المناشط الصيفية الموسمية بما فيها المهرجانات والمراكز الشبابية أفرزت ما يمكن أن يوصف بالظاهرة، فحينما نجد أن بعض المهرجانات ركزت على النواحي السياحية الترفيهية البريئة وأدخلت ضمن برنامجها مناشط تثقيفية دعوية معتدلة، نجد أن مراكز أخرى ومهرجانات أخذت في حسبانها المكاسب المادية فركزت على استحلاب جيوب المصطافين الباحثين عن المتعة والمرح داخل مدنهم، في الوقت ذاته تكون مراكز صيفية شبابية في بعض المدن والقرى قد ركزت في جدول نشاطها على الخطاب الدعوي الديني وثابرت على دعوة الشباب والناشئة للحضور والمشاركة. ولايختلف عاقلان على فضل الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، لكن الملفت أن مكبرات الصوت في تلك المخيمات قد سلمت لفتية لم يبلغوا الحد المأمول من التفقه في الدين الذي يخولهم بالتمسك بزمام الخطاب والقاء المحاضرات وادارة الندوات أمام عقول فتية تتلقف كلما يلقى من معلومة باعتبارها صادرة من الشيخ الفاضل، وفضيلة الشيخ أضحت تطلق على كل من يدلي بالنصيحة والموعظة في المسجد أو التجمع الشبابي.. وهذا في نظري يجانب الصواب، فأصحاب الفضيلة من مشايخنا وعلمائنا هم أولئك الفقهاء الاعلام المؤهلون للفتوى والاجتهاد وليس كل طالب علم -وان اجتهد- بمفتٍ وعالم، وعلى عاتق أصحاب الفضيلة الأجلاء مسؤولية وأمانة اختيار أصحاب الأهلية المتمكنين لتولي التوعية والتوجيه والإرشاد في الدين والدنيا ممن يفقهون ما يقولون ويدركون مسؤولية الكلمة ومعنى الخطاب، ولا أجد مبرراً لمن يقول أن أولئك الخطباء المبتدئون الشباب إنما هم مجتهدون، فللإجتهاد أصول وقواعد يعرفها الفقهاء والعلماء، فقد يتحول الاجتهاد الارتجالي إلى قلب عفوي للمفاهيم والمقاصد الدينية الشرعية.
|