Sunday 7th september,2003 11301العدد الأحد 10 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

دفق قلم دفق قلم
عبدالرحمن آل فريان
عبدالرحمن صالح العشماوي

حينما زرته في مكتبته المجاورة لمسجده في شارع آل فريان في الرياض وجدته ذا قلب حنون، ونفسٍ رضية متواضعة، وأخلاق كريمة، حتى لقد خُيِّل إليَّ - حينها - أنني أعرفه منذ زمنٍ بعيد، وكان لقائي الأول به - يرحمه الله - بناءً على اتصال هاتفي كريمٍ منه بدأني به تشجيعاً منه لي، ورغبةً منه في مشاركتي بقصيدة في حفل ختامي - ذلك العام - لجمعيات تحفيظ القرآن الكريم في منطقة الرياض برعاية الأمير سلمان بن عبدالعزيز.
وكانت تلك المكالمة الهاتفية بداية علاقة وثيقة بعالمٍ جليلٍ، وداعيةٍ مثابر، وفاعل خيرٍ كبير سعدت بها كلَّ السعادة، ووجدت لها أثراً طيباً في نفسي وعقلي، ومشاعري.
الشيخ عبدالرحمن آل فريان، سنوات من الدعوة والارشاد، وخدمة القرآن الكريم، وفعل الخير المتمثل في رعاية حافظي القرآن وأسرهم المحتاجة، والدعم الذي لا ينقطع لكل محتاجٍ يصل إليه.
سنوات من العمل الدعوي كان يتنقل فيها بين مناطق المملكة جميعها، مرتباً جدولاً لذلك، تارة يذهب إلى المنطقة الشمالية، وأخرى إلى الغربية، وثالثة إلى الشرقية، ورابعة إلى الجنوبية، وهو في رحلاته كلها يقدم المواعظة والخطب العامة، وخطب الجمعة، والدروس الدينية، ويتعرف على أحوال الناس، ويزورهم - حسب ما يسمح به وقته - في منازلهم.
الشيخ عبدالرحمن الفريان، واحد من جيلٍ مثابر، عاش على التقوى والصلاح - نحسبه كذلك - وعلى الإحساس بأهمية أداء العالم لدوره في تعليم الناس دون ملل، وأداء الداعية لدوره في إرشاد الناس وتوجيههم دون كلل، عاش مصلِّياً صائماً، حاملاً لهموم الأمة، قائماً بواجبه على حسب استطاعته، حافظاً للمودة، مخلصاً في مشاعره، متواضعاً في حياته، واحد من جيلٍ تعلَّم العلم، وحمل لواءه، وسعى إلى نشره متجهاً به إلى الله عز وجل، بعيداً عن بهرج الدنيا وزينتها، وبريقها الخادع، ونظر إلى الحياة نظرةً شاملةً متوازنة ليس فيها تعصُّبٌ لرأي أو مذهب أو فكرة أو شخص، لقد كان همُّه الأكبر إصلاح أحوال المسلمين مع ربهم، وإبعادهم عن مهاوي الردى التي تسوق إليها الشهوات الجامحة والشبهات المضلِّلة.
«عبدالرحمن الفريان» شخصية مسلمة قوية في الحق، وصوت جهوري واضح النبرات، وقلبٌ عطوفٌ حنون، صفات تدل على شخصية ذات قيمة وقدر.
وقد نالهم من الاضطراب ورهبة اللقاء به ما جعلهم يترددون في مقابلته، ويهابون محادثته والجلوس إليه، ولكنهم سرعان ما يعيشون معه لحظاتِ الصفاء، حتى كأنهم يعرفونه منذ زمنٍ بعيد.
رحل «أبو عبدالله» بعد أن نقش آثاراً طيبة على واجهة العلم والدعوة وخدمة كتاب الله، ورعاية المحتاجين، وبعد أن رسم طريقاً واضح المعالم لمن يريدون أن يسلكوا طريق خدمة القرآن الكريم على حسب قدرتهم وطاقتهم، فقد بدأ - رحمه الله - بداية صغيرة، وظل ينمِّيها، ويرعاها حتى تحقق على يده - بعون من الله - فتح عشرات جمعيات تحفيظ القرآن في أنحاء المملكة المترامية الأطراف.
لقد صلَّيت الجمعة مع شيخنا مراتٍ متعددة، واستمعت إلى خطبه التي يلقيها مع شيء من الترنيم اللطيف على طريقة خطباء الجمعة من الجيل الماضي، ورأيت عدداً أكبر من طلاب العلم، وأصحاب الحاجات، ومسؤولي جمعيات تحفيظ القرآن الكريم، ويفضي إليه كل منهم بحاجته، ويجدون منه كل اهتمام وحرص على تحقيق ما يريدون، عَلَمٌ من الأعلام ودَّعنا، نسأل الله أن يجمعنا به في جنات النعيم وعزائي إلى أهله جميعاً، وإلى ابنه الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الفريان
{انا لله وانا اليه راجعون}.
إشارة


هي رحلة القرآن أثمرغرسها
وتهيأت واحاتها لحصاد

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved