* بيروت الجزيرة محمد الشامي:
شهدت العاصمة اللبنانية أمس نشاطا دبلوماسيا مكثفا، شارك فيه الرؤساء الثلاثة، رئيس الجمهورية العماد اميل لحود، ومجلس النواب نبيه بري، والحكومة رفيق الحريري، إضافة إلى وزير الخارجية والمغتربين جان عبيد وعدد من الوزراء اللبنانيين.
وتركز هذا النشاط بشكل أساسي حول القضيتين الملتهبتين في المنطقة، وهما تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية والأحداث الدراماتيكية على الساحة العراقية.
وناقش المسؤولون اللبنانيون هاتين القضيتين مع الممثل الأعلى للشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، ورئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية فاروق القدومي، اللذين وصلا إلى بيروت أمس وجالا على كبار المسؤولين، حاملين ملفاتهما التي لا تخلو من تعقيدات وتوترات.
رئيس الجمهورية اللبناني عبر عن موقف لبنان من قضايا المنطقة بإشارة مبطنة إلى الولايات المتحدة في الاضطرابات التي يشهدها العراق، والانهيار المتسارع الذي تشهده خارطة الطريق بين الفلسطينيين والإسرائيليين، على خلفية عمليات الاغتيال المكثفة التي تنفذها إسرائيل ضد ناشطين فلسطينيين.
وقال لحود في هذا الصدد: «إن تعثر تحقيق السلام العادل والشامل والدائم في منطقة الشرق الأوسط، واتساع الفوضى المسلحة في العراق، يعودان إلى تزايد الجنوح إلى خيار القوة وإلى استمرار تجاهل قرارات الشرعية الدولية، التي يحقق تطبيقها الأمن والاستقرار للدول والشعوب كافة».
وأعرب الرئيس لحود أمام سولانا الذي استقبله في مقره في قصر بعبدا، عن خشيته من أن يؤدي التصعيد المستمر في الأراضي الفلسطينية، وتزايد أعمال العنف في العراق، إلى اتساع نطاق الاضطرابات، مما يغرق المنطقة من جديد في دوامة من العنف لا تنتهي.
واعتبر الرئيس لحود أن هذا الواقع المقلق يفرض على المجتمع الدولي، ولاسيما دول الاتحاد الأوروبي، التحرك بسرعة لمعالجة الوضع تحت مظلة الشرعية الدولية. وأبلغ سولانا أن لبنان متمسك بموقفه الداعي إلى تمكين الأمم المتحدة من ممارسة دورها في العراق، للإفساح في المجال أمام الشعب العراقي في تقرير مصيره ومستقبله واختيار ممثليه بإرادة حرة ومطلقة، كما اعتبر أن أمام المجتمع الدولي فرصة محدودة زمنياً للقيام بالتحرك المطلوب، داعياً إلى الضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها ضد الشعب الفلسطيني ومؤسساته الدستورية.
من جهته، نوه سولانا خلال اللقاء بأهمية التعاون القائم بين لبنان والاتحاد الأوروبي من خلال اتفاقية الشراكة، مشيرا إلى الدور الذي لعبه الرئيس لحود في تعزيز العلاقات اللبنانية- الأوروبية التي تزداد شمولية واتساعا.
وشدد على أهمية خارطة الطريق كونها الوثيقة الوحيدة الجامعة التي وافقت عليها جميع الأطراف، بما فيها الدول العربية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والأمم المتحدة، والمبادرة الوحيدة للتوصل إلى حل سلمي للأزمة، مشيرا إلى أنه سيواصل العمل في هذا الاتجاه رغم الصعوبات، خصوصا وأن تطبيق الخارطة ليس بالأمر السهل. وأكد سولانا على أهمية إعادة إحياء المسارين اللبناني والسوري وفق ما تنص عليه خارطة السلام.
وفي إشارة إلى تصريح رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات الذي وصف الخارطة بالميتة قال سولانا: «لا أريد أن أرى أيّ بيان صحافي يقول إن «خارطة الطريق» تواجه الموت، إن الخارطة حية وعلينا أن نبقيها على قيد الحياة».
أما رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية فاروق القدومي، فقد ذكر بعد لقائه المسؤولين اللبنانيين أنه جرى تقييم مواقف الدول الكبرى من المجريات التي تشهدها الساحة الفلسطينية، مشيرا إلى موقف الرئيس لحود الذي أكد على ضرورة التضامن العربي في هذه المرحلة التي تواجه فيها المنطقة مزيدا من التحديات.
وقال القدومي في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية والمغتربين اللبناني جان عبيد، إن إسرائيل دمرت خارطة الطريق من خلال بناء الجدار الأمني الفاصل ومواصلة بناء المستوطنات، وتكثيف عمليات الاغتيال لقادة فلسطينيين.
وردا على سؤال حول ما يجري على الساحة الفلسطينية من خلافات بين رئيس السلطة ياسر عرفات ورئيس الوزراء محمود عباس (أبو مازن)، نفى رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير أن يكون سبب الخلاف عزم أبو مازن تصفية الانتفاضة.
وحول من سيرأس الوفد الفلسطيني إلى اجتماعات مجلس وزراء الخارجية العرب في القاهرة، أكد القدومي أن هذا الأمر محسوم إذ انه (أي القدومي) سيرأس وفد فلسطين، نافيا وجود خلاف حول هذه المسألة بين عرفات وأبومازن.
وشدد أيضا على رفض توطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وقال: «إن التوطين مرفوض رفضا قاطعا، وعودة اللاجئين إلى ديارهم حق مشروع».
|