التأجيل الذي لجأ إليه التشريعيون الفلسطينيون لحل معضلة الخلاف بين الرئيس ياسر عرفات ورئيس الحكومة الفلسطينية محمود عباس لا يلغي المخاطر، ولا المأزق الذي وجد الفلسطينيون أنفسهم فيه.
والحل لا يمكن أن يتم عبر إسقاط حكومة محمود عباس لأن أمريكا تريد هذه الحكومة.. ولأن إسرائيل تنتظر فرصة إسقاطها لتطبيق الحل الأمريكي الذي طبق في العراق.
وقطعاً لا يمكن لأي فلسطيني حتى وإن لم يكن راضياً كل الرضا عن ياسر عرفات، أن يقبل بتجريد الزعيم الرمز والرئيس من كل سلطاته، ويبقى مجرد حامل أختام يصادق على كل ما يتخذه محمود عباس الذي تُفرَض عليه بعض القرارات من واشنطن وحتى تل أبيب.!!
هكذا يقول الفلسطينيون.. وهؤلاء الذين لا يريدون إطلاق يد أبو مازن ليسوا أناساً عاديين، بل هم من القادة التاريخيين الذين سبروا غور العمل السياسي والنضالي، ولذا فقد وجدت اعتراضاتهم صداها لدى المقاتلين الذين اقتحموا مكتب رئيس الحكومة وضايقوه لدى وصوله إلى مقر المجلس التشريعي.
إذن ماذا يفعل الفلسطينيون تجاه هذا الموقف الصعب الذي أوصلتهم إليه حكومة شارون.. وأدى «تساهل» ولا نقول ضعف «أبومازن» في الوصول إليه؟ والرجل نفسه يعترف بالتقصير وبالأسباب، ففي خطابه أمام البرلمانيين الفلسطينيين يقول أبومازن «لا أنفي وجود ظواهر خلل في العلاقة بين مؤسسات السلطة الواحدة» وهو بحاجة إلى معالجة منهجية وفق أحكام القانون الأساسي.
وهو يرمي المسئولية على حكومة شارون بقوله: «لقد قوضوا الهدنة باتباعهم سياسة الاغتيالات وبنائهم جدار الفصل العنصري».
إذن كيف يتصرف أبو مازن وهو الذي يشدد على قوة علاقة حكومته بالولايات المتحدة الأمريكية، هل يظل «سلبياً» وهو يرى إسرائيل تحرق أوراقه وتعزله شيئاً فشيئاً عن الفلسطينيين... أم يترك رئاسة الحكومة مفسحاً المجال لشارون لتنفيذ خطته بحكم الأراضي الفلسطينية عن طريق تعيين «بريمر إسرائيلي» بعد إبعاد الرئيس عرفات إلى خارج فلسطين وغزو كل الأراضي الفلسطينية..؟!!
خيارات صعبة تواجه أبومازن مثلما واجهت البرلمانيين الفلسطينيين الذين وإن رغبوا في إسقاط الحكومة الفلسطينية إلا أنهم لا يريدون أن يكونوا «الشيول» الذي تحفر بواسطته حفرة طموحات الشعب الفلسطيني.
|