لا أحد يناقش في الإنجازات الكبيرة التي حققتها الزيارة التاريخية للأمير عبدالله بن عبدالعزيز إلى روسيا الاتحادية وبالذات في دفع العلاقات المتنامية بين البلدين والتي ستأخذ منحى تصاعدياً إيجابياً وصولاً إلى مرحلة متقدمة تسعى إليها الكثير من الدول ذات المصالح المتشابكة، فالاتفاقيات التي وُقِّعت في اليوم الأول من الزيارة تناولت أهم ما يقرب ما بين الدول، وهي العلاقات الاقتصادية والتجارية والتعاون في المجالات العلمية والثقافية والشبابية. وقد لفت انتباه المتابعين للزيارة أن توقيع الاتفاقية النفطية بين المملكة وروسيا لا يحصر التعاون بينهما في قضايا النفط والغاز، بل يتعداها إلى كل ما يتعلق بشئون الطاقة حيث ينوي كلا البلدين إلى استثمار الخامات الأولية للبترول ومشتقاته في تحديث وتطوير توليد الكهرباء وتحليلة المياه المالحة، وهذا يعني استثمارات تتجاوز الخمسة والعشرين مليار دولار، وهذه الاستثمارات بالإضافة إلى كتلتها المالية الكبيرة تتيح للبلدين الدخول إلى آفاق علمية وتصنيعية لابد أن ترفع من مستوى إمكانيات صناعاتها وتطوير قدرات وتخصصات علماء وفنيي البلدين، وهو ما يترجم فعلياً طموح قيادتي البلدين في الوصول بالعلاقات إلى مستوى الشراكة المبنيَّة على تحقيق مصالح الشعبين، حيث ستخدم هذه الشراكة تفاهماً سياسياً ينعكس تنسيقياً لا بد أن يكون لصالح القضايا العربية والإسلامية كون روسيا إحدى أهم الدول التي تزداد هيبتها وإسهامها في معالجة القضايا الدولية، ليس فقط لأنها إحدى الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن الدولي، بل لأنها تستند إلى قوة عسكرية لا يمكن إغفالها وقدرة علمية وإمكانات اقتصادية تبحث عن شركاء أكفاء لتحقيق انطلاقة يسعى إليها الروس منذ أمدٍ طويل.
والإنجازات التي حققتها زيارة الأمير عبدالله بن عبدالعزيز تُظهر فائدة وجدوى تنوُّع وتوسُّع بناء العلاقات الإستراتيجية مع الدول وبالذات المؤثرة منها، فهي بالإضافة إلى ما تحققه من فوائد جمَّة في المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية والتجارية، تمثل تحركاً عملياً للخروج من دائرة الاستقطاب التي تحاول التضييق على دول بعينها لجعلها تدور في دائرة القطب الواحد.
كما أن تنمية العلاقات الدولية مع الدول المؤثرة تزيد من مجالات الاستفادة والتحرك سياسياً واقتصادياً وعلمياً في عصر أصبح فيه التحرك وكسب المزيد من الأصدقاء هدفاً لدوله وقياداته.
|