من الخير، أو تسبب به أهـ.
وهذه الأمور هي مضمون قوله تعالى: {إنَّا نّحًنٍ نٍحًيٌي المّوًتّى" وّّنّكًتٍبٍ مّا قّدَّمٍوا وّآثّارّهٍمً} قال ابن كثير رحمه الله في تفسيرها: نكتب أعمالهم التي باشروها بأنفسهم، وآثارهم التي آثروها من بعدهم، فتجزيهم على ذلك إن خيراً فخير وإن شراً فشر.
والشيخ عبدالرحمن آل فريان قد ترك بحمد الله تعالى آثاراً كبيرة طيبة في تشجيع الحفظة حيث بذل وقته وجهده في ذلك، فكان رحمه الله في كل مجال من مجالات الحياة له جهوده الطيبة المشكورة في الدعوة إلى الله تعالى، حيث الدروس الثابتة في مسجده، والكلمات المتنوعة في الإذاعة، ومدارس الكليات من البنين والبنات، والمساجد، وحلقات التحفيظ، وتوجيه مدرسي الحلقات في الاجتماع الشهري.
إضافة إلى أياديه البيضاء في مساعدة الفقراء والمساكين والمحتاجين، فكم فرَّج الله به من كرب، وأزال به من همَّ وغمَّ.
وفي جانب الاحتساب فحدث ولا حرج، فهو من أئمة المحتسبين في هذا العصر، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة، فإذا ذكر له منكر تمعَّر وجهه وعمل ما يستطيعه، بعد التحقق والثبت، امتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم :«من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان، رحمك الله يا أبا عبدالله، وأعان السائرين على دربك.
أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يرفع درجته في الغابرين، وأن يفسح له في قبره، وأن يجعله روضة من رياض الجنان، وأن يخلف على الأمة الإسلامية بخير.
هو ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved