أيام...!! وتزدحم الشوارع بالسيارات، والحافلات المحمّلة بأنفسٍ بريئة تنتظرها بوابات عبور نحو المستقبل المقلقل، المتعثر...!!!
* أيام...!! وتصطك الطرقات بأقدام تحمل أجساداً واهنة.. تترنح.. وهي تستجدي نوماً لم يأن أوانه بعد...!!
* أيام...!! ونرى بازار الحقائب المدرسية على ظهور تنأى بحملها.. وحقائب بعجلاتٍ يقودها طفل «يفحط» بها «ويخمس» أسداساً.. مهيأ نفسه لجنون القيادة...!!
* أيام...!! ويدور رحى الحديث المعتاد بين الطلبة والطالبات..
* مضت الإجازة سريعاً!!
* لم نستمتع بها بعد!!
* لم نأخذ كفايتنا من النوم!!
* أضعت الموديل المدرسي المقرر لذا داومت اليوم بفستان حفلة زواج «ابنة عم خال جدي».
* لا أدري أين وضعت الخادمة ثوبي، ولم أجد أمامي سوى هذا الشورت!!
* أين سافرتِ؟؟
* من أين اشتريتِ حقيبتك هذه؟؟
* أذكر أني رأيت حذائكِ في «تي شوز».
جلبة مقاعد مبعثرة يحاولن ترتيبها.. تسابق نحو الجلوس في المقدمة.. المؤخرة للكسالى، والمشاغبين!!
معلمة تُطِلُ برأسها من خلال فتحة الباب..
* بنات.. سجّلن في جدولكن «الرياضيات» السبت: الحصة الأولى.. الأحد: الحصة الثانية.. الثلاثاء: الحصة الأولى.. الأربعاء: الحصة الثانية.
معلمة أخرى تطل بخجل..
* بنات.. خلاص.. بدون صوت..، سجلن في جدولكن الحديث الاثنين الحصة السابعة.. التوحيد السبت الحصة السادسة.. الأربعاء الحصة السابعة.
بقيت خانات في جدولهن فارغة.. لا رغبة لباقي المعلمات في إملاء جدولهن.. «لسّه بدري».. «السنة طويلة»..
* أبله.. متى بنستلم الكتب؟؟
* مدري.. اسألوا الإدارة..!!
المساعدة لشؤون الطالبات تقرع الباب.. «يلاّ بنات صفو طابور ثنتين.. ثنتين.. وبدون صوت.. توجهن لغرفة التدبير!! لاستلام الكتب.
نفّذن ما طلبته منهن المساعدة.. وبمجرد أن استدارت حتى تفرقن، وتبعثرن.. وسحن في الطرقات إزعاجاً..!!
* أبله.. ما عطوني كتاب تفسير..!!
* «طالبة أخرى».. وأنا بعد يا أبله.. ولا كتاب مطالعة!!
* أبله كتابي طبعة 1400هـ!!
* أبله كتابي كله صفحات بيضا..!!
رنّ الجرس.. قفزت المعلمة من مكانها.. سبقتها الطالبات إلى خارج الفصل.. سيارات رُكِنَتْ أمام بوابة المدرسة بعشوائية.. وفوضوية..!!
وجوه التهبت بفعل حرارة الشمس.. وأخرى ينز منها العرق.. أعين شباب.. وشيبة تتلصص.. حافلة ازدحمت بأجسادِ طالباتٍ تفوح منهن روائح نتنة.. وجد السائق صعوبة في الوصول إلى مقود الحافلة...
وقف بعيداً عن منزل «حنان» ، اقتحمت جموع الطالبات حتى وصلت إلى مخرج الحافلة.. مدّت رجلها للنزول... كادت تقع.. علِقَت عباءتها بحديدة بارزة أسفل الحافلة.. سحبت عباءتها بقوة.. تمزق طرفها.. صرخت.. خوفاً من ردة فعل والدتها إن علمت بالأمر..!! قرعت الجرس.. دفعت الباب.. اجتازت الممر.. ألقت بجسدها على الأريكة... بعد أن قذفت بالحقيبة جانباً.. لتسقط قريباً من والدتها... استدنت الوالدة الحقيبة.. ثم ألقتها بقوة.. حيث لم تحتمل رائحة السمك المشوي المنبعثة من الكتب.
|