* حوار/ إيمان التركي:
نوّه سعادة الملحق الثقافي في سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالرياض السيد مايكل مايسي بالعلاقات التاريخية الراسخة والمتينة التي تربط قيادتي وشعبي الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.
كما نوّه بالتعاون المتميز بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب العالمي.
وقال السيد مايسي خلال حواره مع «الجزيرة»: إن أحداث الحادي عشر من سبتمبر وأحداث التفجيرات الأخيرة الآثمة في الرياض لم تؤثر على التعاون الثقافي بين البلدين، بل على العكس فقد أدت هذه الأحداث إلى زيادة توثيق العلاقات الثقافية الأمريكية السعودية، مشيراً إلى أن نقص عدد المتقدمين للدراسة في الولايات المتحدة بعد هذه الأحداث يرجع فقط إلى تشديد الإجراءات في منح التأشيرات لدخول الولايات المتحدة لأسباب أمنية، مؤكداً في الوقت ذاته ترحيب الجامعات والهيئات التعليمية الأمريكية المتزايد بالطلبة نظراً لما يتمتعون به من اجتهاد وخلق رفيع. وإليكم نص الحوار..
التشديد في منح التأشيرات ساهم في نقص عدد الدارسين السعوديين.. والطالب السعودي يتميز بالمثابرة والخلق الرفيع
* سعادة الملحق الثقافي.. هل هناك قوانين أو لوائح تلزم المسلمين بكيفية ممارسة شعائرهم الدينية بعد 11 سبتمبر؟
- إن سياسة الدستور الأمريكي تمنح الحق للمواطن أيا كانت ديانته في ممارسة شعائره الدينية بكل تقدير واحترام ولا توجد أي قرارات تنص على كيفية ممارسة الشعائر الدينية بمختلف أديانها على أراضيها وهذه القرارات تنطبق على السلطات الحكومية، حيث يوجد هناك أماكن مخصصة للمسلمين داخل نطاق أعمالهم لأداء فرائضهم الدينية اليومية.
ويأتي هذا التعاون بين الحكومة الأمريكية والمقيمين من الجاليات بمختلف أديانها وجمعيات خيرية «مؤسسات غير حكومية» بسبب تزايد الهجرة المستمرة وتقوم هذه الجمعيات بإنشاء مساجد ومدارس وإيجاد جو يناسب هذه الأديان بدون أي تدخل أمريكي والحكومة الأمريكية تعفي هذه الجهات من الضرائب وذلك ضمن المساندة غير المباشرة من الحكومة.
وأذكر أن في طفولتي لم يكن في المنطقة التي أسكنها جامع واحد بالرغم من وجود مسلمين فيها ولكن الآن بعد مرور أربعين عاماً أصبح في تلك المنطقة جامعين كبيرين. وهذا ما يجعلنا نؤمن بأن الإسلام أسرع الأديان نمواً وانتشاراً في الولايات المتحدة اليوم واستناداً لقولي هذه الاحصائيات الجديدة التي تؤكد وجود 1209 مسجد بنيت خلال السنوات العشرين الماضية بالإضافة إلى تزايد المعتنقين للدين الإسلامي حيث زادت النسبة بين الأمريكيين من 17% إلى 30%.
التنوع العرقي
* كيف تأقلمت الجاليات المسلمة مع الشعب الأمريكي وكيف كانت صيغ التعايش الاجتماعي هناك؟
- تعتبر الجاليات العربية والإسلامية جديدة نسبياً على المجتمع الأمريكي على الرغم من وجودها هناك قبل ثمانين عاماً وتسعى تلك الجاليات إلى التضافر والتكاتف فيما بينهم والتأقلم مع المجتمع الأمريكي من الناحيتين الثقافية والسياسية ولا ننسى أن هذه الجاليات وحتى المجتمع الأمريكي لديهم تنوع عرقي، ولنأخذ مثالاً بسيطاً على ذلك التنوع في الجنسيات في المدارس والجامعات والأماكن العامة وهذا يعطي المسلمين ثقلاً مميزاً بما لديهم من عادات وثقافات.
وأحب أن أذكر نقطة معينة هي أن أغلب المسلمين هناك متعلمون وهذا يعكس مدى الخطوات الإيجابية لديهم والذي يعد شيئاً مميزاً لهم يثمنه الأمريكيون. ولذلك فهم يمارسون وظائف شتى في جميع الميادين سواء القطاع الخاص أو الحكومي، فهناك الطبيب، والمعلم والمحامي والسياسي ورجل الأعمال ولا يسعى المسلمون المهاجرون إلى معرفة كيفية الترابط والعمل مع بعضهم البعض بصورة فعالة وحسب، بل يواجهون أيضاً مسألة كيفية الالتحام مع المجتمع الأمريكي المسلم منهم.
* ما الجهة الحكومية المختصة في عملية الوصل بين هذه الجاليات والشعب الأمريكي؟
- بالنسبة للحكومة فهي تنحى جانباً لنترك مثل هذه الأمور للمؤسسات غير الحكومية التي تتولى دعم هذه البرامج لتعطي الفكرة الكافية لثقافتهم وعاداتهم وصد أي هجوم خاطئ عن الإسلام سواء في الصحف أو من الأفراد وهناك من يقصد هذه المؤسسات ليس بشرط اعتناق الإسلام، بل للمعرفة والإطلاع.
معرفة الإسلام
* يقولون إن تعاليم الإسلام كانت ضبابية بعض الشيء لدى الأمريكان قبل أحداث سبتمبر والآن ارتبط بالإرهاب كيف هي الصورة الآن؟
- منذ 11 سبتمبر ظهرت العديد من الكتب عن الإسلام والجهاد ورغم أن هذه الكتب كانت موجودة منذ زمن بعيد في أمريكا إلا أن الاهتمام قد زاد بها بعد هذه الأحداث، وعكست صورة ايجابية مشرقة دفعت الكثير من الأمريكان للتعرف عليه بشكل أوسع وتوغلت أكثر في مفهومه الحقيقي ونتج عن ذلك اعتناق الكثير للإسلام، هذا من ناحية الإيجابيات، أما السلبيات فتكمن في جهل بعض الناس في معرفة أدنى فكرة عن الإسلام وربطه بصورة مباشرة بالإرهاب وأقول إن الإسلام مكانته قوية ولا ينتمي الإرهاب إليه بأي صلة لا من قريب أو بعيد، ودليل ذلك قول الرئيس بوش إن الحرب ليست على الإسلام، بل الإرهاب.
مفهوم متناقض
* ولكن الحرب على الإرهاب خصت دولتين إسلاميتين هما أفغانستان والعراق وما زالت الألسنة تتعالى في سبيل ربط الإرهاب بالإسلام وهذا المصطلح خرجت به الولايات المتحدة منذ أول يوم لأحداث 11 سبتمبر؟
- ذكرت سابقاً بأنه لا توجد أي علاقة تجمع بين الإرهاب والإسلام ودوافع الحرب التي شنتها القوات الأمريكية على أفغانستان والعراق معروفة للجميع ولنأخذ مثلاً الحرب التي شنتها أمريكا على اليابان لم تكن سببها الديانة اليابانية وحرب ألمانيا لم تكن بهدف الأديان المسيحية وأمريكا ليس لها أي مشاكل مع أي عقائد إسلامية.
ولنرجع بالحديث عن حرب أمريكا على أفغانستان فهذه الحرب قد استهدفت تنظيم القاعدة. صحيح أن ابن لادن مسلم ولكنه إرهابي ونحن نحارب الإرهاب وحتى نكون أكثر وضوحاً فأسامة بن لادن صرح وأعلن الحرب على أمريكا وطلب من اتباعه قتل الأمريكان في كل مكان ودليل ذلك الاعتداءات على السفارات والمباني التي يوجد بها الأمريكا وغيرها من الدلائل التي تشير إلى ذلك فمن حق أمريكا أن تدافع عن نفسها.
** السيد مايكل حاصل على شهادة الماجستير في الحقوق من جامعة وسكنساث وكان رئيس قسم العلاقات العامة بالسفارة الأمريكية بمالي ومالطة ومساعد الملحق الثقافي بالسفارة الأمريكية بلندن. وله عدة مؤلفات عن جذور الثقافة الأمريكية والحرب الأمريكية في بريطانيا.
|