القرحة الهضمية عبارة عن جرح في الجدار الداخلي للمعدة والاثناعشر وغالباً ماتكون على شكل فجوة صغيرة دائرية أو بيضاوية الشكل يتراوح قطرها بين عدة مليمترات وعدة سنتيمترات تقريباً، والمعدة أثناء عملية الهضم وفي أوقات أخرى معينة تقوم بإفراز حمض الهيدروكلوريك إضافة إلى إنزيم الببسين ويمكن أن تسبب هذه العصارات الهاضمة القوية تآكلاً لبطانة المعدة والاثناعشر نتيجة ضعف دفاع المعدة ضد هاتين العصارتين الهاضمتين، وفي المقابل فإن الإفرازات المخاطية عادة تحمي المعدة والاثناعشر من تأثيرات العصارات الهاضمة، وتنشأ قرحة الاثناعشر نتيجة زيادة في كمية حمض الهيدروكلوريك وإنزيم الببسين.
أعراض المرض
في بداية المرض غالباً لا يشعر المرضى بوجود أي أعراض تذكر إلا آلام في المعدة، وغالباً ما تكون بشكل حرقة شديدة تزداد عندما تكون المعدة خالية من الطعام ، وهذه الحرقة غالباً ما تكون على شكل حرارة أو مغص ينتشر عبر الجزء الأعلى من البطن ، ويظهر عادة مع الجوع أو بعد ساعة إلى ثلاث ساعات من تناول الطعام يزول تدريجياً مع تناول الأدوية المضادة للحموضة، وغالباً ما يصاحبها من أعراض عامة ، مثل الشعور بالقيء والغثيان وما يصاحبها من فقدان الشهية للطعام، وقد تحدث هذه الأعراض أثناء النوم فيستيقظ المريض بتلك الأعراض، وفي بعض الأحيان تنحصر آلام القرحة في منطقة الصدر، ويصعب التمييز بينها وبين آلام الذبحة الصدرية.
التدخين أهم الأسباب
هناك مؤشرات بأن التدخين من أهم مسببات التهابات وقرحة المعدة و «الاثنا عشر» وقد أثبتت الدراسات أن نسبة المصابين بالقرحة من المدخنين أكثر من غيرهم .. كذلك فقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن للتدخين دوراً رئيسياً في تأخير شفاء قرحة المعدة و «الاثنا عشر» حيث يلعب النيكوتين دوراً في تخفيف كمية السوائل والبيكربونات التي تفرزها البنكرياس وكذلك يؤدي إلى ارتخاء عضلات مخرج المعدة وبالتالي ارتجاع عصارة المرارة إلى المعدة مما يسبب تهيجها .. كما أنه يؤثر على الدورة الدموية ل«الاثنا عشر» مما يقلل المناعة المخاطية وحتى لو شفيت القرحة مع العلاج فإن المدخن يتعرض لانتكاسات أكثر من غيره ، وكذلك بالنسبة لشرب المحرمات كالخمر ونحوه التي تؤدي الى تهيج الغشاء المبطن وتآكله ، بل إن مضاعفات القرحة - مثل حدوث النزف - تكون أشد وأخطر بسبب التدخين وإدمان الخمور .
بعض الأغذية المهيجة
بعض الأطعمة والمشروبات التي تحتوي على مواد مهيجة تؤدي إلى تفاقم أعراض القرحة ومن هذه الأطعمة الأكلات الحارة الغنية بالتوابل ومنها الفلفل الحار والشطة الحارة والبهارات والقهوة والعصائر الحمضية وينصح مرضى القرحة بتجنب كل ما قد يؤدي إلى تفاقم الأعراض .
مضاعفات القرحة الهضمية
النزيف الدموي يعتبر أحد أسوأ المضاعفات المنتشرة عند المصابين بالقرحة ويتم ذلك نتيجة حدوث جرح لأحد الأوعية الدموية المارة بجدار المعدة في منطقة القرحة وقد يكون النزيف ثانوياً وتدريجياً فيؤدي إلى فقر الدم ، أو نزيفاً رئيساً إذا جرح وعاء دموي رئيسي فيحدث نزيف ملحوظ يظهر على شكل البراز الأسود اللين أو يتقيأ المصاب دماً ، وقد يؤدي هذا النزيف إلى فقد كمية كبيرة من الدم قد تؤدي إلى حدوث هبوط في الضغط فيحدث نقص في جريان الدم في الدماغ وتؤدي لنقص كمية الأكسجين الواردة إليه فيشعر المصاب بالدوار أو الإغماء ، بل وفقدان الوعي في بعض الحالات ، ويحتاج المريض بالقرحة النازفة إلى معالجة سريعة في المستشفى ويتم إعطاء المريض بعض الوحدات من الدم لتعويض الدم النازف ويجري له منظار الجهاز الهضمي العلوي لتحديد مكان النزف ، ويتم ايقافه بواسطة الكي أو أشعة الليزر وفي بعض الحالات يتوقف النزيف تلقائياً دون حاجة إلى تدخل جراحي ولكن في بعض الحالات قد يستمر أو يعاود الظهور وقد يحتاج إلى إجراء عملية جراحية لربط الوعاء الدموي النازف.
الوقاية من القرحة
يمكن تلخيص أساليب الوقاية من القرحة في الابتعاد عن العوامل التي تساعد على نشوئها مثل تنظيم حياة المريض وتجنب الاجهاد قدر الامكان وتناول الطعام في مواعيد منتظمة ، الابتعاد عن التدخين والمشروبات الكحولية ، الامتناع عن تناول أقراص الاسبرين ومشتقاته للمصابين بالقرحة ، تناول وجبات صغيرة من الأطعمة سهلة الهضم كالطعام المسلوق والخضار والفاكهة الطازجة والابتعاد عن الأطعمة المقلية بالزيت والمأكولات التي يدخل فيها البصل والطماطم وتفادي الدهون والفلفل والبهارات والتوابل في الطعام، والحلويات الدسمة والقهوة والشاي ، واتباع نظام غذائي معتدل ليس فيه إفراط ولا تفريط وعدم الأكل والمعدة مليئة بالطعام وتجنب النوم مباشرة بعد تناول الطعام لأن أغلب آلام المعدة تحدث عند النوم.
* استشارية أمراض الجهاز الهضمي والمناظير والكبد بالمركز
عضو الجمعية الأمريكية للجهاز الهضمي والمناظير
|