* الجزائر - «رويترز»:
حثت قيادة جبهة التحرير الوطني اكبر حزب سياسي بالجزائر علي بن فليس زعيمها ورئيس الحكومة السابق على ترشيح نفسه في انتخابات الرئاسة المقبلة عام 2004 في خطوة قد تثير أزمة سياسية.
وجاءت دعوة اللجنة المركزية للجبهة في ختام اجتماعات استمرت ثلاثة ايام متزامنة مع اعلان معارضين داخل الجبهة تاسيس قيادة موازية ظهرت بوادرها منذ مارس اذار الماضي في اعقاب اعلان الامين العام بن فليس عزمه على تأمين استقلالية الحزب.
ويضع القرار جبهة التحرير الوطني في مواجهة مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وحكومته التي حاولت منع الجبهة من اختيار بن فليس مرشحا لها في الانتخابات الرئاسية التي تجرى في ابريل نيسان المقبل.
ومن المعتقد ان بوتفليقة يعتزم ترشيح نفسه في الانتخابات ومن ثم سيحتاج الى دعم جبهة التحرير الوطني لضمان النجاح لما تتمتع به من شبكة واسعة على المستوى القاعدي وسيطرتها على البلديات.
وسيتولى مؤتمر استثنائي للجبهة في الاسابيع القليلة القادمة التصويت على ترشيح بن فليس الذي اقيل في مايو ايار الماضي من رئاسة الحكومة وهو الذي ادار الحملة الانتخابية لبوتفليقة عام 1999. ولم يعلن اي منهما رسميا ترشيح نفسه حتى الآن.
وقالت اللجنة التي تضم 264 عضوا في بيان صدر في ختام الاجتماعات: «اللجنة المركزية تقترح ترشيح الاستاذ علي بن فليس الامين العام للانتخابات الرئاسية المقبلة وتقدم تزكية هذه المبادرة الى المؤتمر الاستثنائي الخاص طبقا للقانون الاساسي».
واضافت ان النداء يعكس «رغبة المناضلين التلقائية والمتزايدة والمصرة» في رؤية بن فليس يستجيب «لهذا الرجاء وبتجسيد هذا الامل بترشحه كمناضل للحزب العتيد وكابن الشهيد وكمواطن غيور على مكتسبات الشعب السياسية وطموح الى ازدهار الجزائر ورخاء شعبها».
كما هاجم البيان نشطاء بارزين غير اعضاء باللجنة المركزية متهما اياهم بالعمالة لرفضهم مساندة بن فليس.
وقال: «اللجنة المركزية تعرب عن اسفها واستيائها لما اصاب بعض الاطارات السابقة في الحزب من فقدان البصيرة والانغماس في متاهات الانانية ومأزق العمالة لاطراف مشبوهة والسقوط في الارتزاق مقابل الانتفاع والاستفادة من مغريات سرابية».
واعلن معارضون يوم الخميس انتخاب قيادة جديدة للحزب بزعامة وزير الخارجية عبد العزيز بلخادم، ومن المقرر ان تعقد مؤتمرا موازيا ايضا لاحقا، ويقول هؤلاء المعارضون ان المؤتمر الثامن الذي عقد في مارس آذار الماضي خرق القوانين الداخلية للحزب. .
وسئل بن فليس عن احتمالات رفض الادارة ترشيحه بسبب مشكلة التمثيل الشرعي للحزب بعد بروز قيادتين متنازعتين فرد قائلا للصحفيين: «عراقيل الادارة لن تمنعني من الترشح لمنصب الرئاسة، قانون الانتخابات واضح، كل من يستجيب للمعايير يمكنه المشاركة في السباق».
ومضى يقول: «هناك قيادة واحدة في الحزب منبثقة عن المؤتمر السابق.. غير ذلك فهو خارج القانون».
وشكل ذلك المؤتمر منعرجا في مسيرة الحزب الذي حكم البلاد منفردا منذ الاستقلال عن فرنسا عام 1962 الى عام 1989 حين اتاح دستور جديد ارساء التعددية الحزبية، وفي كلمة اعتبرها محللون خطوة اعلن بن فليس امام المندوبين في ذلك المؤتمر ان الحزب سيعمل على تاكيد استقلاليته عن الادارة.
وتعرضت مكاتب للحزب في مناطق مختلفة من البلاد في وقت لاحق لهجمات نسبت لمؤيدين للرئيس بوتفليقة.
وقالت اللجنة المركزية يوم الجمعة: ان «التحرشات والمضايقات والممارسات اللاشرعية التي تستهدف حزبنا» من فعل «عناصر نافذة في مؤسسات الدولة».
وحذرت تحليلات اعلامية من بروز ازمة مؤسسية في البلاد مشيرة الى احتمال لجوء الرئيس بوتفليقة الى حل البرلمان الذي يحوز فيه حزب جبهة التحرير
الوطني على الاغلبية بعد الانتخابات التشريعية عام 2001 التي حصد خلالها الحزب ايضا فوزا ساحقا في انتخابات محلية.
والقى كريم يونس رئيس المجلس الشعبي الوطني «مجلس النواب» الاسبوع الماضي في افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان خطابا غير معهود حين تحدى الرئيس بوتفليقة دونما ذكره بالاسم.
وقال يونس وهو عضو بارز بحزب جبهة التحرير الوطني: «لا يحق لاحد ان ينصب نفسه وصيا على الغير ولا حكما يقرر بداية المبادرة او ضوابطها او نهايتها ويقرر اظهار البطاقة الحمراء او الصفراء في مجال لا حكم فيه الا للشعب».
وعلقت وسائل اعلام رسمية قائلة ان يونس خاطب النواب بصفته ممثلا لحزب سياسي وليس كرئيس للغرفة الاولى للبرلمان.
وفي اليوم نفسه تبنى عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الامة «مجلس الشيوخ» خطابا مغايرا حين لمح الى مساندته للرئيس بوتفليقة.
كما وجه بن صالح القيادي البارز بالتجمع الوطني الديمقراطي وهو ثاني اكبر حزب في البلاد ويقوده رئيس الحكومة احمد اويحي انتقادات غير مباشرة لرئيس المجلس الشعبي الوطني داعيا الى التهدئة لتجنيب الجزائر متاعب جديدة.
ووصفت صحف محلية تناقض خطابي رئيسي الغرفتين بانه بداية «حرب المواقع بالبرلمان».
|