وقفت جامداً أمام رسم الأخ هاجد يوم الجمعة 1/7/1424ه حيث بين لنا بكل سخرية أن لوحات السيارات مميزة الأرقام ثروة مهمة يجب ألا تغفل عند حصر تركة المسلم، إذ أظهر لنا على لسان مرسوم الكاريكاتير انه مبسوط لأنه ورث أربع لوحات سيارات مميزة الأرقام والمرسوم الآخر ضايق صدره لأنه لم يرث إلا الضغط والسكر وكأنه يقصد الأمراض الوراثية..
لقد عادت بي الذاكرة لمقال سبق ان سطرته عن مشكلة الطمع بالإرث والتذكير به والإيحاء بأهميته في وسائل الإعلام شعروا أم لم يشعروا، وإليك ما كتبت أناملي عن تلك المشكلة التي أرى ان الرسم امتداد لها، حاشا لله ان أقول عن الرسام ما يسوء ولكن نحن معنيون بالطرح المفيد ومعالجة الموضوع ويعد الرسم معالجة ساخرة قوية تمتد لمعاجلة أوضاع اجتماعية أخرى كنت في صغري أنظر إلى المسرحيات التي تعرض طمع الأزواج والأقارب بمال مورثيهم وأعدها ضرباً من الخيال، في كل مسلسل قصة طمع مختلفة عن الآخر، والأفراد الطامعون كما في التمثيل غالبا يكونون من الأزواج وفي الغالب تكون الضحية هي الزوجة فقط بل هي ومال مورثها قبل ان يموت، والتفكير بالإرث وانه سيؤول للزوجة ثم للزوج مشهد لا يغيب عن عروض قصص الشاشة العربية في التلفزيون العربي وخاصة المصرية منها،،، هذه الحالة الإيحائية الغريبة والمنبوذة ذوقاً وشرعاً لم تعالج بشكل مباشر في نص شرعي بدليل انها أمور حادثة جديدة..
والسؤال: هل من الممكن ان يكون بيننا من يفكر بمثل هذا الطرح الإعلامي؟ بالتأكيد ولكنهم قلة، كيف عرفتهم وكيف ترد عليهم؟ يعيش بيننا فئة مريضة تروج للطمع بأقوالها وأفعالها يذكون بها روح الأنانية لدى البعض، آثار أقوالهم وأفعالهم لم تشهد بها الساحة النبوية لحكمة يدركها الفقيه. سمعت أحدهم يقول لقريب له ما نصه: «يا سعدك، خالك عنده ملايين» المعنى ما أسعدك، زوجتك بنت رجل ثري. والخال هنا والد الزوجة وبالتالي يذكره بأنه سيغنم من أموال زوجته المحصلة بعد وفاة والدها، أعوذ بالله من هذا التفكير السخيف من هذا الرجل اللئيم.. هل تقف العبارات عند هذا الحد؟ الجواب لا، إنها تمتد إلى ما هو أوسع من هذا المرء وأمثاله بمال زوجته إلى مال والدها في مواقع وحوادث أخرى لا علاقة لها بواقع صلات النسب واختيار الزوجة، نعوذ بالله من حالهم. مثل هذه القضايا بحاجة إلى معالجة وتنبيه وتحذير ودعوة لنبذ هؤلاء وأخلاقهم ثم زجرهم وتخويفهم بالله.. أين السخرية منهم عند حديثهم وأين منابر الإسلام من أخلاقهم؟، هل سمعتم عن داء الطمع في خطب الجمعة بما يكفي لتربية هؤلاء ومن يجالسون قبل ان يستفحل الأمر بفعل الإيحاء قليل الحياء !؟، هل نسي هؤلاء أن المؤمن الذي يمتلئ قلبه بالإيمان وغيره من العقلاء يوقنون بأنهم لا يدرون أين ومتى يموتون، وأنهم يفهمون انهم لا يدرون هل يرثون أم يورثون وأنهم يعلمون بأن المال قد يبقى وقد يضيع !؟، النصوص الشرعية التي تحرم الطمع وحب الشر للآخرين معروفة مبسوطة ويقابلها أقوال الناس المشهورة بهذا الصدد مثل المال عزيز بيد صاحبه الإرث فرث أي يضيع ولا يعز بعد موت صاحبه وكما يقال: ما أتى بسهولة فإنه يذهب بسهولة والقصص الشعبية التي تحكي خوف أصحاب الأموال على أموالهم بعد موتهم بفعل الورثة معروفة لدى العامة ... هل غاب هذا كله عن هؤلاء؟، إن ابتعادنا عن المصدر الصافي سيزيد من مشاهد الطمع والجشع والأنانية والاستغلالية والتفكير المنحط، إذا غلب الإيحاء قليل الحياء. فشا فينا المرض فمتى نحارب تلك القصص في الواقع والإعلام وخاصة المرئي؟
شاكر بن صالح السليم
مدرسة عوف بن الحارث المتوسطة الرياض
|