هل أراد محمود عباس «أبو مازن» أن يرتاح ويريح الآخرين بعد أن قدم استقالته للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وبالتالي سقوط أول حكومة فلسطينية..؟!!
في الواقع الاستقالة إن قبلت.. وإن تمت فإنها لن تريح محمود عباس ولن تريح الفلسطينيين، ولكنها قطعاً ستريح من أوصل محمود عباس وحكومته إلى هذا المصير فالذين دفعوا بهذا الرجل الذي يوصف بأنه شريك ياسر عرفات وتوأمه في النضال الفلسطيني، تركوه يواجه مصيره لوحده، بل أكثر من ذلك فجروا في وجه حكومته العديد من الألغام والصعاب، فالإسرائيليون والأمريكيون معاً لم يبذلوا أي جهد لدعم حكومة أبو مازن التي فرضوها على الفلسطينيين وهللوا لها، بل على العكس من ذلك صنعت إسرائيل أجواء معادية للحكومة الجديدة ومنعتها من القيام بأي عمل ملموس يُشعر الفلسطينيين بفائدة التغيير الجديد الذين أخذوا يعيشون واقعاً أسوأ من ذي قبل، فالاغتيالات الإسرائيلية أخذت في التزايد، وهدم وتدمير المنازل في تصاعد، واجتياحات قوات الاحتلال الإسرائيلي تتم كل يوم، وكل هذا يتم والولايات المتحدة الأمريكية التي اختارت محمود عباس وفضلته على ياسر عرفات التي تريد إلغاءه من تاريخ فلسطين لم تحرك ساكناً تجاه كل الانتهاكات الإسرائيلية، بل أكثر من ذلك قدمت واشنطن دعماً متزايداً لكل الأفعال الإسرائيلية مما جرد رئيس الحكومة الفلسطينية من أي دعم جدي، واظهاره وكأنه يوافق على الاجراءات الإسرائيلية وهذا ما دعم موقف الرئيس ياسر عرفات الذي كسب مساندة كل الفصائل الفلسطينية التي وإن طالبت ببقاء حكومة محمود عباس ورفض استقالته لأن قبولها في هذا الوقت وفي مثل هذه الظروف ستضر بالمصلحة الوطنية.
هذا الموقف العصيب الذي يحاصر القيادات الفلسطينية كما يحاصر الشعب الفلسطيني أظهر كم كانت مرارة الطعم الذي ابتلعوه بالموافقة على تشكيل حكومة بفعل ضغط خارجي ومن أجل تمرير مخططات أثبتت الأحداث بعد تشكيلها أنها لا تخدم مصالح الشعب الفلسطيني الذي كُتب عليه أن يدفع ثمن هذا الخطأ الإستراتيجي.
|