في الحديث الصحيح عن الترمذي انه صلى الله عليه وسلم قال: إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة احاسنكم اخلاقاً. هكذا تخلق الاخلاق الفاضلة بأصحابها حتى يصلوا إلى اعلى المنازل، وأحسن الجزاء، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء فإن الله قسم الأخلاق كما قسم الارزاق، والعاقل هو الذي يكتسب من الفضائل والأخلاق ما ليس فيه يريد بذلك زكاة نفسه ونجاتها، وما ظنكم بمؤمن يؤدي الأمانة، ويصدق إذا تحدث، ويصل الرحم، ويعرف لاهل العلم والفضل قدرهم، وينزل الناس منازلهم، مع طلاقة الوجه وحسن البشر وعفة الفرج واللسان، وإفشاء السلام، وطيب الكلام، والشجاعة والكرم، والصبر والحلم، وإطابة المطعم، والمسابقة بأنواع الطاعات، والإخلاص لله في جميع الأعمال الصالحات، وان من الوسائل المقربة إلى الله بر الوالدين وصلة الارحام والإحسان اليهم بجميع وسائل الإكرام، ومن حسن الخلق الإحسان إلى الجيران وإيصال النفع اليهم وكف الاذى عنهم، ومعاشرة الزوجة بالمعروف والإكرام والاحترام وبشاشة الوجه وطيب الكلام، ومنها ايضا نظافة الجسم والثوب من الاقذار والاوساخ ونظافة القلب من الغل والحسد، والكبر والنفاق وسيء الاخلاق.
إن من الوسائل المقربة إلى الله التحلي بالحياء الذي هو محاسن الاخلاق، فهو يمنع صاحبه عن المحرمات والاخلاق المذمومة والمجاهرة بها، فمن اتصف بالحياء قاده ذلك إلى ترك القبائح وفعل الواجبات، ومن نزع منه الحياء فعل ما يشاء وقال ما يشاء، ومن هنا قال صلى الله عليه وسلم: إن مما ادرك الناس من كلام النبوة الأولى: اذا لم تستح فاصنع ما شئت.. رواه البخاري.
قال عمر رضي الله عنه: من استحى اختفى، ومن اختفى اتقى، ومن اتقى وقى.. فأين الحياء الحقيقي عمّن هجروا المساجد فهم لا يشهدون صلاة الجماعة مع سلامة اجسامهم وتوفر رزقهم، واين الحياء والغيرة والشهامة والرجولة عند من يرضى لنفسه واهل بيته بأن يسمعوا ويشاهدوا ما يعرض ويبث من أمور تنافي الحياء وتناقض محاسن الأخلاق، اين عمّن يجاهر بمعصيته بسماع الغناء، او اكل الربا او يفختر بطول لسانه وبذائته فينال من اعراض الصالحين من عباده والغيورين على دين الله.
|