وداعاً .. فقيد حائل
سويلم الزامل السويلم / مدير بيت الطالب بحائل

مع الايمان بقضاءالله وقدره وان الموت حق.. وكل من عليها فان.. ولم يفرق الموت بين صغير وكبير غني او فقير.. لكن الرحمة لا تزال في قلب المؤمن والذكرى الطيبة هي الراسخة ما بقي الانسان. فقدت حائل قبل عدة ايام رجلاً من خيرة الرجال رجلاً عصامياً مكافحاً محبوباً من الجميع.. بمواقفه الطيبة وبسعة الصدر التي منحه الله اياها منذ ان عرفته وله اولويات يسبق الكثير بها.. مرت وفاة العزيز صالح المحيسن «أبو فهد» على الكثير متأثرين وداعين له بالرحمة والمغفرة ولم يبق لنا سوى الذكريات التي لن ينساها محبوه ومن تعاملوا معه. والكل له صاحب ولم اعرف اعداء له او شامتين او شاكين .. خيره لغيره وحياته بذل وعطاء وهدوء.كلمة حق في هذا العزيز صاحب مكتبة من اوائل المكتبات بحائل كانت وما زالت معروفة لاهل المنطقة بالمكتبة الحديثة.. عشنا صبانا معها فهي التي تجلب الصحف والمجلات للمنطقة وكنا نتسابق ونتهافت على حجزها حيث لا تصل الا بعد صدورها بيوم او يومين من الرياض او تصل من خارج المملكة كل اسبوعين يأتي عدد جديد. وكان يقابلنا ابو فهد بصدر رحب وتشجيع نادر لنا حتى مع شح النقود وقلة المصروف فقد كنا نشتري عدداً ونقرأ آخر مكافأة لنا على تنويع القراءة في وقت كانت فيه القراءة هي الوسيلة والتسلية وقتها وذلك في أواخر الثمانينات الهجرية.كان يقول لي في ايامه الاخيرة عندما التقيه صدفة بسبب مشاغل الحياة إنه لم يخرج بعد هذه السنوات التي تصل الى الاربعين في العمل المكتبي سوى بحب الناس ولم تكن من التجارة المربحة بالرغم انه لم يخف انه في البداية كان يبحث عن المال ويريد التجارة ولكنها لم ولن تدر ذهباً كما تتخيل. وامام استمراره حتى الآن في فتح المكتبة طول النهار.. يقول ان حب الناس ومعرفتهم اكتسبتها في هذا المحل ومن الصعب ان اخسرها فمن يريدني يعرف عنواني.. وهو قبل سنوات سلك مسلكاً تجارياً آخر ولكن المكتبة الحديثة ما زالت شامخة وفي مكانها القديم منذ عشرات السنين.هو رجل يقدر ويحترم لأنه لم يتغير ولم يكن قلبه حتى بعد بلوغه السبعين سوى قلب شاب في العشرين.وعزائي ان له من الابناء والذرية كراماً مثله وعزائي لكل صاحب لهذا الرجل الذي عاش مستوراً ومات محبوباً وبذكرى يتمنى كل واحد ان تكون الخاتمة لكل انسان.. فمن بقي ذكره عنواناً لاسمه بين الناس وبسيرة معطرة تلك هي وربي امنية كل الناس.