تمهيد: هذه أقوالٌ غير مأْثورة ورَدتْ ضمن أحاديثَ سابقة لي.. متباينةِ الأزمان.. متعدّدةِ الأغراض، ودَدْتُ اليوم أن أُشْرِكَ في تأمّلها قرّاءَ هذه الزاوية الكرامَ.. فقد يجدون فيها ما يفيد!
***
(1)
* أنا جزءٌ لا يتجَزّأ من هذا العصر، ماضيه وحاضِره، وما بقيَ لي من أنفاس مستقْبَلَه، فإن أَعتبُ على شيءٍ، فإنّما أعتب على نفسي، ولن (أُسْقِطَه) على الزمن.. ولا على الآخر، وما عايشْتُه من سرّاء وضرّاء على رصيف الأيام.. هو قدري الذي كتَبَه الله لي، وأحمدُه قبلَ كلّ شيء وبعدَ كلّ شيء أن أبْقاني حَيّاً كي أشهدَ في الكِبَرِ من المنافعِ والنِّعم ما لم أحلمْ به في الصِّغر!
***
(2)
* الكتابةُ.. حياةٌ.. وهمٌّ.. وكَبَدٌ وإبداع، والكتابةُ عندي كلُّ ما ذُكِرَ أعلاه، وهو ما تعنيه لي الآن.. وكلّ آن، والإبداعُ صفةٌ ملازمةٌ ل(مهنة) الكتابة، يتباينُ عطاؤها قَدْراً وقُدرةً بين كاتب وآخر، أمّا الكتابةُ التي لا تعتَرفُ بالإبداع أو لا يَعترفُ هو بها، فهي نقشٌ في الرمال، أو حرثٌ في البحر!
***
(3)
* المحبة بين البشر حِينَ يُتوَجُ بعفِّة الغرَض ونقَاء الغاية فضيلةٌ لا ينكرُها إلاّ عابثٌ أو مسْتَهترٌ بالحرمات، وأتمنَّى صَادقاً أن تكونَ الكلمةُ الصادقةُ صراطَ محبةٍ وجسْرَ ثقةٍ دائمةٍ بيني وبين جميع قُرّائي، عَبرْ كلّ المستويات!
***
(4)
* لا توجدُ علاقةُ (رحْمٍ) ولا (نَسَبٍ) بين الثقافة والوجاهة الاجتماعية ليكونَ أحدُهما سبَباً والآخرُ نتيجةً، فالثقافة شيءٌ والوجاهة الاجتماعية شيءٌ آخر، والخلطُ بينهُما عبثٌ سَافر، الوجاهةُ الاجتماعية بدون تأْهيل ثقافيّ لا تمنَحُ صاحبَها قَدَماً ولا (إنْشاً) في سَاحة الثقافة، لكن الإبداعَ الثقافيَّ يخلعُ على صَاحبه وجاهةً من نوع خاص، وسأضربُ لذلك مثالين: فالدكتور/ طه حسين رحمه الله اكتسَب كلَّ سِماتِ الوجَاهة الاجتماعية والسياسية والثقافية في بلده مصر وخارجها بسَبب أدبه الذي اخترقَ بصيتِه الآفاقَ، والأديبُ الصديقُ الدكتور/ غازي القصيبي، رغم أنه ينتَسِبُ إلى أسرةٍ عريقةِ الجاه، لكنّه اكتسَبَ وجاهةً ثقافيةً متميّزةً في هذه البلاد وخارجها بسبب ثَرائِه الإبداعي المتفوّق الأداء، شعراً ونثراً وروايةً!
***
(5)
* يعْبُر المرءُ منّا بوابةَ الحياة عَبْر صراطيْن من النموّ:
* نموّ ماديّ تمثّله مظاهرُ الحسِّ، جسْماً، ومَالاً، وزَاداً ولباساً، ووسيلةَ انتقال!
* ونموّ عقلي ووجداني وآليّةُ سلوكٍ وتعامل.. مع مَنْ حوله، وهذا يعني أن المرءَ يتغيَّرُ متأثِّراً بمنظومةِ القيم والمواقف والطباع والعادات التي تشَكِّل (سيناريو) سُلوكِه اليوميّ، أخْذاً وعطَاءً، والسلوك في هذا الحال، ليس سوى (أداة) تعبير عن هذه الأنماط من التغيّر، بأسلوب أو بآخر، في أكثر من زمان ومكان.
***
(6)
* إنّ تنْميةَ العمَالة الوطنية ليستْ أطروحةَ أكاديميّ، ولا حلمَ شَاعر، ولا هاجسَ بيروقراطيّ، بل هي قضيةُ وطنٍ وموَاطن تستفزُّ العقولَ: تفكيراً وتعبيراً، ولا بّد من التعامل معها من هذا المنظور فحَسْب، ومواجهتُها جهدٌ جماعيٌ.. لا تختصُ به جهةٌ دون أخرى، ولا ينفردُ به مسئولٌ عن آخر، نحنُ جميعاً شُرَكاءُ في هذه القضية، أفراداً وقياداتٍ ومجالسَ ومؤسساتٍ، حكوميةً وأهلية!
***
(7)
* المطلوبُ الآن، وليسَ غداً، إعادةُ النظر في أُطرنا التعليمية والتربوية والتدريبية بما يلائمُ لوازمَ النقْلة المنشَودة في سوق العمل لصالح المواطن والوطن، ويخفّف بالتالي ظاهرةَ الاعتماد على الاستقدام من الخارج بحجّة عدم توفّر البديل محلياً!
***
* المطلوبُ الآن، وليسَ غداً، توظيفُ منابرنا الدينيّة وقنَواتنا التربويّة والإعلامية لتوعيةِ الجِيلِ الشَّاب بفَضِيلة العمل من أجل الكسْبِ الحلال، وتكوين مواقفَ إيجابيةٍ ترغّبُ فيه، وتحضُّ عليه، وتدعو إليه، ويمكن أن يُرْبطَ ذلك بمضامينَ ساميةٍ تُستقَى من الكتَاب والسنّة المطهّريْن، وموْرُوثِ الآباء والأجْدَاد الذين كانوا يمارسُون الاعتِمَادَ على الذات بعد الله.. في البيت والمزرعة والسُّوق والهجْرة!
|