Wednesday 3rd september,2003 11297العدد الاربعاء 6 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الراحل الجاسر وصفحة زمان الجزيرة الراحل الجاسر وصفحة زمان الجزيرة

ذكرتني صفحة «ايام زمان» بجريدة الجزيرة بالعدد 11251 الصادر يوم السبت الموافق 19 جمادى الاولى 1424هـ عندما اعادت خبراً مفاده تعيين الشيخ عبدالرحمن بن عثمان الجاسر مديراً لمعهد الدلم العلمي بدلاً من مديره ثنيان الثنيان، وهذا الخبر الجميل نشر بعدد الجزيرة 314 الصادر في 5/8/1390هـ فأثار ذكرى قديمة عندما التحقت بهذا المعهد ودرست فيه ست سنوات تحت ادارة هذا الشيخ الفاضل.
ودارت الايام وتخرجت من المعهد وبعدها من الجامعة والتحقت بالوظيفة منذ اكثر من عشرين سنة.
وعندما خرج هذا الخبر لم تعلم الجزيرة ان صاحب الخبر تحت أطباق الثرى حيث وافاه اجله يوم الاثنين 8/8/1423هـ فقد ودعته الدلم مرتحلاً للدار الآخرة.
ذهب وذهبت معه مدرسة في الخلق والعلم والادب، كان ذا سمعة طيبة وشخصية مرموقة وتواضع جم لقد كانت حياة شيخنا الجاسر ممتعة ذات اصول عميقة يقل نظيرها فهو يحسن التعامل المثالي في جميع شؤونه واعماله.وقد وهبه الله الحكمة وتلمس الطريق السليم للتعامل مع البشر صغيرهم وكبيرهم عالمهم وجاهلهم كانت نفسه رحبة واسعة يدخلها الجميع بدون استثناء وكان في رسمياته الرجل المهيب القدير على دقائق الامور يساير الاحوال ويثني على الجهود، ويبذل ما يستطيع من بيان العلم والمعرفة كانت لقاءاته دروساً لمن يرغب التعلم والتدريب وكان يتحلى بالرزانة والهدوء والموضوعية مع سعة البال ومكارم الاخلاق كان محبوباً من الجميع لما يتمتع به من تواضع وحسن معاملة يقصده الداني والقاصي ضيافةً وسؤالاً عن علم وحل مسألة، وحتى فتوى.. كان شاعر مناسبات ذا صوت يشنف الآذان. اماماًً وخطيباً لجامع الدلم الكبير واماماً وخطيباً ايضاً للعيدين والاستسقاء. عاش معلماً ومديراً للمعهد العلمي في الدلم وبعد تقاعده فتح بابه للدروس واختير محاضراً في كلية البنات بالدلم وكان عضواً في اللجنة الاهلية بمركز التنمية الاجتماعية وعضواً في الدعوة ومستشاراً في امور البلد وكاتباً من الدرجة الاولى في صياغة المخاطبات ومؤرخاً للأحداث والنوازل.
واذا كان رحيله اصاب ابناءه وإخوته وزوجتيه ومحبيه بالخسارة الفادحة فإن المصاب اكبر لدى اهالي الدلم والخرج بفقد احد رجالها الافذاذ ان فقد العلماء ثلمة لا تسد فهم كالنجوم يهتدى بها يقول ابن القيم:


فهم النجوم لكل عبد سائر
يبغي الاله وجنة الحيوان

ويقول بشار بن برد:


الموت نقاد على بابه
جواهر يختار منها الاجود

لقد نعاه العديد من العلماء والمسئولين، وفقدته القلوب وبكته العيون فرحم الله شيخنا الفاضل:


حكم الإله جرى في سائر البشر
بأن من عاش قد يأوي الى الحفر
ويخرج المرء من دنيا الغرور ومن
دار الفناء ودار الهم والكدر
اما لدار نعيم طاب ساكنها
او دار بؤس وهذا منتهى الخطر
والناس تذكره دوماً بسيرته
بالخير والشر من بدو ومن حضر
والارض تنقص من اطراف رقعتها
كما اتى من كريم الآي في السور
واليوم نفقد حبراً من مشايخنا
من قدموا الخير والاعمال كالدرر
فالله أسأل ان يؤويه جنته
مدثراً بلباس الخز والدرر

كان غزير العلم ذا حلم وأناة يجسد صفات العلماء النابغين والعاملين المنتجين. حازماً من غير شدة ولطيفاً من غير ضعف غزير العلم متقد البديهة يفرض احترامه وحبه على من يقابله. ذا ابتسامة هادئة ويأسره التواضع المرصع بالوفاء والهيبة طيب الكلام وسيع الاطلاع عميق المعرفة والدراية بالامور العامة والخاصة يستأنس لجلوسه يتقبل الآراء وينصت اليها يعلم خاتمة الامور قبل بدئها. وان سئل عن امر افتى فيه بعلم وشرحه بوضوح لا يقبل اللبس.. كرس حياته لخدمة دينه ووطنه فكان يعم المواطن الصالح ذا تواضع وحنكة واقتدار لتولي المهام.
رحم الله الفقيد رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته {انا لله وانا اليه راجعون}.
وفي الختام اتمنى من طلابه ومحبيه وضع سيرته في كتيب يحفظ لنا مآثره وعلمه وعمله ويكون مرجعاً لمن يطلب القدوة والمثالية كما أتمنى من بلدية الدلم تسمية احد الشوارع المهمة باسمه تخليداً لذكراه العطرة كما اتمنى من ادارة المساجد تسمية احد المساجد باسمه تقديراً لمكانته وامامته وخطابته، كما آمل من تعليم البنين تسمية احدى المدارس المستحدثة في الدلم باسمه تقديراً لخدماته الجليلة في خدمة الدين والعلوم الشرعية وكل ذلك قليل من كثير نحو هذا الشيخ الجليل والعالم الكبير والقدوة الحسنة والله أسأل التوفيق وحسن الختام.
حمد بن عبدالله بن خنين
باحث بمجلة العدل - الدلم

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved