الحفاوة الكبيرة..
وحرارة الاستقبال..
اللتان قوبل بهما الأمير عبدالله بن عبدالعزيز في اليوم الأول من زيارة سموه التاريخية لروسيا الاتحادية جاءت كما لو انها استباق لما كان يتوقعه المراقبون من تطابق بين الرياض وموسكو في وجهات النظر بخصوص المواضيع المطروحة للنقاش.
***
كما ان بدء اللقاءات بين الجانبين وعلى اعلى المستويات منذ الساعات الاولى لوصول ضيف روسيا الكبير وعلى مدى ساعات كثيرة، انما يأتي تتويجاً لحرصهما على بدء صفحة جديدة من العلاقات التي يؤمل بأن تكون الاكثر تميزاً في تاريخ العلاقات بين المملكة وروسيا الاتحادية ضمن التوجه الجديد في اعطاء فرص التعاون مساحة أكثر مما هي عليه الآن..
والذين استمعوا الى الخطابين المتبادلين بين الامير عبدالله والرئيس بوتين، يدركون ان روسيا وقد كانت أول دولة تعترف بالمملكة وبزعيمها الملك عبدالعزيز، هي الان مثلما كانت في الماضي في الاهتمام السعودي في توجهه نحو اقامة علاقات متوازنة وطبيعية ومفيدة لكل من الجانبين، حتى مع بقاء هذه العلاقات وعلى مدى سنوات طويلة مجمدة او خارج ما كان ينبغي أن يبذله الجانبان من جهد لإبقائها حية ونشطة ومتفاعلة لمصلحة الطرفين.
فقد اكد الرئيس الروسي
مثلما اكد ولي العهد
في خطابيهما خلال حفل الغداء الذي اقيم لضيف روسيا الكبير ظهر أمس حرص البلدين بقيادتيهما وشعبيهما على أن تكون هذه العلاقة في صورتها الطبيعية وضمن التصميم على تجنيبها كل ما قد يسيء اليها او يساعد على اعادة الفتور لها مرة اخرى.
***
ولقد ثمنا معاً ما يكنه كل بلد للآخر على المستوى الرسمي والشعبي من خصوصية في مشاعره الأخوية باعتبارهما صديقين وحريصين على انجاز اهدافهما وتحقيق مصالحهما المشتركة على النحو الذي يفيدهما ويعزز من مكانتهما كبلدين كبيرين وعظيمين.
***
ولا شك عندي ان دعوة ولي العهد للرئيس الروسي باسم خادم الحرمين الشريفين لزيارة المملكة لا تدخل ضمن تبادل المجاملات، ولا يمكن تفسيرها بغير حرص المملكة على استثمار عودة العلاقات السعودية الروسية من جديد في خلق جو من التعاون الاقتصادي والسياسي المثمر وغيرهما من المجالات لتوفير الخير لشعبي البلدين وهذا لا يتحقق إلا من خلال اللقاءات والزيارات المتبادلة.
***
ولم تكن قضية فلسطين وهي همَّ عبدالله بن عبدالعزيز الأول لتغيب عن اهتمامات سمو ولي العهد وهو يجري مباحثاته مع زعيم دولة عظمى هي روسيا، وقد كان لها على مدى تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي وقفات مشرفة في مناصرة الحق الفلسطيني وفي الانحياز إلى جانب السلام العادل والدائم، فقد ذكّر مضيفه في خطابه بذلك منتهزاً هذه الأجواء المفعمة بالمحبة والإخاء ليدعوه إلى مزيد من التأثير الفاعل الذي يصب في إحلال السلام في منطقتنا.
***
ولأن الإرهاب لا وطن له..
ويتمتع افراده وعناصره من الإرهابيين بحرية استخدام كل الجنسيات لممارسته للاضرار بالأبرياء واشاعة جو من الكراهية بين الناس والدول وبحكم ان المملكة من بين اكثر الدول تضررا منه، فقد تحدث الأمير عبدالله بن عبدالعزيز أمام مضيفه عن هذه القضية بما تستحق من شجب واستنكار، مؤكداً على ما قامت به المملكة من جهود في محاربته واستعدادها للتعاون مع الآخرين لتطويق أسبابه ومطاردة فاعليه وعناصره وتقديمهم للعدالة.
***
والزيارة التاريخية هذه، بمجملها تأخذ أبعاداً كثيرة من الأهمية سواء على المستوى الثنائي في العلاقة بين البلدين، أو من خلال تناول العلاقات الدولية بعمومها من خلال هذه المباحثات، بأمل ان تضيف القرارات والاتفاقات ما نأمله ونتطلع إليه من زيادة في المكاسب التي ستحققها زيارة سموه لروسيا الاتحادية.
|