* بروكسل - (د.ب.أ):
يجري وزراء التجارة من مختلف دول العالم في اجتماعهم هذا الاسبوع في مدينة كانكون بالمكسيك مباحثات شاقة ولكنهم سيتخذون قرارات قليلة بشأن تحرير التجارة العالمية المتردية، ويواجه مندوبو الدول في مؤتمر منظمة التجارة العالمية التي تضم 146 دولة جدول أعمال شاقا يدعو إلى بذل المزيد من الجهود لتعزيز التجارة في مجالات
السلع الزراعية والمنتجات الصناعية والخدمات، ولكن المخاطر كبيرة.
وأكد الرئيس الامريكي جورج دبليو بوش في واشنطن الاسبوع الماضي أن "فتح الاسواق العالمية هو السبيل لاحراز النجاح بالنسبة للدول الغنية والفقيرة على حد سواء، وحذر باسكال لامي المفوض التجاري في الاتحاد الاوروبي قبل بدء محادثات منظمة التجارة العالمية أن تحقيق نتائج سيئة في كانكون سيكون له انعكاسات سلبية على الاقتصاد العالمي.
وجاء في تقرير جديد للبنك الدولي أن التوصل إلى اتفاق «جيد» في إطار منظمة التجارة العالمية يمكن أن يحقق مكاسب في الدخل تتراوح ما بين 290-520 مليار دولار بالنسبة للدول الغنية والفقيرة على حد سواء كما سينتشل 144 مليون شخص إضافي من هوة الفقر.
ولكن عدم إحراز تقدم بشأن قضايا هامة مثل الزراعة يمكن أن يهدد بصورة خطيرة خطط إبرام اتفاقية منظمة التجارة العالمية الجديدة لتحرير التجارة التي تعرف باسم برنامج عمل الدوحة للتنمية بحلول نهاية عام 2004.
غير أن كثيرين لا يتوقعون أن تشهد كانكون التوصل إلى اتفاقية هامة أو حتى اتفاق في وجهات النظر، وما زال التقدم ضعيفا على صعيد برنامج عمل الدوحة الذي بدأ في العاصمة القطرية في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2001.
واجتماع كانكون هو ثاني أكبر حدث تنظمه منظمة التجاة العالمية، وكانت المنظمة قد تأسست في عام 1995 عقب جولة أوروجواي التي استغرقت ثماني سنوات، وتوصل أعضاء المنظمة إلى اتفاقية جديدة الاسبوع الماضي تسمح للدول الفقيرة بالحصول على أدوية رخيصة لمكافحة أمراض مثل الايدز، ولكن المفاوضات بشأن المسائل الاخرى المطروحة على جدول الاعمال الطويل مازالت تمضي ببطء مؤلم في الوقت الذي تشعر فيه كثير من الدول النامية التي تمثل أربعة أخماس عدد أعضاء المنظمة بالاحباط إزاء ما تعتبره فشل الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي في تحويل أقوالهم عن التنمية إلى أفعال، والقضية الفاصلة في مؤتمر كانكون هي الزراعة، وهذا الطبع يضع الاتحاد الاوروبي بل والولايات المتحدة بشكل أقل في موقف عسير.
وقال مسؤولو التجارة في الاتحاد الاوروبي إن مجموعة الاصلاحات الزراعية الداخلية الجديدة في الكتلة الاوروبية التي اتفق عليها في حزيران/ يونيو هذا العام ستعطي الاتحاد قوة أكبر في الاجتماع الوزاري في كانكون، وعززت بروكسل موقفها الشهر الماضي من خلال صياغة نص مشترك بشأن القضايا الزراعية مع الولايات المتحدة كي تقدمه إلى منظمة التجارة العالمية.
غير أن الدول الاخرى الاعضاء في المنظمة لم تبد تحمسا كبيرا حيال هذا النص بعكس ما كان متوقعا، وتشكو الدول المصدرة للمنتجات الزراعية التي تشكل مجموعة كيرنز وعلى رأسها أستراليا والصين والهند وجنوب أفريقيا والبرازيل من أن مجموعة الاصلاحات الزراعية التي اتفق عليها الاتحاد الاوروبي ليست كافية في الوقت الذي مازال الاوروبيون يدفعون فيه مبالغ كبيرة إلى مزارعيهم كما أن دخول المنتجات الزراعية إلى الاسواق الاوروبية ما زال مقيدا بالتعريفات المرتفعة. وأوضح المسؤولون في بروكسل الاسبوع الماضي أنهم سيقاومون شكوى مجموعة كيرنز بشدة.
وفي إشارة إلى أن مؤتمر كانكون سوف يشهد معارك ضارية شن فرانز فيشلر مفوض الاتحاد الاوروبي للشؤون الزراعية هجوما على البرازيل والصين والهند لتقدمهم بمطالب متطرفة بشأن إجراء مزيد من الاصلاحات الزراعية.
وقال فيشلر إن هذه الدول الثلاث التي حشدت دولا نامية أخرى خلف دعوتها لبذل مزيد من جهود الاصلاح في الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة في الوقت الذي تستبعد فيه تطبيق تخفيضات كبيرة على حواجزها الجمركية إنما تطلب المستحيل.
وحذر فيشلر قائلا لدي انطباع أنهم يحلقون في مدار مختلف وإذا كانوا يريدون العمل فعليهم أن يعودوا مرة أخرى إلى كوكب الارض.
كما أن الرسوم الجمركية على السلع المصنعة تزيد أيضا عن الرسوم المفروضة على المواد الخام مما يجعل تصديرها للاسواق الغربية أغلى ثمنا وأكثر صعوبة بالنسبة للدول النامية، وفي الوقت الذي سيلقي فيه مندوبو الدول خطبا نارية ويدرسون نصوص الاتفاقيات المعقدة في قاعة مؤتمرات القمة في كانكون يتوقع أن يتظاهر آلاف من مناهضي العولمة احتجاجا على الاجتماع، ويوجه منتقدو قيام نظام تجارة خارجية أكثر اندماجا اتهامات إلى العولمة بأنها أضرت بأفقر فقراء العالم وعرقلت التنمية الاقتصادية، غير أن تقاليد منظمة التجارة العالمية تشير إلى أن عددا من قوات الشرطة يزيد عن ألفي فرد سيفصل بحرص بين الوزراء المشاركين في المؤتمر والمتظاهرين كما ستفرض البحرية طوقا أمنيا فاصلا حول كانكون بعرض ميلين.
| 
