Saturday 8th september,2003 11302العدد السبت 11 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

المسؤول عن ملف حوار الحضارات بالجامعة العربية المفكر الإسلامي الدكتور أحمد أبو المجد لـ « الجزيرة »: المسؤول عن ملف حوار الحضارات بالجامعة العربية المفكر الإسلامي الدكتور أحمد أبو المجد لـ « الجزيرة »:
الجامعة العربية عليها دور كبير في التصدي للانتهاكات الإسرائيلية وتصحيح صورة العرب

* القاهرة- مكتب الجزيرة - طه محمد:
طالب المفكر الاسلامي المعروف الدكتور أحمد كمال أبو المجد وزير الإعلام المصري الأسبق والمسؤول حاليا عن ملف حوار الحضارات في الجامعة العربية الأمة العربية والاسلامية بالتصدي بحزم للانتهاكات الاسرائيلية المستمرة ضد أبناء الشعب الفلسطيني ووقف أسراب النعوش التي تخرج يومياً من الأراضي الفلسطينية المحتلة وكذلك العمل على تصحيح الصورة العربية والاسلامية المغلوطة في الغرب.
وأكد أبو المجد في حواره ل «الجزيرة» ان الأمة العربية والاسلامية أذكى من ان يدبر لها بليل من مؤامرات وتهم تشوه الصورة أمام العالم مشدداً على ضرورة ان يدرك الخطاب الاسلامي فقه الأولويات والمقاصد الأساسية للشريعة الاسلامية وطبيعة العلاقة مع الآخر والتأكيد على أعمال المنهج العلمي في التفكير بحيث يتوافق ذلك مع الكتاب والسنة النبوية الشريفة.
كما تناول د. أبو المجد العديد من القضايا في الحوار التالي:
تحديات في مواجهة الأمة
* هل ترون أن توليكم لمنصب المسؤول عن ملف حوار الحضارات في الجامعة العربية سيعمل على تحريك هذا الملف في الوقت الراهن؟
أنا أعمل في هذا المجال منذ أربعين عاماً، وليس هذا بجديد عليَّ، ولكنه سيكون جهدًا تنسيقيًا مع ما يقوم به الأمين العام للجامعة «عمرو موسى»، ولذلك سأحاول القيام بهذا الدور بأمانة حتى يمكن مواجهة ما يحاك ضدنا هنا وهناك.
وأؤكد أننا أمة نمر بلحظة تاريخية مريرة يجب أن تتوقف معها المهرجانات والاحتفالات، لأننا نشهد حالة حرب ضد العرب والمسلمين، وهو ما يستدعي أداء الأعمال والمهام المطلوبة بكفاءة تامة، وأن ينسحب من لا يعمل ليفسح المجال لمن يعمل بنقاء حتى نستطيع مواجهة هذه اللحظة المحزنة التي يمر بها العرب والمسلمون، ونوقف أسراب النعوش التي تخرج يومياً من بيوت الفلسطينيين في الأرض المحتلة. فاستمرار هذا الوضع سيؤدي إلى اختفاء المعتدلين من الأمة بسبب المذابح اليومية المستفزة التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي والإجراءات التي يتم ترتيبها يومياً على الأرض الفلسطينية وضد أبنائها.
* ما المطلوب من الأمة أَنْ تفعله لتصحيح صورتها وما أصابها من تشويه عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر واستغلال أجهزة الإعلام الغربية لهذا الحادث لتشويه صورة العرب والمسلمين؟
لا شك أنه بعد وقوع تلك الأحداث ظهرت قوى تسعى إلى بسط الهيمنة الثقافية في العالم كله، والتدخل في ثقافة الآخرين إلا أن الأمة الإسلامية وما لديها من عزة يجعلها تنظر في ذلك التحدي بعقلانية بالرغم من غضبتها عقب ما أصابها من تشويه هي والعرب عقب عاصفة سبتمبر. وأنا أدرك أنه من الضروري أن يفوّت العربُ والمسلمون الفرصة على راغبي الاصطياد في الماء العكر، فالمسلمون أذكى وأحصف من أن يدبر لهم بليل، وهو أمر يضع على علماء الإسلام والمفتين في العالم الإسلامي دوراً كبيراً في تصحيح الصورة التي علقت بأذهان هؤلاء عن الإسلام والمسلمين خصوصا والعرب عموماً، وأن يتصدوا للأفكار الهدامة، وإبراز الصورة الصحيحة للدين الإسلامي. ومن الضروري على المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي وخصوصاً الأزهر الشريف أن يقوم بدور في تصحيح الدعوات المغلوطة ذات التأثير السلبي الذي يمارسه أنصاف المتعلمين أو الجهلاء.
دعاية غربية
* ألا تخشى على الأمة العربية والإسلامية أن يتم عزلها عن العالم في ظل الدعاية الغربية التي تتعرض لها من جانب أجهزة الإعلام التي تسيطر عليها الجماعات اليهودية في الغرب؟
أؤكد أن العزلة غير جائزة إسلاميا أو واقعياً، وعلى الخطاب الإسلامي المعاصر أن يدرك فهم فقه الأولويات والمقاصد الأساسية للشريعة الإسلامية، وأيضا فهم طبيعة العلاقة مع الآخر، وأن الإسلام ليس في قتال مع الدنيا كلها. وأحذر من خطورة الانغلاق أو عدم الانفتاح على الآخرين والغفلة عن الواقع، لأن ذلك ستكون آثاره سلبية، ولم يكن ذلك من طبيعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا في سيرة أصحابه أو التابعين من بعدهم.
فقه الأولويات
* وكيف يمكن للخطاب الديني المعاصر فهم «فقه الأولويات» والتعامل في ضوء الرغبة الجادة من الأمة الإسلامية في الحوار مع الآخر؟
لا بد من إعادة ترتيب الأولويات عند عرض الإسلام والدعوة إليه، وهذا لا شك في أنه مجال في تكامل بناء الإسلام، فالعقيدة أساس الإسلام، والأخلاق ضمانة، والشريعة ترجمته العملية، والواجبات فيه كلها مطلوبة، والمحرمات كلها واجب تركها. ولكن دعوة الناس وكسب ولائهم والتوصل لإقناعهم يقتضيان التدرج وما يمكن أن يتراخى طلبه والتشدد في أمره، وكثير من الناس يقفزون قفزاً من كتب الفقه إلى منابر الدعوة من دون أن يتوقفوا ليعرفوا واقع الناس وما هم فيه. إن الأمر ليس فتوى أو تشريعاً إنما هو ترتيب في البيان وتدرج في معاملة النفوس طلبا لهدايتهم، فالدعاة إلى الإسلام يقعون في خطأ فادح إذا هم خرجوا على الناس في جميع المجتمعات بقائمة موحدة من الأوامر والنواهي، ومطالب الإصلاح والتغيير، متجاهلين خصائص تلك المجتمعات ومشاكلها التي تتفاوت في أهميتها وإلحاحها من زمن إلى زمن ومن بلد إلى بلد. إن الخلل في ترتيب الأولويات يزداد خطورة إذْْ يتحول الدعاة إلى أولي أمر وحكام، وحين يشرع باسم الإسلام في أخذ الناس به وإقامة أحكامه بينهم فهم ليسوا ملزمين باسم الإسلام وشموله بتطبيق أحكامه في شؤون الناس جملة واحدة، فهو التزام بما لا يلزم وتوريط لاسم الإسلام ودعوته بما لا ضرورة له. وعلى أولئك الذين لا يفهمون فقه الأولويات أن يبدؤوا بكبريات الأمور وأساسيات الحكم العادل وتوفير قدر من الحرية والكرامة والعدل بين الناس وإعلان عزمهم على تنفيذ برنامج مرحلة إصلاحي تتعاقب مراحله في أناة وروية ليتعرفوا على أحكام الإسلام مرحلة بعد مرحلة وحكماً بعد حكم حتى يقبلوا على دخول الإسلام لا الرهبة منه، فالدعوة إلى الإسلام ينبغي أن تكون بالترغيب وليس بالترهيب.
مستقبل الأمة
* في ظل هذه الأوضاع الحالكة التي تواجه العرب والمسلمين .. كيف تنظرون إلى مستقبل الأمة العربية والإسلامية؟
لا يمكن أن نستشرف المستقبل إذا لم نبذل للحاضر، فنحن على مفترق طرق إما أن نستمر فيما نحن عليه من الكلام الكثير والعمل القليل والتشرذم الذي يزداد يوماً بعد يوم، وإما أن تكون السلبيات التي أكثرنا الحديث عنها موقظة للهمم فاتحة للأعين جامعة للشمل محركة للأمة. إن الوقت الذي نعيش فيه هو وقت للتوقف والتأمل، وإن كان يحمل بذور التوجه إلى المستقبل وهذه البذور هي التي نريد أن ننميها، وهناك بشائر وعي بضرورة قيام نهضة إسلامية، وهو الجزء المشرق في الصورة، فليست الصورة قاتمة ولكن بشائر الوعي والرشد وبدايات الحركة تبدو في الأفق وعلينا أن ننميها ونحميها ونحركها وننطلق من خلالها.
والحل - كما أراه - في العقول وسأظل أردد ذلك إلى ما لا نهاية، فتحريك العقول وتنوير الصدور وإصلاح النفوس وإزالة الامتعاض والانكماش من نفوس الشباب هو المنطلق، ويوم أن يحدث هذا فسيرى الناس عجباً، وسيكون لنا في الخريطة العامة موقع من مواقع الريادة. وأرى أنه من الضروري تحديد الحركة الواجبة الاتباع في الحاضر لتوجه التحرك إلى المستقبل توجيهاً يحقق القدر الأكبر من أهداف الجماعة المسلمة. فما يصنعه المسلمون في حاضرهم هو الذي يحدد مصيرهم في مستقبلهم وما نحققه اليوم في واقعنا من شروط النهضة وأسباب الانبعاث هو وحده الذي يفتح أمامنا آفاق الرجاء ويطرق بنا أبواب الأمل في التغيير. وأعود إلى ما ذكرته أن الأمة لديها من الحصافة والذكاء ما يمكنها أن تتجاوز عثرتها وتحقق آمالها بإعلام يلعب دوراً هائلاً في توجيه عقول الناس وضمائرهم إلى صحيح الدين الإسلامي ووسطيته السمحة. وأؤكد أن الأمة حالياً في أمس الحاجة إلى جهود علمائها ومفكريها، ويمكن للمؤتمرات والندوات الإسلامية أن تكون مفيدة في تحقيق أهدافها، وأن ننشغل خلالها بمشكلاتنا الحقيقية التي تواجه المسلمين اليوم، ونأخذ الأمور بنية صادقة نستعين بها على حاضر الأمة ومستقبلها
الخطاب الإسلامي
الموجه إلى الغرب
* هناك دعوات متكررة في العالم العربي والإسلامي إلى تطوير الخطاب الإسلامي الموجه إلى الغرب.. فما رأيكم في مثل هذه الدعوات؟
بداية أؤكد أن إصلاح البيت لابد أن يأتي من الداخل.. وهنا أدعو إلى ضرورة إعمال المنهج العلمي في التفكير بحيث يترافق ذلك مع الكتاب والسنة النبوية الشريفة، وعلينا أن نسقط نهائيًا - بغير رجعة - تلك المقابلة العقلية بين العقل والنقل والتي شغلت صفحات طويلة من تاريخنا وأعواماً من صراعنا ظلت تشغل الأمة وقتاً طويلاً في حوار غير مفيد، وعندها سنتمكن من توجيه الخطاب المناسب إلى الآخر.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved