بوفاة الشيخ عبدالرحمن الفريان - رحمه الله - فقدنا عالماً جليلاً، وداعية موفقاً، وآمراً بالمعروف، وناهياً عن المنكر مسدّداً.
كان رحمه الله حريصاً على نشر العقيدة الصحيحة، وتعليم التوحيد للناس، وتذكيرهم بالله تعالى، ونصحهم وإرشادهم للخيرات، وتحذيرهم عن السيئات والوقوع في المنكرات، بأسلوبه المؤثر في القلوب، وصوته الجهوري.
وعرفناه قدس الله روحه بعنايته بتحفيظ القرآن الكريم، وحرصه على تعليمه وتلقينه وتحفيظه للطلاب والطالبات، والرجال والنساء كباراً وصغاراً، فرعى جمعيات تحفيظ القرآن الكريم في المملكة وله اليد الطولى في دعمها وتأسيسها واختيار الأساتذة لتعليم القرآن وتجويده وتوزيعهم على كافة مساجد المملكة ولله الحمد فلا تكاد تجد مسجداً في المملكة إلا وفيه حلقة لتحفيظ القرآن الكريم تتبع الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم التي يرأسها ويشرف عليها الشيخ عبدالرحمن الفريان رحمه الله وبلغت فروع الجمعية في المملكة إلى اثنتين وثمانين جمعية، تتبعها مئات المدارس، وآلاف الحلقات التي خرجت بحمد الله كل عام ما يصل إلى خمسة آلاف حافظ للقرآن الكريم يتم تخريجهم في حفلات سنوية في كل منطقة من مناطق المملكة يرعاها أصحاب السمو أمراء المناطق تشجيعاً لحفظة كتاب الله الكريم ويحضر كل احتفال فضيلة الشيخ عبدالرحمن الفريان رحمه الله ويُلقي كلمة توجيهية في تلك المناسبة.
ولقد كان إلى وقت قريب يتنقل بين مدن المملكة للمشاركة في احتفالات جمعيات تحفيظ القرآن، ومتابعة المدارس، والإسهام في تقديم الحلول لمشكلاتهم - رغم كبر سنه، وظروفه الصحية فلقد أفنى حياته في خدمة القرآن الكريم.
وكان رحمه الله يحظى باحترام وتقدير ولاة الأمر في بلادنا، ويحرصون على تقديم كل الدعم لما يطلبه من تبرعات لجمعيات تحفيظ القرآن الكريم.
وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين حفظه الله الذي عُرف بعنايته بكتاب الله تعالى طباعةً ونشراً عبر مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف وتوزيعه لما يربو على (مائة وسبعين مليون نسخة) من المصحف الشريف على المسلمين في العالم.
كما حرص خادم الحرمين الشريفين على تقديم كل الدعم لجمعيات تحفيظ القرآن ولا أدل على ذلك من تبرعه - حفظه الله - بجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام عام 1404هـ (ومقدارها ثلاثمائة ألف ريال) لجمعيات تحفيظ القرآن الكريم في المملكة. وأصدر - حفظه الله - أمره الكريم بمنح كل جمعية لتحفيظ القرآن في المملكة قطعة أرض مساحتها ألفان وخمسمائة متر مربع لاقامة مقر للجمعية عليها، ومعاملة جمعيات تحفيظ القرآن الخيرية من حيث الدعم والمميزات معاملة الجمعيات الخيرية التابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية وكان ذلك في قرار مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين في الجلسة المنعقدة في 7/11/1422هـ.
وكان لصدور الأمر السامي الكريم في 10/7/1424هـ بضم جمعيات تحفيظ القرآن الكريم إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد لتشرف عليها أثر كبير في تقديم الدعم والرعاية لتلك الجمعيات، وتنظيم شؤونها المالية والإدارية بما يعينها على تحقيق رسالتها السامية في بلاد الحرمين الشريفين. ولقد كانت للشيخ عبدالرحمن الفريان جهود مشكورة في المجال العلمي حيث الدروس والمحاضرات الإرشادية في المساجد والمدارس والسجون والجامعات. كما كان له إسهام مبارك في «إذاعة القرآن الكريم». وتقديم عدد من البرامج النافعة في العقيدة والآداب والسيرة النبوية. هذا غيض من فيض، فمناقبه كثيرة، وسجاياه عديدة.
ندعو الله له بالمغفرة، ونسأل الله ان يبارك في جهود علمائنا للسير على منهجه في العلم والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونشر وتحفيظ القرآن الكريم لننال الأجر العظيم في قوله صلى الله عليه وسلم «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» رواه البخاري.. والله الموفق
|