التفجيرات التي تنفذ في العراق لا تحمل سمات الأعمال الاحترافية فقط، بل إنها ترسل كذلك اشارات عديدة لا تخطئها العين ولا يغفلها المحللون والمتابعون للشأن العراقي.
فهي بالاضافة الى ما تهدف اليه من تفجير الأوضاع الأمنية، وإقلاق القوات التي تحتل العراق تسعى أيضاً إلى إرباك القوى السياسية العراقية التي تحاول الاستفادة من التغيير في العراق لبناء واقع سياسي واجتماعي جديد، ولهذا فإن الذين يقومون بهذه التفجيرات وخصوصاً الأخيرة منها بدءاً من تفجير السفارة الأردنية، مروراً بمقر منظمة الأمم المتحدة في بغداد، فتفجير النجف، ثم تفجير مقر الشرطة في حي الرصافة ببغداد الذي يقع داخل مقر وزارة الداخلية أمس الثلاثاء.
نقول إن من يقومون بهذه التفجيرات ذات النوعية العالية من التدمير والتحدي يريدون أن يثبتوا أن الامن والاستقرار بعيد عن العراق وأنهم قادرون على الوصول الى أي مكان يريدونه من سفارات ومواقع حكومية ودينية، وهدفهم هو احراج القوات الامريكية التي تمت جميع التفجيرات في الأماكن التي تقع في نطاق مسؤولياتها وهذا ما يزيد من صعوبة موقف هذه القوات التي تتعرض يومياً الى عمليات موجهة أصلا لقتل وإرهاب هذه القوات التي تفقد يومياً أكثر من شخصين حسب ما تعلنه قيادة هذه القوات رغم ان بعض التقارير تشير الى أن الارقام اكثر من ذلك.الانفلات الأمني وتواصل عمليات التفجير الكبرى والاستهداف اليومي للقوات الامريكية دفعت الأمريكيين الى التفكير في السماح للأحزاب والجماعات الطائفية بتشكيل «ميليشيات» للحراسة أو الحماية.. أو لدعم الأمن.
هذا التوجه إن صحَّ بأن هناك تفكيراً للأخذ به، يكون الخطأ القاتل الثاني الذي تقدم عليه الادارة الأمريكية في العراق بعد الخطأ السابق الذي تمثل في حل الشرطة العراقية وأجهزة الأمن السابق بدلا من تنقيتها وتهذيبها من المشكوك في تعاونهم.
وعلى الأمريكيين ان يستعلموا ما أحدثته «الميليشيات» في فوضى واحتراب في الدول التي انتشرت فيها مثل هذه التكوينات القتالية والتي تشكل اللبنة الأولى للاحتراب الداخلي.. والبداية الفعلية للحرب الأهلية ولا نريد ان يعالج الأمريكيون الانفلات الأمني بإحداث فوضى أمنية، وهو ما تريده الجماعات التي قامت بتنفيذ التفجيرات الأخيرة التي شهدها العراق.
|