* القاهرة -مكتب الجزيرة - عبد الله الحصري:
هللت وسائل الإعلام الإسرائيلية فرحاً لقرار الرئيس الأمريكي بوش تجميد أموال 6 من قياديي حركة حماس و5 مجموعات تدعم حركات المقاومة الفلسطينية، وتصريحاته التي أدان فيها حركة حماس ووصفها بأنها حركة إرهابية، مطالباً العالم باعتبارها حركة إرهابية يجب محاربتها.
كان الرئيس الأمريكي جورج بوش قد قرر تجميد أموال 6 من قادة حماس وهم الشيخ أحمد ياسين زعيم الحركة ومؤسسها وخالد مشعل رئيس الجناح السياسي للحركة وعماد العلمي مسؤول مكتب دمشق وموسى أبو مرزوق رئيس الجناح السياسي للحركة سابقاً وعبد العزيز الرنتيسي أحد القياديين الكبار في الحركة.
أما المنظمات التي قرر بوش تجميد أرصدتها: جمعية مساعدة الفلسطينيين في فرنسا وجمعية مساندة الفلسطينيين في سويسرا وصندوق الإغاثة والتنمية في بريطانيا وجمعية مساعدة الفلسطينيين في النمسا وجمعية الإغاثة والتنمية في لبنان، والتي تقدم خدمات اجتماعية وصحية وتربوية للاجئي مخيم عين الحلوة أكبر المخيمات الفلسطينية بلبنان والذي يعيش فيه حوالي 70 ألف لاجئ.
ويطرح قرار بوش تجميد أموال وأرصدة قياديي حماس ومنظمات أنشئت لمساعدة الفلسطينيين عدة تساؤلات: لماذا يلجأ بوش إلى تجميد أموال المسلمين فقط سواء كانوا دولاً أو أفراداً وهو المسلسل الذي زاد بشكل فج منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر؟ ولماذا يضع المسلمون والعرب أموالهم في دولة تقوم بسرقة أموالهم عبر تجميدها؟ ولماذا لم يستوعب المسلمون الدرس ويقوموا بسحب أموالهم في ظل القرارات المستمرة بتجميد الأموال؟
وقد دعا خبراء الاقتصاد العرب والمسلمين إلى سحب أرصدتهم من الولايات المتحدة خوفاً من تجميدها في إطار حملة أمريكا لمكافحة ما تسميه «الإرهاب»، مع تغيير أسلوب التفكير في التعامل السياسي والاقتصادي والأمني مع أمريكا، لوجود خطورة على تلك الأرصدة في ظل القوانين الجديدة التي صدرت بالولايات المتحدة عقب أحداث 11 سبتمبر، وبعد زيادة حالات تجميد مصادرة أرصدة المسلمين.
وكانت صحيفة «فايننشيال تايمز» البريطانية قد كشفت في أغسطس 2002 أنه بعد تزايد الدعوات داخل أمريكا لتجميد أرصدة أثرياء سعوديين، قام مستثمرون سعوديون بسحب حوالي 200 مليار دولار من استثماراتهم في الولايات المتحدة. وتكمن الخطورة في أن 1000 من أقارب ضحايا 11 سبتمبر قد طالبوا بتعويضات التي يطالب بها أقرباء الضحايا بأكثر من 116 تريليون دولار.
ورغم أن البعض يرون أن القضية ستأخذ سنوات من الدراسة والبحث والإعداد والرد حتى تلفظ أنفاسها الأخيرة، وتندثر كما حدث مع العديد من القضايا المشابهة في السابق إلا أنهم حذروا من الاستهانة بها.
الثروات العربية
ويزيد حجم الأصول، والموجودات، والثروات العربية في البنوك الموجودة خارج الوطن العربي على تريليون دولار «أي ألف مليار دولار» وهي ثروات مملوكة لأفراد، وحكومات، وشركات، وتمثل مجال أعمال خصب وكبير للبنوك العالمية، خاصة الامريكية. وتشعر الدوائر العربية بالقلق من إسراف السلطات الامريكية في التدقيق في الحسابات المصرفية الخارجية ذات الأصل العربي مما قد يدفعهم إلى البحث عن أماكن أخرى بخلاف البنوك الامريكية لتجنب هذا التدقيق الذي يثير الضيق.
وتعتبر منطقة الشرق الأوسط أكبر حجم أعمال لمجموعة شركة سيتي جروب التي تعتبر أكبر شركة خدمات مالية في العالم خارج مركزها في جنيف بالنسبة للعمليات المصرفية في اوروبا والشرق الأوسط وافريقيا، ومنذ هجمات سبتمبر 2001زاد التنافس بين المجموعات المالية علي اجتذاب الأموال العربية.
وقد انضمت «150» دولة ووكالة للقانون الأمريكي الصادر في 23 سبتمبر 2001 وامتد أثره لتجميد أصول أموال ومنع التعامل مع مصارف، وشمل ذلك نحو 200 جماعة وهيئة وفرد .. وقامت دول عربية بتعديل قوانينها لتمنع تمويل الإرهاب وفقاً للرؤية الامريكية والتي اعتبرت فيما اعتبرت مساعدة أسر شهداء فلسطين «تشجيعاً للإرهاب !».
واشنطن تسرق أموال المسلمين
وبينما وصف الشيخ أحمد ياسين زعيم حركة حماس الرئيس بوش بالغباء، فإن حماس اعتبرت قرار تجميد أموال ستة من كبار قيادييها ومنظمات أخرى بمنزلة حملة أمريكية صهيونية موجهة ضد الإسلام والمسلمين.
واتهم عبد العزيز الرنتيسي أحد أبرز قادة حماس الرئيس بوش بتنصيب نفسه «صهيونياً كبيراً ويعادي الإسلام»، مشيراً إلى أن إعلان واشنطن هو بمنزلة حرب على الإسلام وأن ذلك هو «سرقة لأموال المسلمين»، محذراً من أنها «ستدفع ثمن جرائمها ضد المسلمين وسيتم استرداد هذه الأموال المنهوبة».
عشرات المليارات المجمدة
ويحفل سجل تجميد أموال المسلمين بعشرات الحالات حيث تصل قيمة أموال المسلمين المجمدة الآن في امريكا وأوروبا إلى نحو 104 مليارات دولار، ففي 22/10/2002م أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية تجميد الأرصدة المالية لاثنتي عشرة شركة سودانية على رأسها الشركة السودانية للبترول والهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون وشركة الكهرباء والمؤسسة العامة لصناعة السكر وشركة البريد والبرق والمؤسسة السودانية للأسواق الحرة وشركة كوبتريد وشركة السجاير الوطنية.ولم تعط وزارة الخزانة الأمريكية أي تفسير لقرارها.
وكان الرئيس جورج بوش قد وقع على قرار يخول إدارته فرض حظر على مبيعات البترول السوداني وحجب أي قروض مالية للسودان يمكن أن تأتيه من المؤسسات المالية الدولية.
وفي بيان بعد توقيع ما سمي بقانون سلام السودان قال بوش «هذا القانون يظهر العزم الواضح للولايات المتحدة على تعزيز سلام دائم وعادل وحقوق الإنسان والحرية من الاضطهاد لشعب السودان»!! وذلك في إطار الضغط على الحكومة السودانية للإذعان لمطالب جورج قرانق الرامية إلى إنشاء دولة مسيحية داخل السودان، وبموجب القانون الذي أقره الكونجرس الأمريكي، سيقوّم الرئيس بوش كل ستة أشهر النتائج التي وصلت إليها مفاوضات السلام بين الحكومة والجيش الشعبي لتحرير السودان.
وتستطيع واشنطن إذا اعتبرت أن الحكومة السودانية لا تتفاوض بحسن نية أو أنها «تبالغ في تدخلها بالجهود الإنسانية» التي تبذل في جنوب البلاد، ان تصوت ضد إرسال معونات مالية إلى السودان والعمل على تعليق العلاقات الدبلوماسية مع هذا البلد.
تجميد أرصدة وملاحقة حسابات مصرفية في إيطاليا وإيرلندا
وفى 10/11/2001م شهدت عدة دول أوروبية عمليات تجميد للأرصدة وملاحقة الحسابات المصرفية لمنظمات وأشخاص تقول واشنطن إنهم إرهابيون، حيث جمدت إيطاليا 20 حساباً مصرفياً تلاها 94 عملية مصرفية أخرى ربما تكون مرتبطة ب«الإرهاب الدولي».
وأكدت وزارة الاقتصاد الإيطالية أن السلطات الإيطالية وضعت قائمة بأسماء 49 شخصاً ومنظمة يعتقد أن لها علاقات بما أسمته بالإرهاب، كما جمد البنك المركزي الإيرلندي ثلاثة حسابات مصرفية للاشتباه في علاقتها بأسامة بن لادن أو بمنظمات تقيم صلات معه، كما اتخذت تدابير مماثلة في كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا.
واشنطن ولندن تجمدان أموال 25 منظمة
وفى3-11-2001 جمدت بريطانيا والولايات المتحدة أموال 25 منظمة، باعتبارها منظمات «إرهابية»، كان على رأسها حزب الله اللبناني والجهاد الاسلامي الفلسطيني.
و من بين المنظمات ال 25 التي تم تجميد أموالها: حزب الله اللبناني، الجهاد الإسلامي الفلسطيني، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الجيش الجمهوري الأيرلندي، منظمة «إيتا» الأسبانية، القوات المسلحة الثورية في كولومبيا، قوات الدفاع الذاتي المتحدة في كولومبيا، مجموعة الطريق المضيء في بيرو، طائفة «أوم» في اليابان، وحزب العمال الكردستاني في تركيا، وجبهة تحرير نمور التاميل في سريلانكا... إلخ.
ومن جانبها، أكدت وزارة الخزانة البريطانية أن الحكومة جمّدت 63 مليون جنيه إسترليني موجودة في 36 مصرفاً، في إطار الإجراءات التي اتخذت بحق منظمات إرهابية أو أفراد يشتبه في قيامهم بعمليات إرهابية.
وقامت الولايات المتحدة عام 2001 بتجميد الأرصدة المالية لـ27 مؤسسة يُشتبه في ارتباطها بمنظمة القاعدة بقيادة أسامة بن لادن، على رأسها، جماعة «أبو سياف» في الفيليبين، والجماعة الإسلامية المسلحة بالجزائر، وحركة المجاهدين بكشمير، وحركة الجهاد الإسلامي في مصر.
أمريكا تجمد أموال البركة والتقوى
وفى 7-11-2001 أعلن الرئيس الأمريكي بوش تجميد أرصدة شركتين لتحويل الأموال إلى الخارج، هما «البركة» و«التقوى»، اللتان يصفهما «بوش» بأنهما قامتا بأكثر من تحويل الأموال، بل يقول الرئيس الأمريكي «إنهما تجمعان الأموال للقاعدة، وتقومان بإدارة واستثمار وتوزيع هذه الأموال».
فيما أكد «بول أونيل» وزير الخزانة الأمريكي أن 112 بلداً أصدرت أوامرها بتجميد أرصدة الإرهاب.
تجميد أرصدة منظمات ألبانية
وفي 5-12-2001 جمدت الولايات المتحدة ودائع منظمات ألبانية في مقدونيا وكوسوفا وجنوب صربيا والتي تطلق على نفسها اسم «الجيش الوطني لتحرير ألبانيا» و«اللجنة الوطنية لتحرير الأراضي الألبانية والدفاع عنها»، وهي الذراع السياسي للجيش الوطني، كما أوقفت أية معاملات مالية مع هذه المنظمات، ومنعت كل شخص يُشتبه في انتمائه إليها من الإقامة بأمريكا، وبررت واشنطن هذه الإجراءات بأن هذه المنظمات تنتهج «العنف»، وهو ما يؤدي لإضعاف الديمقراطية، وتهديد جهود السلام والاستقرار المبذولة في منطقة البلقان.
لا لتجميد الأموال
ورغم البيان الذى أصدرته المنظمات الإسلامية الأمريكية في 5/12/2001 وهي مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية، والاتحاد الإسلامي الأمريكي، والمجلس الإسلامي الأمريكي، والجمعية الإسلامية لشمال أمريكا، والحلقة الإسلامية لشمال أمريكا، والجمعية الإسلامية الأمريكية، ومجلس الشؤون العامة الإسلامية، واتحاد الطلبة المسلمين في أمريكا وكندا وطالبت فيه «جورج بوش» بمراجعة قراره الخاص بتجميد أرصدة مؤسسة «الأرض المقدسة للإغاثة والتنمية»، إلا أن بوش لم يستجب لذلك.
وقالت المنظمات: إن قرار بوش الذي تراه المنظمات الإسلامية «غير عادل، وسيكون له مردود عكسي، حيث سيؤدي إلى الإضرار بمصداقية أمريكا بين المسلمين في أمريكا وفي العالم أجمع، في حين أن أمريكا بحاجة للتعاون مع المسلمين الموجودين فيها وخارجها للقضاء على الإرهاب بمختلف صوره».
وأضافت المنظمات ان «مؤسسة الأرض المقدسة، والتي تُعد أكبر مؤسسات الإغاثة المسلمة الأمريكية، كانت لعدة سنوات هدفاً للمنظمات الموالية لإسرائيل ، والتي اتهمتها بمساندة فدائيين فلسطينيين، غير أن مؤسسة الأرض المقدسة نفت باستمرار هذه الاتهامات».
والاتهام المحدد الوحيد الذي وُجه ضد مؤسسة «الأرض المقدسة» هو وجود بعض أبناء منفذي الهجمات العسكرية بين آلاف الفلسطينيين الذين حصلوا على مساعدات إغاثية من المؤسسة المسلمة الأمريكية.
أمريكا تستولي على أرصدة العراق
وفى 27/03/2003م اعترف بنك «يو بي إس» ثاني أكبر بنوك سويسرا بقيامه بتحويل أرصدة عراقية لديه إلى الحكومة الأمريكية دون إذن من السلطات الرسمية، وذلك بعد أن جمدت الخزانة الأمريكية أرصدة العراق في 17 بنكاً أمريكياً، من بينها فرع «يو بي إس» في الولايات المتحدة، وهي أموال تبلغ حوالي 30 مليار دولار وقد اعتبر المراقبون الاقتصاديون ذلك التصرف مخالفا للقوانين السويسرية التي تمنع ذلك إلا بقرار من مجلس الأمن الدولي.
وقد جاءت استجابة بنك «يو بي إس» بعد يومين من تلقي الخارجية السويسرية في 22003/3/1 طلباً رسمياً من الحكومة الأمريكية بتجميد جميع أرصدة الرئيس العراقي صدام حسين والمقربين منه، كما شمل الطلب الأمريكي تجميد حسابات الدبلوماسيين العراقيين وجميع الودائع المتعلقة بالحكومة العراقية.
يأتي ذلك رغم أن الحكومة السويسرية قد أعلنت في مطلع شهر مارس 2003 أنه لم يثبت لديها أن صدام حسين أو أحداً من المقربين منه يمتلك حسابات خاصة في سويسرا.
وقال البنك المركزي السويسري بأن الأرصدة الموجودة تعود فقط للحكومة العراقية المسجلة في بنوك سويسرا وتقدر بـ460 مليون فرنك، في الوقت نفسه تشير تقارير بنكية أخرى أن الودائع العراقية في سويسرا ملك للحكومة العراقية وتخضع لمراقبة السلطات المسئولة، لاسيما المعاملات المالية المتعلقة باتفاق النفط مقابل الغذاء.
أستراليا تجمد أموال مؤسسة الأقصى
وفي 12003/6/6 أعلن وزير الخارجية الأسترالي «ألكسندر داونر» أن بلاده أضافت مؤسسة الأقصى الخيرية الإسلامية إلى قائمة المنظمات التي تدعو لتجميد أرصدتها البنكية لعلاقاتها بما أسماه الجماعات الإرهابية، وحظرت على الأستراليين التبرع بالأموال لهذه المؤسسة، مشدداً على «أن عقوبة مخالفات هذه الأوامر هي السجن 5 سنوات».
ورغم ان مؤسسة «الأقصى» ترعى مشاريع ذات طابع اجتماعي في عدد من المدن الفلسطينية المحتلة يستفيد منها آلاف اليتامى والأرامل والفقراء، إلا أنه بمجرد أن قالت إسرائيل والولايات المتحدة: إن لها صلة بحركة المقاومة الإسلامية حماس التي شنت عدة عمليات فدائية ناجحة ضد إسرائيل في الآونة الأخيرة ، قامت استراليا بتجميد أرصدتها.
ومن جانبها وضعت واشنطن أكثر من قائمة تضم أسماء مئات الأفراد والجماعات والمنظمات بزعم أنهم «ممولون للإرهاب» بعد الهجمات التي تعرضت لها في الحادي عشر من سبتمبر2001، ومن ضمنها مؤسسة الأقصى التي جمدت أرصدتها في شهر مايو 2003، وقالت إن لها مكاتب في ألمانيا وبلجيكا والسويد وجنوب أفريقيا وباكستان واليمن والدنمارك وهولندا.
وكانت محكمة ابتدائية هولندية في 2003/6/3 قد أصدرت حكما ابتدائيا بتجميد الأرصدة البنكية لمؤسسة الأقصى ، إلا أن مؤسسة «الأقصى» الخيرية في هولندا استنكرت هذا الحكم الذي اعتمد بالأساس على وجهة نظر الجهة المدعية وهي جهاز المخابرات الهولندي الذي لم يقدم أدلة ذات قيمة، لكي يكون قرار الحكومة الهولندية بتجميد أموال الأقصى قانونياً».
وقد كان أمراً مفاجئاً أن يأخذ القضاء الهولندي بمبدأ الأدلة السرية، الذي لم يكن معروفاً ولا معمولاً به من قبل في هولندا، وكان الهولنديون يعتقدون أنه عادة أمريكية لا يمكن أن تنتقل عدواها إلى دول أخرى خارج الولايات المتحدة.
تجميد الأرصدة يضر بثقة المسلمين
في البنوك الغربية
وأكد تقرير لمعهد الدراسات المصرفية والتأمينية الإسلامية في لندن أن قيام السلطات الغربية بتجميد أرصدة العرب والمسلمين بزعم تمويل ما يسمى الإرهاب دفع مستثمرين مسلمين إلى سحب أموالهم من الأسواق الغربية.
ووصف التحقيقات التي تقودها الولايات المتحدة في البحث عن مصادر تمويل هجمات سبتمبر2001 بأنها تعسفية وإنها أضاعت جهودا استمرت سنوات لإقامة صلات بين المصارف الإسلامية والغربية، مشيرا إلى أن المسلمين لا يشعرون بأمان الآن بشأن الاحتفاظ بأموالهم في الغرب، وأنهم بدأوا تحويل الأموال إلى دولهم.
وأوضح التقرير أن أسلوب تجميد الأرصدة يتم دون وجود لائحة اتهام ودون أي تفسير، و أن تجميد حسابات مسلمين لمجرد الاشتباه في صلتهم بمنظمات إرهابية قضى على مصداقية البنوك الغربية لدى المسلمين.
وقد أعلن مصرفيون خليجيون عن سحب بعض العرب الخليجيين جزءاً ضئيلاً من ودائعهم التي تقدر بمليارات الدولارات من البنوك الغربية في ظل المخاوف من تجميد أرصدة أخرى وعدم استقرار الأوضاع السياسية وضعف الأسواق في الغرب.
وقدر البعض المبالغ التي سحبت بنحو مليار دولار، وهي نسبة ضئيلة من الاستثمارات طويلة الأجل لمواطني الخليج في الأسواق الأمريكية والأوروبية التي تقدر بنحو 700 مليار دولار.
سحب الأموال العربية من البنوك الأمريكية
وقد قام مستثمرون عرب ومسلمون بسحب أموالهم من الأسواق الأمريكية، وتحويلها إلى أسواق بديلة داخل العالم الإسلامي، أو في دول الاتحاد الأوروبي واليابان ودول جنوب شرق آسيا، وذلك خوفاً من تجميدها من قِبل السلطات الأمريكية، على غرار ما جرى مع شركات ومؤسسات مملوكة لمسلمين متجنسين في غالبيتهم بجنسيات غربية.
وعلى الرغم من اختلاف المصادر في تقدير حجم الأموال المسحوبة من السوق الأمريكية حيث ذكر البعض أنها تصل إلى 200 مليار دولار فإن الثابت هو أن المستثمر المالي المسلم في الغرب أصبح يعيش حالة رعب حقيقية على أمواله، كما أصبح غير مستبعد لأي إجراء ظالم قد يلحق به من قِبل السلطات الرسمية، دون أن تكون لديه القدرة على مواجهته، أو تكون لدولته الأصلية القدرة على الوقوف إلى جانبه.
محاصرة العمل الخيري
وتتهم السلطات الأمريكية والأوربية منظمات العمل الخيري الإسلامي بالتغطية على أنشطة اقتصادية ومالية تابعة لتنظيم القاعدة أو تنظيمات مشابهة له، فيما يرى مسئولو هذه المنظمات أن الاتهامات الموجهة إليها تعتمد شكوكا وأوهاما لا تستند إلى أدلة حقيقية، وقد تكون في غالبيتها صادرة على أطراف ذات علاقة بالجماعات الصهيونية التي تحاول إقناع السلطات الغربية بوجود صلة بين ما يحدث في أفغانستان على سبيل المثال وما يحدث في فلسطين.
يُذكر أن الأقليات المسلمة في الغرب قد نجحت خلال العقود الخمسة الماضية في تأسيس شبكة من المنظمات والمؤسسات الخيرية، بلغ رقم معاملاتها السنوية مئات الملايين من الدولارات، وتتسم أنشطتها في الغالب بقدر كبير من المراقبة والشفافية، كما تخضع مشاريعها في الغالب إلى متابعات مستمرة من قبل السلطات في دول المقر، وهي دول غربية في مجملها.
دعم الأموال العربية للاقتصاد الأمريكي
يشير تقرير للأكاديمية العربية للعلوم إلى أن حجم الأموال العربية يتعدى سنوياً 30 مليار دولار، مؤكداً مدى أهمية الأموال العربية في دعم الاقتصاد الأمريكي والمساهمة في تعزيز الدولار، حيث تشير الإحصائيات الرسمية الأمريكية إلى أن كل مليار دولار يوظفه العرب في الاقتصاد الأمريكي يخلق 30 ألف وظيفة، وإن رؤوس الأموال العربية في أمريكا توفر 3 ،5 ملايين وظيفة، بينما تعاني معظم الدول العربية البطالة ونقص الاستثمارات.
وقال التقرير: إن 90 % من الأموال العربية في الخارج تخص رجال الأعمال من دول الخليج، وأن دول الخليج تضم 185 ألف رجل أعمال ومستثمر، يملكون حوالي 718 مليار دولار، مقابل 15 ألف رجل أعمال ومستثمر من باقي الدول العربية، تبلغ استثماراتهم وأعمالهم حوالي 78 مليار دولار.
وتأتى الحرب الأمريكية ضد ما تسميه بالإرهاب والتي أعلنها الرئيس الأمريكي في إطار التغطية على المشكلات السياسية والمالية التي تعاني منها أمريكا والإدارة الجمهورية في ظل رئاسة بوش، إضافة إلى المشكلات الاقتصادية مثل فضائح وخسائر الشركات الاقتصادية والمحاسبية التي هزت أسواق المال والأعمال داخل أمريكا وخارجها وتتابع مسلسل الخسائر والانهيارات الاقتصادية والفضائح المالية لمعظم تلك الشركات.
والأمر الأخطر من ذلك أن تلك الخسائر كانت ناتجة في معظمها من فضائح مالية وقضايا احتيال وتلاعب بالأرقام تؤكد مخالفات على مستوى غير مسبوق في تاريخ أمريكا مما يمكن اعتباره أكبر عملية احتيال في التاريخ أوجدت أزمة ثقة خطيرة، كما يضاف إلى ذلك الخسائر المترتبة على أحداث 11 سبتمبر وتداعياتها حيث قدرت حسبما أشارت إليه بعض الصحف حتى عام 2003م بحوالي 639 مليار دولار فضلاً عن فقدان مليوني وظيفة.
ويلاحظ أن أسواق المال الأمريكية تعيش أسوأ أيامها في منتصف عام 2002م وقد ارتفعت الخسائر حتى بلغت 8 ،6 تريليونات دولار.كما أشار الرئيس الأمريكي بعد تلك الخسائر والفضائح إلى أن هذه الممارسات غير المنطقية في الشركات تدعو إلى شن حملة حكومية صارمة.
لكن الحرب على الإرهاب غطت على كل ذلك بل وغطت على الفشل في الساحة الأفغانية، الفشل الذي يتأكد بمقاييس تحقيق الأهداف المعلنة قبل بداية الحرب، والتي لم تتحقق حتى الآن، وانعكاس ذلك على الحكومة والاقتصاد والشعب مما يؤكد مقولة ان «أمريكا لا تعيش دون حروب»، أو نظرية «الحروب» الدائمة.
القضية الفلسطينية
ويرى البعض أن من الأسباب الرئيسية للحملة الأمريكية على الأرصدة المالية للمنظمات الإسلامية، القضية الفلسطينية «الانتفاضة - الأقصى» دون التفريق بين المؤسسات الإسلامية الأمريكية وغير الأمريكية التى تدعم بعض المدارس والمستشفيات وأسر الشهداء والأيتام والفقراء والمساكين في فلسطين، والتي أثارت أعمالها الإغاثية المؤسسات اليهودية في أمريكا مما جعلها تثير حولها وحول العاملين فيها زوابع من الشكوك والخوف والذعر، وذلك قبل أحداث 11 سبتمبر، وبعد هذه الأحداث تم استثمارها لصالح تلك الجهات، حيث أغلقت بعض المؤسسات الإسلامية، مثل مؤسسة الأرض المقدسة للإغاثة والتنمية (holy land foundation) في ولاية تكساس وفروعها في كاليفورنيا ونيوجيرسي والينوي، وقد أشارت صحيفة الزيتونة الأمريكية إلى أن الرئيس جورج دبليو بوش أمر بتجميد المؤسسة المذكورة يوم 4/12/2001م والذي تعتبره الصحيفة هدية للحكومة الإسرائيلية وبقرار سياسي أعلن فيه الرئيس الأمريكي نفسه عن الأسباب والتي أهمها: دعم أسر وأبناء حماس والجهاد الإسلامي، وبهذا القرار غير القانوني تم إغلاق أكبر مؤسسة إسلامية على الساحة الأمريكية تقوم بدعم المحتاجين في فلسطين مع تجميد ممتلكاتها، وحدث مثل ذلك لمؤسسة النجدة الإسلامية (global relief foundation) ولنفس الأسباب، كما انتقلت الحملة إلى فلسطين حيث أغلقت مجموعتا التمويل وهما «بنك الأقصى العالمي، ومجموعة بيت المال الاستثمارية»، ومقرهما الأراضي الفلسطينية، وتبع ذلك إغلاق بعض المؤسسات المعنية بدعم الفلسطينيين في أوروبا وغيرها مثل ما حدث ل «جمعية الأقصى الخيرية» في آخن بألمانيا، في الوقت الذى أصبح فيه أكثر من 60% من الشعب الفلسطيني تحت خط الفقر بسبب الحصار العالمي على المؤسسات الخيرية المعنية بالشعب الفلسطيني.
كما أعلنت واشنطن أن حركتي حماس والجهاد منظمتان إرهابيتان وبالتالي صادرت أموالهما واستباحت دماء أعضائهما على الأقل من وجهة النظر الإسرائيلية، وشملت بتهمة الإرهاب كل من ساعد المنظمتين أو آوى أفرادهما، وهذه هي المرة الأولى التي تصنف فيها المقاومة الإسلامية رسمياً ضمن المنظمات الإرهابية بقرار يرتب إجراءات عملية لمحاولة تصفيتها.
واشنطن تجمد أموال حماس وتكافئ إسرائيل بمزيد من المعونات رغم اغتيالاتها المتكررة وهجماتها على المدن الفلسطينية.
|