سعدت حين قرأت في الصحف قرار إدارة مستشفى الملك فيصل التخصصي بتقديم مواعيد بدء الدوام الرسمي للأطباء والموظفين ومواعيد استقبال المرضى بحيث يبدأ الدوام عند الساعة السابعة صباحاً وحتى الساعة الخامسة عصراً بدلاً من الساعة (8-6). والسبب في هذا القرار هو ما ذكره المشرف العام على المستشفى الدكتور عبدالرحمن النعيم: (من أجل استيعاب أعداد أكبر من المراجعين للعيادات الخارجية).
وتتوقع الإدارة أن يتم خلال أسبوعين من تنفيذ القرار اضافة (2730) مراجع أي (5460) مراجع أو مريض جديد خلال شهر واحد في العيادات الخارجية..!!
وأشار القرار إلى أن الساعة التي تم نقلها من نهاية الدوام إلى بدايته لم تكن تستخدم الاستخدام الأمثل في السابق، كما تؤكد الإدارة أن تنفيذه سيؤدي إلى تخفيف قوائم الانتظار واستخدام الوقت بطريقة أفضل!! والجميل في الخبر أن هذا القرار جاء بعد استفتاء موظفي المستشفى من أطباء وإداريين وحظي بموافقة 65% وسرتني - وأجزم أنها تسركم - عبارة تخللت القرار وهي (و..... تلمس حاجة العديد من المرضى بحصولهم على مواعيد مناسبة) والخبر لا يحتاج إلى تعليق بقدر ما يحتاج هذا القرار إلى إشادة ودعاء صادق بالتوفيق للمخلصين من أبناء الوطن الحريصين بحق على (تلمس حاجة المرضى) وما أدراك ما حاجة مريض ينتظر شهوراً أو دهوراً!
تُرى كم لدينا من مدير مستشفى يتلمس حاجة المرضى للعلاج بحرصه على حضور الأطباء والموظفين حسب الدوام الرسمي وهو السابعة والنصف صباحاً بدلاً من امتداده إلى الساعة التاسعة صباحاً - وهو المعمول به حالياً - ولاسيما في بعض مراكز الرعاية الصحية الأولية؟؟!
والحقيقة أن القرار يُظهر الحاجة الماسة إلى إدارة حقيقية تنتشل الوضع المأساوي الذي تعيشه المستشفيات الحكومية في بلدنا!! بل وغالب الدوائر الحكومية التي تتقاعس عن الالتزام بالدوام الرسمي.. ولعلنا نجتهد لنشخّص السبب الحقيقي لضعف أداء المراكز والمستشفيات الحكومية الذي يعود أساساً لسوء إدارتها، وقلة التأهيل والتجربة الإدارية الكافية! ونجاح إدارة المستشفيات يُظهر في الحرص على الدقة والسرعة في الإنجاز والمتابعة والتأكيد على الجوانب الإنسانية في تعامل الأطباء والإداريين مع المرضى، فالمريض ليس بحاجة إلى خدمة طبية راقية بقدر حاجته إلى عناية طبية جيدة، وتلمس معاناته ومساعدته، فليس أكثر ثواباً من مساعدة المرضى وهم في حالة ضعف، والأخذ بأيديهم وتوجيههم والإشفاق عليهم، ومتابعتهم والاستماع إلى شكواهم، سواء في حالة عدم حصولهم على الخدمة المطلوبة أو إساءة معاملتهم، ولاسيما عند مماطلة الموظف في المواعيد، وعدم عدالتها، أو بطئها مما يجعل اكتشاف الأمراض المزمنة يأتي متأخراً مع أنه كان بالاستطاعة محاصرتها بحول الله قبل انتشارها ونخرها في أجساد المرضى!! وعليه لا بد من استشعار وإدراك معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «خير الناس أنفعهم للناس». وقوله: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته». والمسؤول الأول عن وصول الخدمة لمحتاجها هو مدير المستشفى وهي أمانة ومسؤولية؛ ومن يتنصل عنها ويتخلى عن تبعاتها فسيلقى حسابه في الدنيا والآخرة وبئس العاقبة!!
وحق لنا أن نسأل: هل نحن بحاجة إلى زيادة في أعداد المستشفيات؟ أم أن ما ينقصنا حقيقة إدارات ناجحة ترتئي العدالة وتؤدي الأمانة التي أوكلت إليها، وتشعر بالمسؤولية لقضاء جميع ساعات الدوام ودقائقه في العمل الجاد بدلاً من إزجاء الوقت باحتساء المشروبات وتناول الوجبات وإهمال متطلبات المرضى واحتياجاتهم؟؟ ومتى يمكننا القول إننا وصلنا - حقاً - إلى تحقيق الهدف وهو.. الصحة للجميع وبلا استثناءات؟!!
ص. ب 260564 الرياض 11342
|