* القاهرة - مكتب الجزيرة - على البلهاسي:
في الوقت الذي تعاني فيه القوات الأمريكية من ويلات المقاومة في العراق يعاني الرئيس الأمريكي بوش من حملة هجوم عنيفة داخل الولايات المتحدة بسبب العراق ايضا والمؤكد ان الرئيس الأمريكي عندما هبط بزيه العسكري في مشهد مسرحي على حاملة الطائرات ابراهام لينكولن ليعلن رسميا انتهاء العمليات العسكرية في العراق لم يكن يدري ان حربه مع العراق لم تكن قد بدأت بعد وان قواته ستعاني كل هذه الويلات من المقاومة العراقية التي اصبحت تهدد الوجود الأمريكي في العراق وتهدد المستقبل السياسي لبوش خاصة وان هذه الحرب انتقلت الى داخل الولايات المتحدة نفسها عن طريق حملة شرسة يواجهها بوش من الرأى العام الأمريكي ووسائل الإعلام والديمقراطيين في الكونجرس بشأن كذب ادعاءاته حول اسلحة الدمار الشامل العراقية التي استند إليها كمبرر للحرب حتى ان الملف العراقي اصبح حاضرا بقوة على جدول الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة عام 2004 التي يخوضها بوش وهو يعاني من ضغوط الرأي العام والكونجرس وهجمات المقاومة العراقية.
حملة الهجوم على ادارة بوش تصاعدت بدعوى انه قام بتضليل الشعب الأمريكي والعالم عندما زعم في خطاب حالة الاتحاد السنوي مطلع العام الحالي ان العراق سعى الى شراء كميات كبيرة من اليورانيوم من النيجر في محاولة لتبرير شحن هجوم عسكري ضده فيما عرف بفضيحة (العراق جيت) او (النيجر جيت) التي اصبحت تلاحق الرئيس الأمريكي في كل مكان ويستخدمها معارضو الادارة الحالية وعلى رأسهم تسعة من قادة الحزب الديمقراطي الذين يتنافسون للفوز بترشيح الحزب لخوض الانتخابات الرئاسية القادمة كسلاح في مواجهة بوش ووجه هؤلاء انتقادات عنيفة وقاسية للرئيس الأمريكي وكبار اعضاء ادارته ليس فقط بسبب فضيحة المعلومات الخاطئة ولكن ايضا بسبب تصاعد الهجمات التي يشنها العراقيون ضد القوات الأمريكية هناك وزيادة الخسائر البشرية في صفوف الجنود وظهور حقيقة ان الادارة الحالية لم تخطط لمرحلة مابعد الحرب بالطريقة نفسها التي قامت بها للتخطيط للعمليات العسكرية .
حملة الديمقراطيين
ويرى المراقبون ان الازمة التي يواجهها بوش تتصل بقواعد اللعبة السياسية داخل أمريكا وإحدى اهم قواعد هذه اللعبة هي عدم قبول الكذب على الرأى العام الأمريكي وتقديم معلومات مضللة لتحقيق اغراض سياسية وهذا هو جوهر الاتهام الذي يحاول الديمقراطيون ومعارضو الادارة الحالية التركيز عليه في محاولتهم النيل من مصداقية الرئيس بوش ومحاولتهم هز شعبيته والتي بدأت تتراجع بالفعل طبقا لاخر استطلاعات الرأى في أمريكا حيث اظهر الاستطلاع الذي اجرته محطة أيه بي سي التليفزيونية وصحيفة واشنطن بوست تراجع المؤيدين للحرب ضد العراق من 70% في اواخر ابريل الماضي التالى 57% فقط حاليا وان نصف هؤلاء يعتقد ان الادارة الأمريكية تعمدت المبالغه في الادلة التي تثبت امتلاك العراق اسلحة محظورة.
وزاد من موقف بوش تعقيدا انه في التقاليد السياسية الأمريكية يتمتع خطاب حالة الاتحاد السنوي بمكانة خاصة حيث يعمل على اعداده في صورته النهائية عشرات الادارات المختلفه بما في ذلك بالطبع اجهزة المخابرات مثل ال (سي اى ايه) وال (اف بي آى) والاجهزة المماثلة التابعه لوزارات الدفاع والخارجية والبيت الابيض وتتم مراجعة كل جزء من خطاب حالة الاتحاد عدة مرات مع كل ادارة على حدة وفقا لاختصاصاتها وذلك لضمان دقة ما يرد به من معلومات ولعل هذا هو ما زاد من حرج الادارة الحالية بأن ترد المعلومات المضللة في هذا الخطاب بعد كل اجراءات المراجعة والتدقيق التي يتم اتباعها.
ولعل هذا هو ما شجع الديمقراطيين على شن حملة واسعة على ادارة بوش فطالب توم داشل زعيم الاقلية الديمقراطية في الكونجرس باجراء تحقيق موسع لكشف النقاب عن الاخطاء التي وقعت فيها المخابرات المركزية الأمريكية حول خطورة النظام العراقي السابق ومحاولاته لشراء صفقة اليورانيوم من النيجر. وقال ان اعتراف البيت الابيض بالاستناد الى معلومات غير صحيحة ووثائق مزورة يعطي سببا اضافيا لاجراء تحقيق كامل وموسع لكشف جميع الحقائق ولتحديد ما اذا كان البيت الابيض قد تلاعب بمعلومات المخابرات المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل العراقية ام لا . ويوما بعد يوم تتصاعد حملة الديمقراطيين وانتقاداتهم للادارة الأمريكية بوجه عام وللرئيس بوش بوجه خاص بسبب الاكاذيب التي احاطت بعملية حرب العراق وذلك مع تزايد المقارنات بين فضيحة (العراق جيت) وفضيحة ( ووترجيت) الشهيرة ويقول المراقبون ان حملة الديمقراطيين تستهدف منع بوش من اعادة انتخابه في انتخابات عام 2004 من خلال الابقاء على البيت الابيض في وضع دفاعي عبر اثارة الاتهامات بأن بوش ضلل الأمريكيين عندما اراد الاطاحة بصدام حسين وتركز حملتهم على كل نقاط ضعف بوش بداية من الاقتصاد والى تكلفة الحرب في العراق وصولا الى تراجع مكانة الولايات المتحدة على الساحة الدولية ويقول محللون ان الديمقراطيين بدأوا موسما مفتوحا لمهاجمة الرئيس الأمريكي موضحين ان لديهم زخيرة كبيرة لمواجهة بوش في الانتخابات القادمة.
الدفاع عن بوش
في المقابل شن دونالد رامسفيلد وزير الدفاع وكوندليزا رايس مستشارة الامن القومي حملة مضادة لمواجهة الانتقادات العنيفة التي يتعرض لها الرئيس بوش ودافع رامسفيلد ورايس بقوة عن بوش وشككا في التأكيدات الخاصة بعدم صحة مبررات الحرب وقالت رايس ان بوش لم يعد للحرب بسبب سطر واحد في خطاب حالة الاتحاد وان الولايات المتحدة شنت الحرب لعدة اسباب ولاسقاط نظام صدام حسين الذي شكل خطرا على المصالح الأمريكية في الشرق الاوسط ورفضت رايس بشدة التلميحات بأن بوش قد تلاعب بالمعلومات المخابراتية لتبرير الحرب وقال رامسفيلد ان الجدل حول هذا الموضوع قد انتهى مؤكدا ثقته في العثور على أسلحة الدمار الشامل في العراق.
|