Friday 5th september,2003 11299العدد الجمعة 8 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ظاهرة تتنامى يوماً بعد يوم ظاهرة تتنامى يوماً بعد يوم
بحوث «معلبة» للبيع .. بأسعار بخسة!!

  * جدة - باسم الأحمدي:
كشف عدد من العاملين في محلات خدمات الطالب ممارسات طلاب جامعة الملك عبد العزيز بجدة في مجال نسخ وشراء بحوث علمية يقدمونها لاساتذتهم في الجامعة دون أي جهد أو تعب لتخرجهم فيما بيَّن أحد العاملين من الوافدين أنه استطاع خلال الفصل الماضي بيع أكثر من نسخة لبحث واحد على عدد من طلاب الجامعة.
وعبر آخر أنه من الممكن إذا صادفت أن الطالب من نفس الكلية أو نفس محاضر المادة فما عليه إلا أن يقوم بتغيير بعض ملامح تلك البحوث واعادة صياغتها لعدم اكتشافها من قبل أعضاء هيئة التدريس في الجامعة ويبررون ممارساتهم من أجل الحصول على الدخل والعائد المادي ويعبرون ويقولون أنه عند كتابة الأبحاث بسببها يدر عليهم المال أكثر من مجرد نسخها فقط.
نريد طالبات وليس طلاباً
غير أن أحدهم يفضل التعامل مع الطالبات أكثر من الطلاب ويعود ذلك إلى أن الطالبات يقمن بدفع مبالغ أكثر من الطلاب لأن الطلاب لديهم خلفية عن ماهية تكلفة تلك البحوث فمن الممكن على حد قوله أن يتخطى بحث مقدم متطلب تخرج إلى سعر ال 2000 ريال بينما الحد الأعلى لما يدفعه الطلاب هو في حدود ال 1000 ريال ويكون متطلب تخرج أيضاً.
أما الأبحاث التي تطلب كمتطلب لمادة معينة فأكثر المعتادين عليهم من الطلاب دون الطالبات ومن كلية الآداب وكلية الاقتصاد والإدارة ففي هذه الفئة يكون السعر أقل من السابق من البحوث متطلب تخرج على الرغم من قصرها وسهولة كتابتها ولكن هي الأكثر وتأخذ صفة الاستمرارية لديهم وكثرة الطلاب الذين يأتون إليهم، فحينما وجه إليهم سؤالاً عما اذا يعتبرون هذه الممارسات التي يتخذونها تعتبر بمثابة خدعة لأعضاء هيئة التدريس بالجامعة وإقلال لسمعة الجامعة وكذلك لطلابها فأجابوا ان هدفهم هو الحصول على العائد الذي يعيشون منه ويوفر لهم الكثير من التعب والاجهاد فهو أهون من غيره من الأعمال الشاقة التي يعملها أصدقاء لنا والأقرب إلى تخصصنا فهو يجعلنا دائمي الاطلاع والقراءة كذلك.
عامل الوقت عامل مشترك لدى الطلاب
ومن هذا المنطلق حاولت «الجزيرة» الاستفسار من الطلاب عن أسباب شرائهم للبحوث العلمية دون كتابتها وممارسة مثل تلك الأساليب فقد أجرينا أول لقاء مع «ح.ع.ح» من كلية الهندسة فأعرب انه عدم تفرغ الطالب لكتابة الأبحاث وذلك أن بعض أعضاء هيئة التدريس يتعاملون مع الطالب وكأنه لا يدرس الا تلك المادة فيغرقه في البحوث والاختبارات والواجبات فلا يجد الطالب الفرصة لكتابة البحث فيلجأ الى تلك الطريقة.
كذلك كثرة العاملين في هذا المجال وكأنهم لم يأتوا إلى السعودية إلا لهذا العمل وتأشيرة دخوله كاتب بحوث للطلاب. أيضاً لا ننسى اهمال بعض الطلاب وتكاسلهم في كتابة البحث فيجد من يكتبه له بالسعر المناسب وكذلك توجد بعض البحوث تكون مواضيعها صعبة وكذلك عدم معرفة الطالب بالمراجع المناسبة هي السبب فلا يعلم الطالب كيف وماذا يكتب؟
وكذلك اضاف الطالب «ح.ع.ح» من كلية الهندسة أن اهمال هيئة التدريس في مراجعة واعادة تقييم للبحوث المكتوبة والمقدمة من الطلاب كما أن هناك من يقول أن الأساتذة لا يقرأون البحوث ولا يطلعون عليها ولكن بمجرد تقديم البحوث ترصد الدرجة للطالب على حسب عدد صفحات البحث المقدمة، فكلما زاد عدد الصفحات زادت الدرجات مقابل تقديم البحث.
أيضاً بعض الطلاب أو كثير منهم لا يوجد في منازلهم أجهزة الحاسب بعض أعضاء هيئة التدريس في الجامعة يطلبه مكتوباً على الحاسب فبدلاً من أن ينسخه فقط يزيد له المبلغ ويكتبه بدلاً من نسخه لانه لا يكون الفرق كبيراً.
التعليم العام لم يعودنا كتابة تلك الأبحاث:
وكذلك التقت «الجزيرة» من كلية علوم الأرض مع أحد الطلاب الذي عبر عن وجهة نظره بصورة مختلفة وهو «ح.ع الحفظي» وتحدث قائلاً نحن نعرف جميعاً أن الدراسة الجامعية مختلفة ومتقدمة عن باقي المراحل الدراسية في المضمون والأسلوب حيث تعد مادتها العلمية أرقى وأكثر تركيزاً وذات خصوصية وأن أهم أساليب الدراسة في الجامعة هو ما يسمى بالأبحاث العلمية الخاصة التي يكلف بها الطلاب من قبل أساتذة الجامعة للمواد المقررة في الكليات وهو أسلوب هام وفعال في تلقي المعلومة وحيث أن بذل المجهود في البحث وتدوين المعلومة واستيعابها هو أهم ما يعتمد عليه البحث العلمي وأكبر فوائده وتشكل ظاهرة الاعتماد على المكتبات التجارية في البحوث العلمية ظاهرة في غاية السوء حيث أنها تفقد البحث العلمي أهميته ويلغي جميع ما يمكن ان يستفاد منه لدى الباحث. ولهذه الظاهرة السيئة - في اعتقادي - عدة أسباب من أهمها عدم استيعاب الطلاب الجامعيين لأهمية البحث العلمي وما يمكن الخروج به من فوائد والسبب الآخر هو الضغط الزمني المسلط على الطالب حيث أن متطلبات الاختبارات والمعامل والاستذكار تأخذ كمية غير قليلة من الزمن وبهذا تعد البحوث العلمية ضغطاً اضافياً على الطالب قد يقلل من همته في انجاز البحث، ومن الأسباب ايضاً انعدام أو صعوبة تواجد المصادر أو المراجع البحثية التي يمكن أن يعتمد عليها الطلاب ومن الأسباب كذلك اهمال المشرفين على تلك البحوث من أساتذة الجامعة في الاشراف ومراجعة تلك البحوث والتأكد من جودتها ومضمونها بل إني اعتقد أن هناك من اساتذة الجامعة الذي يطلبون مثل هذه البحوث لا يقرأون البحوث ولا يطلعون عليه بتاتاً.
قلة المصادر المرجعية من المعوقات التي تصادفنا وهذه حلولي للمشكلة
وكذلك اهتماماً من «الجزيرة» لكي تلتقي وتتنوع بعدد من طلاب الجامعة من كليات مختلفة التقت بالطالب «ر.ر.ج» من كلية الآداب التي كثر الحديث عنهم الذين هم أكبر عدد من طلاب الجامعة في الاقبال على المكتبات التجارية لكتابة ابحاثهم، وعن سؤالنا للطالب عن الأسباب وراء ممارسة هذا الأسلوب، فأجاب بأنه يلجأ الطلاب إلى عمل البحوث في المكتبات التجارية وكتابتها بدون أي مجهود مسبق يعود إلى عدة أسباب وهي كالآتي:
1- لم يتعود الطلاب على هذا العمل من البحوث.
2- فوجئ الطلاب في المرحلة الجامعية بعمل البحوث غير الاعتيادية ومصادر معلومات لم تكن موجودة قبل المرحلة الجامعية.
3- ومن الممكن أن يكون استاذ المادة لا يعطي الوقت الكافي لعمل البحث ومراجعته وتقييمه.
4- وقد يكون المكلف بالبحث لا يجد من الكتب الكافية لعمل البحث فالمشكلة الرئيسية لأغلب الأبحاث هي شح المصادر وكذلك المراجع.
وفي النهاية وضع الطالب حلولاً يأمل أن تكون الحل لتلك المشكلة وهي:
لابد من أن تكون في المرحلة المتوسطة أن يكلف الطالب بعمل بحوث لكي يتعود عليها فعندما يتعود الطالب على عمل البحوث في المراحل المتوسطة والثانوية يسهل هذا كله في كتابته لأبحاثه في المرحلة الجامعية.
لا ننسى اهمال الطالب وتقديم «سوف»
وكذلك أشار الطالب «م.س.م» من كلية الارصاد أن الأسباب كثيرة وراء هذا التصرف من لدن الطلاب وتكمن أول الأسباب في اهمال الطلاب وكثرة التسويف إلى أن يقترب الفصل الدراسي من الانتهاء ومن ثم لايجد سوى هذا الأسلوب لكي، يحل تلك المشكلة وهي يستنجد بأحد الكتبة المنتشرين في المكاتب التسويقية والغريب أن جميع الأبحاث المرغوبة تجدها لديهم ولكن الا يرى أصحاب تلك المكاتب تلك الممارسات؟ لا أعتقد أنهم لا يرونها وعتبي أيضاً على أساتذة الجامعة. الذين لا يطبقون العامل التطبيقي لكي يروا فكر ذلك الطالب ومدى استفادته من كتابته لبحث واذا كان هو الذي كتبه ام غيره كتبه له.
ويضيف الطالب «م.س.م» إن عامل الوقت لدى الطالب له الأثر الكبير فمثلاً يوجد لدينا معامل ويطلب منا عدة تقارير وباستمرار وفي نفس الوقت لدينا بعض المواد التي يطلب منا لها بحوث كمتطلب يقوم به القائمون على تلك المواد.
وعندما سئل الطالب عن أبحاث التخرج فأجاب ان السبب يعود الى تخوف الطلاب من عدم قبول تلك الأبحاث وهي عدم الثقة بالذات لدى الطلاب وهو يعود إلى عدم التعود على مثل تلك الأبحاث.
ونختم آخر لقائنا مع أحد طلاب كلية الاقتصاد والادارة وهو «ف.أ.م» قائلاً: إن في الكلية مناهج سهلة والمراجع متوفرة وهو اهمال من الطلاب ولكن في الأونة الأخيرة تغيرت الخطط الدراسية وتغيرت المناهج والمادة العلمية المدروسة من قبل الكلية ولأنها جديدة من الصعوبة ايجاد المصادر المناسبة لتلك المواد مثل الإدارة الصحية والتطوير التنظيمي على مستوى قسم الإدارة العامة وكذلك تعود صعوبة كتابة الأبحاث من الطلاب أن بعض أعضاء هيئة التدريس يطلبون أبحاثهم من مصادر أخرى مثلا عن طريق الانترنت وهو ما يجد بعض الطلاب من صعوبة في جمع مثل تلك المعلومات من هذه المصادر وكذلك اطمئنان الطلاب من عدم مراجعة الأساتذة لبحوثهم ومناقشتها وهو يحدث فقط في بحوث التخرج.
منا من يعلم بها ومنا من يغض الطرف عنها
وحرصاً من «الجزيرة» لكي تغطي الظاهرة بكامل جوانبها التقت ببعض أعضاء هيئة التدريس لدى بعض الكليات، ومن ناحيتهم أبدوا وجهة نظرهم حول تلك الظاهرة ومدى علمهم بها فقد ذهب بعض أعضاء هيئة التدريس انه في بحوث التخرج تكون لدى الطالب مادة وهي «قاعة بحث» يتم فيها استعراض البحث ومناقشته ومراجعته مع الطالب بعدة لقاءات متفق عليها من الطرفين وعن مدى علمهم بهذه الظاهرة يقولون أن الأبحاث المطلوبة كمتطلب تخرج يتم مناقشتها ولا يمكن الجزم ان هذا البحث مكتوب في المكتبات الابعد المناقشة مع الطالب. أما البحوث الأخرى من البحوث التي تقدم إلينا لمادة معينة فغالباً ما تكون أهداف تلك الأبحاث إما لمساعدة الطالب لفهم المادة أكثر بالتعمق بها والبحث عن مصادر أخرى لنفس المادة وكذلك مساعدة الطالب من ناحية أخرى فالذي لا يستطيع تعويضه في الامتحانات يعوضه في تقديم البحوث فهي تلك الأبحاث التي نجد صعوبة في مناقشتها ومراجعتها مع الطالب وهو يعود إلى عدد الطلاب الذين يدرسون المادة في الفصل الدراسي بينما مادة قاعة البحث يخصص لعدد من الطلاب في الالتقاء بهم ومناقشتهم ويخصص الوقت لهم بخلاف متطلبات المواد الأخرى التي تطلب أبحاثها للمواد الدراسية.
آثارها سوف تظهر مستقبلاً
الواقع يتم تخريج طلاب غير قادرين على بناء مجتمعهم كما يجب ولربما البعض الآخر يعلم عن تلك الظاهرة ولكن يغضون النظر عنها وعدم المبالاة لتلك الظاهرة التي سوف تظهر آثارها لاحقاً في المستقبل.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved