Friday 5th september,2003 11299العدد الجمعة 8 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

نبض المداد نبض المداد
داعي الأمر بالمعروف والنهي بين القوة والضعف
أحمد بن محمد الجردان

عندما يغيب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن واقعك الشخصي أو على أقل الأحوال عندما يضعف تجد في نفسك ضعفاً وخوراً يزداد بازدياد ذلك الضعف والغياب للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما تجده في نفسك من ضعف وخور ربما لا يتجلى لك إلا عندما تكون على محك الحلال والحرام والمسموح والممنوع والخير والشر، فإن كان داعي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في نفسك داعي قوة تجد نفسك بطوعها ملتزمة بالحلال ملتزمة بالبعد عن الحرام، قريبة إلى المسموح بعيدة عن الممنوع، ومستأنسة بالخير، جافلة عن الشر، وهكذا!! فعلى سبيل المثال إذا نادى المنادي للصلاة وأحدنا في فراشه نائم أو لم ينم بعد تجده يهب لأداء الصلاة مع الجماعة رغم لذة المنام ودفء الفراش، فذلك رجل نفسه لم تضعف، بل هي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، أما لو كانت حالته هي الأخرى فستجده قد أخلد إلى الأرض واتبع هواه، فصارت نفسه قد ضعفت بضعف داعي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر!!
وكذلك إذا كانت العين ترى جمالاً لا يحل لها أن تراه، فإن أطالت النظر واتبعت النظرة النظرة فقد ضعف داعي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لديها وإن غضت الطرف فقد قوي ذلك الداعي، ولعلنا نقف مع هذا الموقف وقفة يسيرة نستلهم منها الدروس والعبر والمثال الحي لما نحن بصدد الحديث عنه فقد روى ابن عباس - رضي الله عنه - (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتماً من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه وقال «يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده» فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ خاتمك انتفع به فقال لا والله لا آخذه أبداً وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم).
رواه مسلم، والشاهد هنا قوله «والله لا آخذه أبداً وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه مسلم، والشاهد هنا قوله «والله لا آخذه أبداً وقد طرحه رسول الله»، فمن هذا الحديث يتضح لنا مدى تلك القوة وذلك التأثير في استجابة تلك النفس لداعي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وثمة موقف آخر تتجلى فيه قوة داعي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فعن ابن عمر رضي الله عنه، قال: «اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم خاتماً من ذهب فقال النبي صلى الله عليه وسلم (إني اتخذت خاتماً من ذهب) فنبذه وقال: (إني لن ألبسه أبداً) فنبذ الناس خواتيمهم» رواه البخاري، والشاهد هنا (فنبذ الناس خواتيمهم) والكتاب والسنّة مليئان بتلك الصور الرائعة التي تتجلى فيها قوة داعي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأثره البالغ في النفس!!
الحديث كما قيل ذو شجون لكن النفس في الغالب بين مد وجزر، فحين تجدها مكبلة بالشهوات قد ضعف فيها داعي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكنه لم يختف ولم يمح، بل هو متأصل فيها لكن عليه شيء من الران، وحيناً آخر تجدها حرة طليقة من أسر الشهوات قد قوي فيها ذلك الداعي، وما دام أن النفس المسلمة في الحقيقة بهذه الأصالة وهذا النقاء وهذا الصفاء، ثم سؤال يطرح نفسه ما دورنا في استمرار النفس المسلمة في توهجها المنضبط والمستجيب لداعي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما دورنا في أن تفيق تلك النفوس وتزيل الغبار من جوانبها والران من رحابها فيقوى ذلك الداعي فتصفو ويزول سقمها ويختفي ألمها وتصلح حالها الذي به صلاح للمجتمع.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved